القاهرة: أعلنت أسرة الروائي المصري جمال الغيطاني صباح اليوم الاحد وفاته عن عمر ناهز السبعين عامًا في مستشفى الجلاء العسكري في القاهرة، بعد صراع مع المرض إثر إصابته بوعكة صحية أدخلته غيبوبة لاكثر من ثلاثة اشهر.

وقالت زوجته الصحافية ماجدة الجندي لوسائل اعلام محلية إن الغيطاني "توفي صباح الاحد في مستشفى الجلاء العسكري". وكان الراحل من ابرز الروائيين الذين التفوا حول الروائي الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1988 الراحل نجيب محفوظ وخصوصًا في مجالسه الاسبوعية الشهيرة. وكان الغيطاني صاحب رواية "الزيني بركات" التي تعتبر الاهم بين اعماله الروائية ولد في بلدة جهينة في محافظة سوهاج عام 1945 وانتقل وعائلته الى القاهرة، حيث دخل معهدًا لصناعة السجاد الشرقي، الامر الذي اثر في رؤيته الجمالية للفن الاسلامي.

جوائز أدبية

وابرز مؤلفات الغيطاني الى جانب رواية "الزيني بركات" التي تحولت الى مسلسل "حكايات المؤسسة" و"متون الاهرام" و"سفر البنيان" و"اوراق شاب عاش الف عام" و"خلسات الكرى" و"المجالس المحفوظية" وغيرها. وحصل الغيطاني خلال مشواره الادبي على عدة جوائز ادبية، اهمها "النيل" ارفع الجوائز التي تمنحها مصر، وجائزة الشيخ زايد في الامارات العربية المتحدة. ونعى مجلس الوزراء الغيطاني في بيان مؤكدًا انه "ساهم بدور كبير في اثراء مجال المقال والقصة القصيرة والرواية، بأسلوبه الأدبي الفريد، ورؤيته الفكرية الواسعة".

أنشطة سياسية

وتعرض ابان ولاية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للاعتقال بضعة اشهر بسبب نشاطاته السياسية. وعمل بعدها في الصحافة ليصبح مراسلاً حربيًا في صحيفة الاخبار منذ عام 1969 ثم تولى القسم الادبي في الصحيفة. وفي عام 1993 تولى رئاسة تحرير اسبوعية "اخبار الادب" التابعة لمؤسسة اخبار اليوم منذ تأسيسها حتى بلوغه سن التقاعد. وعرف الغيطاني بتصريحاته المعارضة لبعض رموز الرئيس المصري الاسبق محمد حسني مبارك مثل وزير الثقافة الاسبق فاروق حسني وامين عام الحزب الوطني احمد عز، كما هاجم الاخوان المسلمين بعد تولي محمد مرسي رئاسة مصر. واصبح الغيطاني مؤيدًا قويًا لقائد الجيش السابق الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي الذي اطاح بمرسي في تموز/يوليو 2013. والغيطاني بين الروائيين البارزين في جيل الستينات الى جانب الراحلين محمد البساطي وخيري شلبي، بالاضافة الى صنع الله ابراهيم وآخرين.

& وكان غزير الإنتاج إذ اتبع منهجا صارما في الكتابة شبه اليومية متأسيا بنجيب محفوظ الذي اقترب منه كثيرا وألف عنه أكثر من كتاب منها (نجيب محفوظ يتذكر) و(المجالس المحفوظية). كما أصدر كتبا عن رواد في مجالي الكتابة الأدبية والصحافة منها (توفيق الحكيم يتذكر) و(مصطفى أمين يتذكر) إضافة إلى كتب يستعرض فيها علاقته بالتراث المعماري للقاهرة الفاطمية ومنها (ملامح القاهرة في ألف عام) و(أسبلة القاهرة) و(استعادة المسافر خانة.. محاولة للبناء من الذاكرة) عن قصر المسافر خانة الأثري الذي احترق تماما عام 1998.وأصدر الغيطاني أكثر من 50 عملا في القصة القصيرة والرواية والسيرة الذاتية وأدب الرحلات والمحاورات والمقال الصحفي. كما صدر له في بغداد عام 1975 كتاب (حراس البوابة الشرقية) عن الجيش العراقي.
& ومن المفارقات أن الرواية الأولى للغيطاني (الزيني بركات) والتي صدرت طبعتها الأولى في دمشق عام 1971 ظلت أكثر أعماله شهرة ويراها كثيرون أفضل رواياته وأنتجها التلفزيون المصري عام 1995 مسلسلا بالعنوان نفسه من إخراج يحيى العلمي (1941-2002). وتدور أحداث رواية (الزيني بركات) في أجواء التلصص والتآمر حيث تحالف بطلها الزيني بركات بن موسى مع المماليك بعد هزيمتهم وغزو العثمانيين لمصر عام 1517 ميلادية. وترجمها المصري فاروق عبد الوهاب إلى الإنجليزية عام 1988 وصدرت الترجمة بمقدمة للمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد (1935-2003). ومن أبرز روايات الغيطاني (رسالة في الصبابة والوجد) و(شطح المدينة) و(هاتف المغيب) و(حكايات المؤسسة) و(الرفاعي) و(وقائع حارة الزعفراني) التي أنتجها التلفزيون المصري عام 2001 في مسلسل (حارة الطبلاوي) الذي أخرجه محمد عبد العزيز. وأنتجت السينما المصرية من أعماله فيلمي (أيام الرعب) الذي أخرجه سعيد مرزوق عام 1988 بطولة محمود ياسين وميرفت أمين و(كلام الليل) الذي أخرجته إيناس الدغيدي عام 1999 وقامت ببطولته يسرا. وأنتج التلفزيون المصري عام 1992 رواية الغيطاني (حكايات الغريب) فيلما بالعنوان نفسه أخرجته إنعام محمد علي وقام ببطولته المطرب محمد منير ويتناول جوانب من أحوال مدينة السويس بين حربي 1967 و1973. ونال الغيطاني -الذي كان أول رئيس لتحرير صحيفة (أخبار الأدب) منذ صدورها عام 1993 حتى إحالته للتقاعد عام 2011- وسام الاستحقاق الفرنسي من رتبة فارس عام 1987. وحصل عام 2005 على جائزة لورباتليون لأفضل عمل أدبي مترجم إلى الفرنسية عن روايته (التجليات). ومن دولة الإمارات حصل عام 1997 على جائزة سلطان العويس كما حصل عام 2009 على جائزة الشيخ زايد للكتاب عن كتابه (رن) وهو الدفتر السادس مما أطلق عليه (دفاتر التدوين). وفي مصر نال جائزة الدولة التشجيعية عام 1980 وجائزة الدولة التقديرية عام 2007 وفي يونيو حزيران 2015 فاز بجائزة النيل في الآداب وهي أرفع جائزة تمنح في البلاد.