تحل الذكرى الأولى لافتتاح قناة السويس الجديدة وسط آمال مخيبة للجميع، جراء التراجع الكبير في إيرادات القناة رغم الوعود والتصريحات التي أطلقتها الحكومة بشأن العائد المادي للقناة إبان افتتاحها في العام الماضي.
إيلاف من القاهرة: يحتفل المصريون اليوم بالذكرى الأولى لافتتاح قناة السويس الجديدة، فقبل عام خرج الآلاف منهم إلى الشوارع حاملين الأعلام المصرية، ويرددون شعار "تحيا مصر" احتفالًا بمشروع توسعة قناة السويس، الذي أطلقت عليه اسم "قناة السويس الجديدة"، وقد وصلت تكلفة هذا المشروع &إلى حوالي 8 مليارات دولار، ساهم فيها المصريون من خلال اقتناء شهادات استثمار، لكن بعد مرور عام يبدو أن الأرقام والتوقعات لا تسير في الاتجاه المرغوب فيه.&
فقد كشف البنك المركزي المصري مؤخرًا، عن تراجع إيرادات قناة السويس للعام المالي الثاني على التوالي، رغم إنفاق 8 مليارات دولار على التوسعات الجديدة للقناة لرفع إيراداتها. وقال البنك، في تقرير حديث صدر في نهاية إبريل الماضي: "إن رسوم مرور السفن عبر قناة السويس تراجعت بما يقارب 210 ملايين دولار، أي ما يوازي ملياري جنيه خلال النصف الأول من العام المالي الجاري (2015 – 2016)؛ لتحقق ما يزيد على 2,646 مليار دولار، مقارنةً بإيرادات تجاوزت 2,857 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام السابق".&
وذكر البنك المركزي أنه بعد عام &واحد من العمل في قناة السويس الجديدة،&بدأت الإيرادات &في التراجع، حيث حققت القناة في شهر سبتمبر عقب افتتاحها مباشرة 448,8 مليون دولار مقابل 462,1 مليون دولار في أغسطس، بتراجع قدره &13,3 مليون دولار، بسبب انخفاض عدد السفن المارة في سبتمبر إلى 1515 سفينة من 1585 سفينة في الشهر السابق، وبمقارنتها بالعام الماضي فقد تراجعت بمعدل 4,6% في سبتمبر الماضي مقابل 469,7 مليون دولار في سبتمبر 2014.&
وتعرضت القناة لمؤشرات سلبية على مستوى نوعيات السفن العابرة، منها انخفاض سفن الحاويات 10%، وسفن البترول LNG SHIPS % 1,8، وسفنBULK CARR&&%2,9 ، وناقلات السيارات 13,2%.
بداية التراجع&
كما كشفت تقارير ملاحية رسمية أخرى أن التراجع &في إيرادات قناة السويس الجديدة&بدأ في أكتوبر 2015، وواصلت إيرادات القناة تراجعها للشهر الثالث على التوالي منذ افتتاحها لتسجل انخفاضًا بنحو 33,1 مليون دولار خلال شهر أكتوبر2015, محققة 449,2 مليون دولار، بتراجع نسبته 6,7%، مقارنة بنحو 482,3 مليون دولار في أكتوبر 2014، &كما تراجعت العائدات في 2016، حيث &شهدت إيرادات قناة السويس تراجعًا منذ بداية العام الجاري في شهري يناير وفبراير قبل أن ترتفع في مارس بنحو 11,8% مقارنة بالشهر السابق، وبلغت الإيرادات خلال مارس 3 مليارات و477 مليون جنيه، مقارنة بـ3 مليارات و108 ملايين جنيه في فبراير من نفس العام.&
وأشارت تقارير ملاحية إلى أن قناة السويس شهدت خلال شهر مارس عبور 1454 سفينة بحمولة 80 مليونًا و495 ألف طن، مقابل 1437 سفينة في مارس 2015 بحمولة 82 مليونًا و528 ألف طن.
رفض الاعتراف&
من جانبه، رفض &الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، الاعتراف الرسمي بتراجع إيرادات قناة السويس الجديدة، مؤكدًا أن إيرادات قناة السويس زادت خلال الربع الأول من 2016، وبلغت نحو 9,964 مليارات جنيه مصري، في حين أنها سجلت خلال نفس الفترة من عام 2015 نحو 9,171 مليارات جنيه مصري بزيادة نحو 592 مليون جنيه.&
وأشار الفريق مميش إلى أن عدد السفن التي عبرت قناة السويس خلال الربع الأول من العام 2016 بلغ 4178 سفينة بزيادة 111 سفينة وبنسبة زيادة 2,7% على عدد السفن العابرة لنفس الفترة من العام 2015 والبالغ عددها 4067 سفينة.&
وأوضح أن الحمولة الصافية التي عبرت القناة خلال الربع الأول من 2016 بلغت 238,8مليون طن مقارنة بـ 238,1 مليون طن في الربع الأول من 2015 .
كما أكد ارتفاع إيرادات القناة خلال الربع الأول من العام الحالي من العملات الأجنبية، حيث بلغت إيرادات القناة نحو 1,239 مليار دولار، في حين بلغت في نفس الفترة من العام 2015 نحو 1,236 مليار دولار، ونحو 1,125 مليار يورو في الربع الأول من 2016 مقابل 1,099 مليار يورو في نفس الفترة من 2015، كما أن وحدة التعامل "الإس دى آر" بلغت نحو 882 مليون في الربع الأول من 2016 مقابل 876 مليونًا في نفس الفترة من العام 2015 ، وذلك على الرغم من تباطؤ حركة التجارة العالمية في الفترة الحالية.
أسباب التراجع&
من جانبه، أرجع &الدكتورأحمد الساعاتي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، انخفاض إيرادات قناة السويس إلى انخفاض أسعار النفط وقلة حركة ناقلات البترول؛ مما جعل المعروض أكثر من الطلب، بالإضافة إلى أن حركة التجارة العالمية قلت بنسبة 40%، مما أثر بشكل ملحوظ على إيرادات القناة.
وأشار إلى وجود عوامل أخرى لانخفاض عائد قناة السويس من أبرزها: أن حركة التجارة العالمية بدأت تأخذ مسارات جديدة للتجارة من خلال الالتفاف حول أفريقيا لتجنب الرسوم الجمركية الضخمة التي تدفعها خلال مرورها بقناة السويس، حيث سلكت الكثير من ناقلات البترول وغيرها من السفن العملاقة رأس الرجاء الصالح، في الوقت الذي كانت تمر فيه قبل ذلك من قناة السويس.
وأكد الساعاتي لـ"إيلاف" أنه مع افتتاح قناة السويس الجديدة ظهرت منافسة قوية وشرسة مع &ممرات بحرية أخرى منافسة لها أهمها :"بنما، ورأس الرجاء الصالح ، وطريق الحرير الذي يربط بين الشرق والغرب".&
تقدير خاطئ
وقال الدكتور محمد رفعت، خبير الملاحة والنقل البحري بالأكاديمية البحرية، ﻟ"إيلاف": "إن الحكومة والمسؤولين عن هيئة قناة السويس يجب الاعتراف للشعب في ذكرى افتتاح قناة السويس الجديدة بتراجع الإيرادات، والكشف عن الأسباب الحقيقية، والقرارات الهامة التي يجب اتخاذها خلال الفترة المقبلة&لجذب السفن للمرور بالقناة، منوهًا إلى أنه من أهم هذه الإجراءات خفض تكلفة عبور الشاحنات للقناة إلى ما يقرب من 20%.
وأشار خبير الملاحة إلى أن القيادة السياسية ورئيس هيئة قناة السويس وقعا في خطأ فادح بالمبالغة في التصريحات الوهمية بشأن الإيرادات المتوقعة للقناة، دون الإدراج بالمتغيرات الدولية وتراجع حركة التجارة العالمية، ما أثر بشكل ملحوظ على قناة السويس الجديدة.
وتوقع رفعت أن ترتفع إيرادات قناة السويس بشكل ملحوظ&في نهاية العام الحالي، مع قيام الحكومة بوضع تسعيرة جديدة لمرور السفن.&
&
التعليقات