إيلاف من الجزائ: تسير المفاوضات بين الحكومة الجزائرية والعلامة الألمانية للسيارات "فولكسفاغن" في الطريق الصحيح من اجل إقامة مصنع لها في الجزائر، لتكون ثاني مؤسسة بعد رونو الفرنسية تنشئ مصنعا لتركيب السيارات في البلاد التي تحاول تقليص وارداتها من المركبات.

ودخلت فولكسفاغن عبر وكيلها في الجزائر مجمع "سوفاك" المتخصص في العلامات الألمانية منذ أكثر من عام في مفاوضات مع الحكومة الجزائرية لإقامة مصنع في ولاية غليزان في غرب البلاد، لإنتاج 100 ألف سيارة سنويا وبرأسمال يقدر بـ 170 مليون يورو.

وترغب العلامة الألمانية في تركيب سياراتها من نوع "بولو" و"سكودا أوكتافيا" و"بيكاب أماروك" &في الجزائر بغية تلبية الطلب المحلي والتصدير للخارج، خاصة نحو دول القارة الأفريقية.

وكان مجمع "سوفاك" قد تقدم إلى وزارة الصناعة في 23 ديسمبر 2015، بطلب الحصول على موافقة الحكومة لإنجاز المصنع الذي سيكون الثاني من نوعه للعملاق الألماني في أفريقيا، بعد مصنعه في جنوب أفريقيا.&

تقدم

ويبدو أن تحقيق هذا المشروع ميدانيا صار وشيكا، بحسب تصريحات المدير العام للغرفة الجزائرية - الالمانية للتجارة والصناعة ماركو آكرمان.

وقال آكرمان على هامش لقاء اقتصادي نظم في العاصمة الجزائر إن "المفاوضات جارية، وقد سجلت نسبة تقدم بين 60 و80 في المائة، وتبقى دائما بعض النقاط لإنهائها".&

وأقر أكرمان بأنه لمس إرادة من الطرف الجزائري في إنشاء مشروع &للصناعة الميكانيكية، على غرار ذلك الخاص بالصناعة المحلية لقطع الغيار.&و أضاف "نحن هنا من أجل الدعم، ومن أجل بعض المشاريع على غرار مشاريع صناعة قطع غيار السيارت، هذه السوق تحظى باهتمامنا ومؤسساتنا مهتمة بالمشاركة فيه، نحن هنا من أجل تكوين الروابط، وإيجاد شركاء محتملين حاليا".&

ومرت المفاوضات بين الطرفين بكثير من المراحل والصعاب، لكنها "تسير اليوم نحو تحقيق الهدف المنشود بالنظر إلى جدية الجزائر عبر وزارة الصناعة وكذا اهتمام الشريك الألماني في السوق الجزائرية"، بحسب ما قاله أستاذ الاقتصاد كمال رزيق لـ"إيلاف".

تجربة المرسيدس

يوافق رزيق الرأي، ويرى أن التجربة الناجحة التي حققتها الشراكة بين مجمع الشركة الوطنية للعربات الصناعية في&منطقة رويبة وتيارت ووزارة الدفاع الجزائرية وشركة "مرسيدس بنز" الألمانية و"أعبار" الألمانية كانت سببا في دفع مفاوضات فولكسفاغن مع الحكومة نحو الأمام.

وقال رزيق "الأكيد أن الجانب الألماني يتعامل مع حكومة، وليس مع فرد، ولاحظ أن تجربة "مرسيدس" أثبتت نجاحها، كما إن المتعامل الألماني ينظر إلى الإجراءات المتخذة &من طرف الحكومة المتمثلة في إيقاف الاستيراد، ما يعني إمكانية إقامة مصنع لتلبية الطلب المحلي الجزائري".

ويتوقع أن ينتج مصنع مرسيدس هذا العام 2123 شاحنة وحافلة من مختلف الأصناف، وسيرتفع العدد في السنوات المقبلة إلى 15000 شاحنة و1500 حافلة سنويا.

&ويقوم المصنع حاليا بإنتاج سيارات رباعية الدفاع وحافلات وشاحنات وجّهت في البداية نحو الاستعمال الأمني استفادت منها مختلف أسلاك الجيش والشرطة.

وبحسب رزيق، فإن مشروع "فولكسفاغن" سيكتب له النجاح بالنظر إلى أن " الزبون الجزائري يميل بطبعه نحو المنتوج الألماني الذي يمتاز بالجودة على عكس العلامات الفرنسية التي تسوق في الجزائر".&وتبقى العلامات الفرنسية أكثر استيرادا في الجزائر رغم إحراز العلامات الألمانية تقدما ملحوظا في السنوات الأخيرة عبر مجمع "سوفاك".

وتظهر أرقام المركز الوطني للإعلام الآلي والإحصائيات للجمارك الجزائرية خلال السداسي الأول من 2016 إلى استيراد 15026 سيارة من علامة رونو و9119 سيارة من علامة بيجو، وهما العلامتان اللتان تتصدران قائمة السيارات الأكثر طلبا في الجزائر متبوعتان بسيارات مجمع سوفاك الذي استورد 5714 سيارة خلال الفترة نفسها.

قاعدة صناعية

وتسعى الحكومة الجزائرية في السنوات المقبلة إلى إقامة قاعدة صناعية لتركيب السيارات في الجزائر توجه في البداية لتلبية الطلب المحلي لتوجه للتصدير تدريجيا.

وكان استيراد السيارات في السنوات الماضية مفتوحا على مصراعيه، ووصل في السنوات الماضية إلى جلب 500 ألف سيارة من الخارج، لكن وزارة التجارة قلصت عدد السيارات المستوردة هذه السنة إلى 83 الف سيارة، رغم أن العدد كان محددا في البداية عند 152 ألف سيارة.

وتنتظر وزارة التجارة ألا تفوق فاتورة استيراد السيارات في 2016 مليار دولار مقابل 3.14 مليارات دولار في العام الماضي، الذي عرف استيراد أكثر من 265 ألف مركبة، أما سنة 2014 فقد شهدت استيراد أكثر من 417 ألف سيارة بتكلفة وصلت إلى 5.7 مليارات دولار.

وبرأي الخبير الإقتصادي كمال رزيق، فإن "حلم إقامة قاعدة لصناعة السيارات في الجزائر صار اليوم ممكنا بالنظر إلى الإجراءات التي تقوم بها وزارة الصناعة، والتي تبدو جادة في عملها اكثر من أي وقت مضى".

وشدد رزيق في حديثه مع "إيلاف" على أن يراعي المفاوض الجزائري مصلحة البلاد قبل إعطاء الرخصة لأي علامة أجنبية لإقامة مصنع للسيارات في الجزائر، ومنها اشتراط توجيه 20 بالمائة من المنتوج إلى التصدير بغية تحصيل مداخيل إضافية للاقتصاد الجزائري.&وأعلن وكلاء علامات عدة نيتهم في إقامة مصانع تركيب أو لصناعة الغيار في الجزائر، لكن المفاوضات مع الحكومة لا تزال في بدايتها حتى الآن.

&رفع التجميد

غير أن هذه النية يمكن أن تتغير بعد إعلان وزير التجارة بختي بلعايب رفع التجميد عن قرار منع استيراد السيارات المستعملة في إطار مشروع قانون المالية 2017. وثمنت جمعية وكلاء السيارات هذا القرار، غير أنها دعت الوزارة إلى إعداد دفتر شروط "واضح" لهذا النشاط بالتشاور مع مهنيي القطاع.&

وقالت الجمعية في بيان لها "إن عدم إشراك أصحاب المهنة وغياب إطار تنظيمي سيؤدي إلى حدوث مخاطر منها غياب التتبع التقني للمركبة، وغياب متابعة حركات الأموال".&وبحسب الجمعية عينها، فان "رفع منع استيراد السيارات المستعملة قد يضعف جهود تطوير صناعة السيارات في البلاد".

ودعا كمال رزيق الحكومة إلى أن تجعل قرار التجميد "موقتا" ليكون فترة انتقال بين وقف استيراد السيارات الجديدة وشروع مصانع التركيب في الإنتاج.

من جانبه، بعث الوزير بختي بلعياب تطمينات للوكلاء قائلا ""سنقوم برفع التجميد وإعداد دفتر شروط دقيق يمنع من استيراد سيارات تعرض السائقين للخطر، أي أننا سنحدد شروطا لعملية الترخيص".&وأضاف أن "الأهم هو توفير سوق شفافة يتمتع فيها المشتري بضمانات كافية".&

وقال إن "سوق السيارات القديمة قد تسمح باستيراد سيارات أكثر جودة واقل سعرا من السيارات الجديدة المستوردة، فقد تم تسجيل حالات يقوم من خلالها صانعو السيارات بصنع مراكب خصيصا للجزائر والتي تبتعد كل البعد عن المقاييس الدولية".

&