نجحت السفارة العراقية ووزارتا الثقافة والسياحة والآثار والمركز الثقافي العراقي في بيروت نجحت في التمسك بالحق العراقي عبر المطالبة بقطعة الآثار (رأس سنطروق) من خلال اعتماد القانون والمحاكم اللبنانية من أجل إعادتها إلى المتحف العراقي.


عبد الجبار العتابي من بغداد: نقل الدكتور علي عويد، مدير المركز الثقافي العراقي في بيروت، لـ (إيلاف)، عن مصدر مطلع، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن السيدة التي كانت بحوزتها قطعة الآثار العراقية التي تمثل (رأس سنطروق) قد تنازلت صباح اليوم الجمعة 19 أيلول/سبتمبر عنها أمام قاضي المحكمة المختصة في بيروت، الذي ينظر بالقضية، مؤكدًا أنه بذلك سيتم استلام القطعة الأثرية من قبل السفارة العراقية، وإعادتها إلى بغداد قريبًا، وموضحًا أن جهودًا كبيرة ومتواصلة استمرت لأكثر من سبع سنوات بذلت من أجل إعادة (رأس سنطروق)، الذي سرق من المتحف الوطني العراقي في نيسان/إبريل عام 2003.

خيط المقابلة
وقال الدكتور علي عويد: إن للكشف عن التمثال قصة غريبة بعد سنوات من اختفائه، إذ إن المصادفة وحدها كانت وراء هذا الكشف، وذلك من خلال مقابلة تلفزيونية أجريت في قصر في لبنان، كشفت عن وجود تمثال رأس الملك سنطروق الأول العراقي.

وأضاف موضحًا: فيما كانت إحدى القنوات الفضائية العربية قبل أشهر تقدم برنامجًا عن الديكور في قصر لأحد المواطنين اللبنانيين، استرعى انتباه الأمانة العامة للإنتربول والمباحث الجنائية اللبنانية وجود رأس التمثال المسروق خلف إحدى المهندسات، التي استضافها البرنامج، وسرعان ما تم استدعاء المواطنة التي تعمل (مهندسة) مع زوجها لمعرفة من أين جاءا بالتمثال، فاعترفا أنهما اشترياه بمبلغ يعادل 275 دولارًا.

وتابع: وقد أبدى هذان المواطنان استعدادهما لتسليم التمثال، وبالفعل تسلمته القوى الأمنية اللبنانية، حيث تم الكشف عليه، والتأكد من أنه تمثال الملك سنطروق، وتمكن علماء آثار من بعثة إيطالية عملت في منطقة الحضر، من التعرف إلى التمثال، وأكدوا: (أنه عائد إلى موقع الآثار في الحضر (العراق)، ومسجل في المتحف العراقي في بغداد، تحت رقم محدد).
&
سابقة أخرى
يذكر أنه في عام 1969 قامت عصابة عربية وبتخطيط أجنبي بسرقة رأس الملك سنطروق الأول من تماثيل مدينة الشمس (الحضر) في محافظة نينوى في شمال غرب العراق، وبعد مطاردات من قبل الإنتربول في مدن عربية مجاورة للعراق، أعيد التمثال في صيف 1970، وقد وثق المخرج العراقي فيصل الياسري هذه الحادثة في فيلم سينمائي بعنوان (الرأس) إنتاج عام 1977.

يذكر أن تمثال رأس الملك سنطروق الأول (165 ـ 190 م)، يمثل (ملك الحُضر الذي انتصر على حصار الروم والساسانيين، وقاد شعبه للدفاع عن مدينتهم ومدن العرب في عمق البادية)، تمثال رأس الملك يتجسد بشعر أشعث مجعد، وتاج يتوسطه نسر مشرع الجناحين. وبعينين حادتين، رُسمتا بدقة، وذقن ملتحية، وأنف طويل كُسر جزء منه، مصنف بالمعلومات ال آتية (رجل ملتح من الحجر الكلسي، يبلغ طوله 46 سم، وعمقه 5.27 سم وعرضه 5.33 سم).

ويعود تاريخه إلى القرن الثاني بعد الميلاد، وهو مصنف من محتويات متحف بغداد (المتحف العراقي) وفي معلومات خاصة بصحيفة «السفير» اللبنانيةمرت عشرة أشهر على التعرف إلى التمثال خلال مقابلة تلفزيونية مع شخصية لبنانية، ظهرت خلالها مشاهد داخلية للمنزل، ومنها التمثال.

يذكر أن قرار مجلس الأمن رقم 1483 الخاص بالعراق تاريخ 22/5/2003 تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يفرض على الدول الأعضاء المحافظة على الآثار العراقية واتخاذ الإجراءات الممكنة كافة لإعادة الإرث الثقافي العراقي المفقود منذ تاريخ 6/8/1990 سالمًا إلى العراق.

ومعروف أن (الحضر) مدينة عربية شيّدت بحدود القرنين الثاني والثالث ق.م في البادية بين نهري دجلة والفرات، وتبعد اليوم 110 كلم جنوب غرب مدينة الموصل. كانت في البداية مستوطنة لعرب البادية شيّدت فيها مواضع لبعض الآلهة حول مجموعة من الآبار، وعرفت مملكة الحضر باسم «عربايا»، أي بلاد العرب. وأشهر ملوكها الملك سنطروق الذي لقب بملك الحضر. ازدهرت المدينة لوقوعها على طرق البادية بين العراق والجهات الشرقية والغربية في العالم القديم، وكانت مدينة مدورة اشتهرت بمتانة أسوارها الدفاعية وكذلك معابدها الضخمة المبنية من الحجر والمزينة بالتماثيل الضخمة.
&