القدس: الرئيس الاسرائيلي السابق وحامل جائزة نوبل للسلام شيمون بيريز (93 عاما) الذي تعرض مساء الثلاثاء لـ"جلطة دماغية كبرى" نقل على اثرها الى المستشفى حيث يرقد في قسم العناية الفائقة هو احد آخر الآباء المؤسسين للدولة العبرية المتبقين على قيد الحياة واحد ابرز مهندسي اتفاقات اوسلو للسلام مع الفلسطينيين في 1993.

وعلى الرغم من تقدمه في السن ومن تكرار الوعكات الصحية التي اصيب بها هذا العام، الا ان نبأ اصابة تاسع رئيس للدولة العبرية بجلطة دماغية شكل صدمة للكثيرين في اسرائيل التي تنظر الى رئيسها السابق على انه احد حكماء البلاد وشخصية توافقية بامتياز.

وكان بيريز المعروف عنه اعتناؤه الشديد بصحته ومحافظته على نشاطه، رغم تقدمه في السن، قال في احدى المرات ان سر عمره المديد يكمن في ممارسة الرياضة يوميا وتناول كمية قليلة من الطعام وشرب كأسين من النبيذ يوميا.

حكيم افضل من سمين
وخلال مقابلة اجرتها معه وكالة فرانس برس في 2012 قال "كل الناس يأكلون ثلاث مرات يوميا. نأكل ثلاث مرات ونسمن. ولكن اذا قرأنا ثلاث مرات يوميا نصبح حكماء، والافضل ان يكون المرء حكيما من ان يكون سمينا"، مؤكدا ان ساعات نومه لا تزيد على اربع الى خمس يوميا.

وبيريز من الشخصيات التاريخية في حزب العمل، الحزب المؤسس لدولة اسرائيل، غير انه لم يتردد في التخلي عن هذا الحزب للانضمام الى كاديما الذي اسسه رئيس الوزراء الراحل ارييل شارون، لانه رأى ان الحزب الجديد الوسطي يهدف الى تشجيع السلام، هدف حياته، على حد قوله.

ويتمتع بيريز بمكانة دولية ظهرت جلية عند احتفاله ببلوغ الثمانين، حيث حضرت مجموعة من الشخصيات المرموقة بينها الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون الذي عزف له مقطوعة موسيقية على الساكسوفون.

ويومها اغتنم بيريز الفرصة لتكريم ذكرى ديفيد بن غوريون مؤسس الدولة العبرية، الذي التقاه حين كان عمره 25 عاما عندما استوقفه ليقله في سيارته، ثم رعاه واطلقه في السياسة. وقال "تعلمت من استاذي ديفيد بن غوريون ان افضل الدولة دوما على الحزب".

وخلال حياته السياسية المديدة تقلب في جميع الحقائب الوزارية تقريبا خلال من الخارجية والدفاع والمالية والاعلام والمواصلات والاندماج وغيرها، اضافة الى تقلده رئاسة الوزراء مرتين قبل ان يتوج حياته السياسية في تبوء الرئاسة، المنصب البروتوكولي في الدولة العبرية.

وكان بيريز يصنف من بين "صقور" حزب العمل، وقد وافق حين كان وزيرا للدفاع في السبعينات على بناء اولى المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية. غير انه انتقل فيما بعد الى صفوف "الحمائم" ولعب دورا حاسما في ابرام اتفاقات اوسلو مع الزعيم الفلسطيني التاريخي ياسر عرفات في 1993 فيما كان اسحق رابين رئيس الوزراء آنذاك يشكك بقوة في العملية السلمية.

شرق اوسط جديد
وتكريما لدوره هذا، منح بيريز الذي دعا لفترة طويلة الى "شرق اوسط جديد" يعمه السلام والازدهار، جائزة نوبل للسلام في 1994 بالاشتراك مع رابين وعرفات.

وبرهن بيريز خلال حياته على صمود سياسي في مواجهة كل محنة. وقد سجل رقما قياسيا في الهزائم في الانتخابات التشريعية في 1977 و1981 و1984 و1988 و1996، ما جعله يوصف بـ"الخاسر الابدي". غير انه نهض بعد كل هزيمة، مؤكدا في كل مرة انه ما زال في وسعه خط فصول جديدة في سجله الحافل.

ولد بيريز في فيشنيفا في بولندا في الثاني من اغسطس 1923 وهاجر الى فلسطين وهو في الحادية عشرة. وبعد اعلان دولة اسرائيل في 1948 عين وهو في التاسعة والعشرين مديرا عاما لوزارة الدفاع بعد لقائه بن غوريون. ويقول خبراء اجانب انه "مؤسس" البرنامج النووي الاسرائيلي الذي جعل الدولة العبرية القوة النووية السادسة في العالم.

تزوج شيمون بيريز بصونيا التي توفيت في 2011 وقد انجب منها ثلاثة ابناء، وهو جد لاحفاد وابناء احفاد عدة.