لندن: حذرت الخزانة البريطانية الاثنين من التبعات الاقتصادية السلبية لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وذلك في تقرير اثار سيلا من الانتقادات لدى المشككين في اوروبا والذين نددوا بـ"مؤامرة" وراءه.

وقبل نحو شهرين على الاستفتاء حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الاوروبي، قدم وزير المال البريطاني جورج أوزبورن نتائج تحليل مفصل اعدته الخزانة حول كلفة البقاء في الاتحاد الاوروبي وفوائده.

وقال اوزبورن المدافع الشرس عن البقاء في الاتحاد، ان خروج بريطانيا منه قد يعرضها لـ"صدمة اقتصادية عميقة وعدم استقرار حقيقي في الامد القريب"، وستخسر كل اسرة بريطانية نحو 4300 جنيه استرليني من دخلها سنويا (5400 يورو) في الامد البعيد.

وحذر من ان "الخلاصة واضحة: مغادرة الاتحاد الاوروبي سيلحق ضررا فادحا بالاقتصاد البريطاني وبالاسر (...) اذا غادرت بريطانيا الاتحاد الاوروبي ستعاني من زيادة في الفقر الى الابد".

وفي حال صوت البريطانيون في 23 حزيران/يونيو على مغادرة الاتحاد الاوروبي، سيعني ذلك مفاوضات مكثفة بين لندن وبروكسل لتحديد اطر العلاقات الجديدة بينهما على الصعيد الاقتصادي والتجاري وتنقلات الافراد.

وعارضا للتقرير الذي اعدته الخزانة البريطانية حول مخاطر خروج بريطانيا من الاتحاد، اشار اوزبورن الى ان اتفاقا تجاريا مواتيا بين لندن والاتحاد الاوروبي في هذه الحالة سيكون "وهما"، متهما الذين يروجون لذلك بانهم "جاهلون اقتصاديا". 

عائدات ضرائب بـ36 مليارا

اعتبر خبراء الخزانة ان كلا من السيناريوهات الثلاثة المتاحة للتفاوض قد يؤدي الى نتيجة اقتصادية سيئة حتى العام 2030، مقارنة بالنتيجة في حال بقاء بريطانيا في الاتحاد. 

فقد يتراجع الناتج الاجمالي المحلي البريطاني نحو 4 في المئة مقارنة بالنسبة التي قد يسجلها اذا بقيت بريطانيا في الحضن الاوروبي وذلك في حال تم اقرار اتفاق تجارة حرة مع الاتحاد شبيه بذلك الذي وقعته النروج (ادخال المملكة المتحدة الى الفضاء الاقتصادي الاوروبي واخضاع لندن الاوروبية).

وسيكون هذا الناتج المحلي اقل حتى 7,5 في المئة إذا اكتفت المملكة المتحدة في تعاملها مع الاتحاد الاوروبي بتطبيق القواعد الاساسية لمنظمة التجارة العالمية. 

وعرض اوزبورن سيناريو ثالثا يعتبر الاكثر قبولا اذا خرجت بريطانيا من الاتحاد، يقضي بان توقع لندن مع بروكسل اتفاقية تجارة حرة شاملة مماثلة لتلك التي تم التفاوض في شأنها مع كندا في الاونة الاخيرة، مع ناتج محلي اجمالي اقل 6 في المئة في هذه الحالة. وقدرت وزارة الخزانة نسبة عائدات ضرائب لا تقل عن 36 مليار جنيه (45 مليار يورو) في حال تطبيق هذا السيناريو الاقل ضررا بين السيناريوهات الثلاثة. 

واثار تقرير الخزانة استنكارا شديدا لدى مؤيدي خروج البلاد. وعلق النائب المشكك في اوروبا والوزير السابق جون ريدوود على "بي بي سي" "يبرزون دائما الارقام السلبية وليس الايجابية لان ذلك جزء من مؤامرتهم (التي تقوم) على ابقائنا بالقوة في الاتحاد الاوروبي".

"فقدان السيادة الديموقراطية"

وعلى غرار ريدوود، يقوم العديد من مسؤولي الحزب المحافظ وبينهم رئيس بلدية لندن بوريس جونسون بحملة علنية للرحيل عن الاتحاد الاوروبي الذي يحملونه مسؤولية فائض الاجراءات البيروقراطية المسيء الى النمو وتدفق مهاجرين بشكل خارج غير السيطرة.

وانتقد جونسون في مقال نشرته صحيفة ديلي تلغراف "الجهات المعتادة" التي تسعى ال اقناع البريطانيين ب"قبول خسارة محتملة لسيادتنا الديموقراطية باسم الازدهار الاقتصادي".

وشن جونسون هجوما في المقال ذي النبرة الشعبوية على "شخصيات دافوس الذين يتكبد دافعو الضرائب كلفة سفرهم في الدرجة الاولى، وكل جهات الضغط والمكلفين بالاعمال لدى الشركات الكبرى".

في المقابل، يتصدر رئيس الوزراء وزعيم الحزب المحافظ ديفيد كاميرون حملة البقاء في الاتحاد الاوروبي وحصل الاسبوع الماضي على دعم زعيم حزب العمال والمعارضة جيريمي كوربن الذي خرج عن صمته لحث المواطين على التصويت من اجل البقاء داخل الاتحاد الاوروبي الذي يؤمن "حماية" رغم "عيوبه".

وهذا الاستفتاء الاول حول اوروبا منذ العام 1975 يثير قلق الاوساط الاقتصادية ومختلف دول العالم التي تؤيد بغالبيتها بقاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي. كما سيستغل الرئيس الاميركي باراك اوباما زيارته الى لندن في نهاية الاسبوع للتشديد على تفضيله بقاء المملكة ضمن الاتحاد.

وحتى الان، تظهر استطلاعات الراي تعادل المعسكرين.