استوقفتني هذه الصورة النادره جدا..، التي تمثل (ملكة بغداد الجميلة لعام 1947)، واسمها رينيه دنكور، وبالتأكيد هي ملكة جمال العراق، استوقفتني صورة هذه الشابة والمناسبة التي امتلكت صفتها،وجعلتني اتأمل احوال العراق على مدى السنوات الكثيرة الماضية، سنة بعد سنة، وأركض في الشهور والايام باحثا عن اوجه الشبه، لكنني اعود لأتأمل وجه هذه الفتاة الهاديء الجميل، والكلمات التي تطرز الوشاح على صدرها، لم يهمني انتماء اسمها ولا معناه، بقدر ما همني انها عراقية وكانت في تلك اللحظة التي تم اخيارها فيها تعيش في بغداد قبل نحو ستين عاما، في بغداد او سواها من (الولايات) العراقية.
قلت لو انها الان حية ما الذي يمكن ان تقوله وهي تسترجع ذكريات تلك الايام التي كانت بغداد تتغنى بالجمال وتشرح له صدرها، وما الذي ستتذكره وهي تقرأ ملامح السنوات البعيدة على صورتها؟، ثم قلت بشيء من العموم: كم يمكن ان يتصور من عاش تلك الايام ان العراق سيقدم بعد هذه الخطوة، وكيف سيكون العراق في الالفية الثالثة، اي بعد 53 عاما من اللحظة التي كان فيها، هل يمكن لأحد ان يتخيل غير بساتين من التطور والاخضرار والزهو والجمال المتزايد، هل يمكن لأحد مهما كان متشائما ان يرسم صورة لاتمت الى الجمال بأية صلة ولا تتلون به؟.
كثيرا.. ما وقفت امام اللقطة وفكرت في ان ابتكر موضوعا يغني الفكرة التي تتميز في رأسي، ولكن لم اجد الصيغة المثلى التي يمكن ان تعبر عن الواقع الحالي وما تمتلكه الصورة من تاريخ ومعنى، والفرق بالطبع كبير بين اواخر النصف الاول من القرن الماضي واوائل النصف الاول من القرن الحالي، واذن جعلتني الحيرة اتراخى كثيرا في ان اجد ما يمنحني استرخاء طبيعيا من اجل التأمل، بل لا اخفي ان على الذاكرة تمرّ وخزات تستفزها، ولكنها تنتهي بتساؤل: اي مدينة هذه التي تمتلك في ذلك الوقت تلك الروحية المميزة وذلك المزاج الراقي لتنتج هذا الامتياز المعزز بقيم الرقي؟، سؤال الاجابة عنه سهلة جدا بالتأكيد.
التعليقات