قالت تقارير دولية إن الاقتصاد المصري يحتل المركز الثاني أفريقياً، بعد تراجع الاقتصاد في جنوب أفريقيا بشكل حاد، وأرجع خبراء اقتصاديون هذه النتائج إلى انهيار عملة جنوب أفريقيا مؤخراً أمام الدولار، بينما مازال الاقتصاد المصري قادراً على مقاومة الضغوط، لاسيما بعد تدشين العديد من المشروعات العملاقة.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: أعلنت تقارير دولية أن الاقتصاد المصري تقدم ليحتل المركز الثاني في أفريقيا بعد نيجيريا، وحصل على مكان اقتصاد دولة جنوب أفريقيا التي تعرضت عملتها "الراند" للانهيار أمام الدولار مؤخراً.

وقال صندوق النقد الدولي في تقرير له يحمل عنوان: "آفاق الاقتصاد العالمي"، إن "الاقتصاد المصري تجاوز نظيره الجنوب الإفريقي ليصبح ثاني أكبر اقتصاد في إفريقيا"، مشيراً إلى أن "تفوق مصر جاء بسبب انخفاض قيمة عملة جنوب إفريقيا "الراند"، وصارت في المركز الثالث".

وأضاف التقرير أن "عملة جنوب أفريقيا "الراند" تراجعت من 20.8 في المتوسط مقابل الدولار في عام 2012 إلى 47.12 في المتوسط عام 2015، بنسبة انخفاض زادت عن 50%".

وأوضح صندوق النقد الدولي أنه "نتيجة لذلك تراجع الناتج المحلى لجنوب إفريقيا بالدولار بنسبة 7% سنويا في السنوات الأربع الماضية"، مشيراً إلى أنه "في الوقت نفسه، توسع إجمالي الناتج المحلى لمصر بالدولار بنسبة 5.7% في الفترة نفسها، وتراجع الجنيه المصري أمام الدولار بوتيرة أبطأ مقارنة بـ"الراند".

وذكر التقرير أن هبوط أسعار البترول العالمية ألحق ضررًا بالغًا بإيرادات نيجيريا، وتسبب في نقص في العملة الأجنبية وتوقف مشروعات للبنية التحتية، وتم تسريح آلاف العمال، مشيراً إلى أن نيجيريا تعتبر أكبر دولة مصدرة للمواد الخام في إفريقيا.

ولفت التقرير إلى أن الحكومة النيجيرية، رفعت أسعار الوقود بنسبة 67%، وحثت البنك المركزي على تبنى سياسة للعملة أكثر مرونة لتحفيز الاستثمار، منوهة بأن اقتصاد أكبر دول في إفريقيا يصارع أسوأ أزمته منذ عقود.

في السياق ذاته، ذكرت مجلة "فوربس" أن &تقدم مصر في الترتيب على جنوب أفريقيا يرجع إلى المشاكل الاقتصادية والسياسية التي تواجهها جنوب أفريقيا، وتراجع عملتها.

وأضافت في تقرير لها، أنه على الرغم من تراجع اقتصاد جنوب أفريقيا، إلا أنه الأكثر تطوراً في القارة، ولها قاعدة اقتصادية أكثر تنوعاً من الاقتصاد المصري".

واستندت "فوربس" في تقريرها إلى دراسة أجرتها، شركة "كيه. بى. إم. جى"، قالت فيه إن "الناتج المحلى الإجمالي المصري، مقيماً بالدولار، زاد بمعدل 5.7% كل عام خلال الفترة من 2012- 2015، وأنه تخطى حاجز الـ320 مليار دولار".

وأفاد التقرير أن "الاجراءات التي اتخذها البنك المركزي المصري بالسيطرة على الجنيه منذ العام 2011، ساهمت في تفوق الناتج المحلى الإجمالي المصري على نظيره في جنوب أفريقيا خلال عام 2015".

ووفقاً لتصريحات الدكتور محمد علوي، الخبير الاقتصادي، فإن الاقتصاد المصري يسير بشكل جيد، مشيراً إلى أن تراجع الجنيه أمام الدولار هو "عرض مؤقت، وليس مرضا عضالا لا يمكن الشفاء منه".

وأوضح لـ"إيلاف" أن "تراجع الجنيه المصري أمام الدولار لا يعني انهياره"، لافتاً إلى أن "هناك عدة عوامل تقف وراء هذه التراجع".

وأضاف أن من أهم هذه العوامل "ظهور السوق السوداء، وسيطرتها على الدولار مؤخراً، لاسيما في ظل اقتراب شهر رمضان وارتفاع معدلات الاستيراد، بالإضافة إلى الأزمة العالمية، التي أثرت بالسلب على أرباح قناة السويس، وانخفاض معدلات السياحة".

وأشار إلى أن العملة المصرية انخفضت بمعدلات بسيطة خلال الخمسة أعوام الماضية، بينما تعرضت عملة جنوب أفريقيا للانهيار.

وحسب وجهة نظر الدكتور، محمد رمضان، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، فإن الاقتصاد المصري أكثر مقاومة للضغوط من اقتصاد جنوب أفريقيا، لاسيما أنه ليس مرتبطاً باقتصاد دول أو كيانات أخرى، فضلاً على أنه لا يعتمد على مصدر واحد للدخل القومي، فلا يعتمد على النفط أو الغاز الطبيعي، أو السياحة فقط، بل لديه تنوع كبير، ويعتمد بشكل أساسي على قناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج والسياحة.

وأضاف لـ"إيلاف" أن المشروعات الكبرى التي دشنها الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤخراً ساهمت في رفع مستوى الاقتصاد المصري، ولاسيما قناة السويس ومشروع استصلاح وزراعة 1.5 مليون فدان وانشاء شبكة الطرق القومية، فضلاً على مشروع الاسكان القومي، الذي يتضمن مليون وحدة سكنية.

ولفت إلى أن ايرادات قناة السويس "تأثرت بالأزمة العالمية لكنها لم تنهار أو تنخفض بشكل حاد، كما أن تحويلات المصريين ارتفعت بعد ثورة 25 يناير، ولما انخفضت مؤخراً، لم تنخفض بمعدلات كبيرة، كما أن السياحة انخفضت بمعدلات تتراوح من 30 و40%، ولم تغلق الفنادق أو القرى السياحية ولم تسرح العاملين بها".

وأشار إلى أن هذه التقارير تعطي مؤشرات جيدة عن الاقتصاد المصري، وتمنح المصريين الأمل في العمل وبذل المزيد من الجهد، لاسيما أن تقارير المؤسسات الدولية تبنى على أرقام وبمقاييس دقيقة جداً، ما يؤكد أن الاقتصاد المصري يسير في الطريق الصحيح.

يأتي هذا في الوقت الذي عدلت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني توقعاتها للتصنيف الائتماني لمصر إلى "سلبية" بعد أن كانت "مستقرة"، وتبقي التصنيف عند ‭‭‭‭"B-"‬‬‬‬.

وقالت الوكالة، في تقرير لها، إن "التعافي الاقتصادي في مصر سيستمر على الأرجح في التأثر بنقص العملات الأجنبية، وضغوط التمويل الخارجية والمالية، مشيرة إلى أن النظرة السلبية تعكس الرأي القائل باحتمال زيادة انكشاف مصر على المخاطر المالية والخارجية خلال الأشهر الإثنى عشر المقبلة".

وتوقعت الوكالة "تراجع النمو الحقيقي بمصر إلى 3% في 2016 بعدما ارتفع إلى 4.2% في 2015"، مشيرة إلى أن "ضبط أوضاع المالية العامة بمصر يسير بوتيرة أبطأ من المتوقع. كما توقعت أن "يؤدي انخفاض أسعار الطاقة وإجراءات زيادة الإيرادات إلى تراجع العجز بدرجة ما في السنوات القليلة المقبلة".