النظام المالي الاميركي quot; على بعد ايام من انهيار شامل quot;
نيويورك: قال الرئيس الأميركي جورج بوش الجمعة إن أزمة الرهن العقاري قد تفشت في النظام المالي الأميركي بأسره، وقد عطل ذلك تقديم القروض والتسهيلات للمستهلكين، معتبراً أن الظرف يستدعي التحرك السريع بسبب تأثير ما يحدث على كافة أوجه الحياة وتزعزع الثقة بالاقتصاد. وشدد بوش على أن الاقتصاد الأميركي quot;يواجه مخاطر غير مسبوقة تحتاج إلى إجراءات غير مسبوقة،quot; ودعا الكونغرس إلى الموافقة على تمويل خطة شراء الأصول المتعثرة التي تعرقل عمل النظام المالي، مبدياً ثقته بأن بلاده ستسترد الأموال التي تصرفها في هذا الإطار مع تحسن قيمة تلك الأصول بمرور الوقت.
وذكر الرئيس الأميركي الذي تحدث الجمعة أن حكومته كانت تفضل دائماً عدم التدخل في مسار العملية الاقتصادية، غير أن هناك ظروف تملي ذلك أحيانا، مضيفاً أن ما قامت به الإدارة الأميركية حتى الساعة كان لوقف تمدد الأزمة. وعدد بوش المرات التي تدخلت فيها إدارته خلال الأشهر الماضية لإنقاذ مؤسسات مالية ومصارف كبرى، وذلك لطمأنة المستثمرين إلى استعدادها الدائم لضمان أمن الأسواق، غير أنه حث على تعديل القوانين التي ترعى القطاع باعتبار أنها quot;كُتبت في حقبة انقضت منذ فترة طويلة.quot;
وأضاف: quot;الحكومة مصممة على حماية الاقتصاد، والأصول التي ستشتريها ستسترد قيمتها مع الوقت وسنستعيد الأموال الطائلة التي سننفقها.. لا يمكننا تحمل عدم قدرة الأميركيين على تأمين قرص للدراسة أو السكن أو العمل.quot; وتطرق بوش إلى العامل النفسي البالغ الأهمية في البورصات، فأقر بأن الثقة بالاقتصاد الأميركي quot;قد تزعزعت ويجب العمل لاستردادها.quot; وجاء خطاب بوش بعد أقل من ساعتين على خطاب مماثل ألقاه وزير الخزينة، هنري بولسون، قال فيه إن الإدارة الأميركية تحضّر quot;خطوات تكتيكية قوبة التأثيرquot; بكلفة تصل إلى مليارات الدولارات لوقف نمو الأزمة المالية في البورصات وامتدادها إلى المصارف.
وذكر بولسون أن الخطوات التي تندرج ضمن مشروع تبلغ تكلفته مئات مليارات الدولارات يهدف إلى quot;إزاحة ثقل الأصول المالية المتعثرة المرتبطة بالرهن العقاري،quot; وشدد على ضرورة أن تكون الخطة quot;ضخمة بما يكفيquot; لإحداث أثر. وكشف الوزير الأميركي إلى أن سيمضي اليومين المقبلين في التباحث مع قادة الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، لتأمين تمرير المشروع في الكونغرس، الأمر الذي يعني أن الخطوط العريضة للخطوات المقررة ستبدأ بالظهور الاثنين المقبل.
حظر بيع الأوراق المالية المستأجرة بأميركا
وكانت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية قد لجأت إلى ما وصفته quot;إجراء طارئquot; الجمعة، وحظرت المستثمرين مؤقتاً من بيع الأوراق المالية المستأجرة لـ 799 شركة مالية. الحظر المؤقت الذي يهدف إلى استعادة قيمة أسعار الأسهم المتهاوية التي زعزعت الثقة في الأسواق المالية، يبدأ سريانه مباشرة.
وتعتبر عملية الأوراق المالية المستأجرة أو ما يعرف بمصطلح quot;Short Sellingquot; أحد الآليات التي يلجأ إليها المضاربون الذين يقومون ببيع أوراق مالية لا يتملكونها أساساً بسعرها السوقي، وذلك بعد القيام باستئجارها من مستثمرين آخرين، ثم القيام بشرائها من السوق بعد أن ينخفض سعرها، ويكون الفارق ما بين صافي قيمة بيع تلك الأوراق المالية المقترضة، وتكلفة إعادة شرائها بغرض سداد هذا القرض بمثابة الأرباح الرأسمالية التي تتحقق للمضاربين باستخدام تلك الأداة.
وفي بيان قال رئيس اللجنة كريستوفر كوكس quot;اللجنة ملتزمة باستخدام كل سلاح ممكن في ترسانتها لمواجهة تلاعب الأسواق التي تهدد المستثمرين ورؤوس أموال الأسواق.quot; وأضاف أن الإجراء المؤقت سيعيد التوازن إلى الأسواق. وأوضح فوكس أن الإجراء هو واحد من عدة إجراءات تتخذها الحكومة الأميركية لإعادة الثقة وتفعيل الأسواق المالية.
الحكومة الاتحادية تعكف على برنامج لاحتواء الأزمة المالية
من جهته قال النائب الديمقراطي بارني فرانك رئيس لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الأميركي أنه يعتقد أن اقتراح قانون سيتم تفعيله ابتداءا من الأسبوع المقبل. ويأتي الإعلان في أعقاب أحداث متسارعة في الأيام الستة الأخيرة التي هزت بورصة وول ستريت عقب الأزمة المصرفية التي أطاحت باثنين من كبرى المؤسسات، ميريل لينش وليمان برذرذ، بالإضافة إلى ضخ 85 مليار دولار بشكل قرض حكومي لكبح انهيار عملاق شركات التأمين AIG.
في الغضون تكافح المؤسسات المالية لاستقطاب سيولة أو إيجاد شريك للإندماج بسبب وقف الإقراض وتراجع ثقة المستثمرين نتيجة انهيار أسواق الرهن العقاري. وكانت التكهنات بأن إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش تعمل على خطة شمولية لحل الأزمة قد دفعت بأسهم وول ستريت صعوداً حيث أقفل مؤشر داو جونز عند ارتفاع بلغ 410 نقاط الخميس.
وقال مصدر على مقرب من المباحثات حول الأزمة إن وزارة الخزانة الأميركية تبحث ومنذ quot;عدة أشهرquot; مبدأ قيام وكالة تتحمل الديون المتعثرة في المؤسسات المالية. يُذكر أن الحكومة الاتحادية وفي وضع سابق مماثل كانت قد لجأت لخطط مشابهة لإنقاذ القطاع الخاص في الثلاثينيات من القرن الماضي. وكان الاحتياطي الفيدرالي قد قرر ليل الثلاثاء عدم تعديل أسعار الفائدة، وخمسة مصارف مركزية عالمية، بجهد مشترك الخميس لتهدئة أسواق المال العالمية ودفعها نحو الاستقرار.
واتفقت المصارف المركزية الستة على ضخ سيولة نقدية كبيرة في أسواق المال، ودعم المصرف المركزي الأميركي (الاحتياطي الفيدرالي) بما يمكنه من دعم المصارف الأميركية التي يتهددها الإفلاس وانهيار أسهمها. وبلغ حجم الاتفاق الكلي 247 مليار دولار، مصدرها المصرف المركزي الأوروبي والمصرف الوطني السويسري والمصرف المركزي البريطاني والمصرف المركزي الكندي والمصرف المركزي الياباني.
التعليقات