ايلاف من الرياض:&لأسباب متعددة، منها بحثًا عن الخصوصية والعزلة& أو هروبًا من ضجيج المدينة أو لملائمتها المستوى العمري والاجتماعي، فضّل&الكثير من السعوديين قضاء أوقات فراغهم في الاستراحات&بدلاً من المقاهي، فما&أن تعلن الشمس وقت الغروب، حتى تعيش المناطق الواقعة خارج النطاق العمراني - والتي تكثر فيها الاستراحات - حراكاً واضحاً من خلال إقبال سيارات المرتادين والزائرين.

وعلى حساب المقاهي التي لم يشفع لها قربها من الأحياء السكنية، شهدت السنوات الأخيرة انتشارًا ملحوظًا& لبناء الاستراحات في مختلف مناطق السعودية بغرض تأجيرها بسبب تزايد الإقبال عليها، حيث وجد موظفون ومتقاعدون وشباب ضالتهم في بناء استراحات موقتة أو تأجيرها طيلة العام، بهدف الفوز بمكان خاص يكون مظلة للقاءات الأصدقاء، حيث يجتمعون بشكل يومي بعيدًا عن الأحياء السكنية والمجتمع الأسري، وبحثًا عن الراحة والهدوء والترويح عن النفس.

اختلاف في نوعية الاستراحات

وتختلف كُل استراحة في بنائها وخدماتها وبحسب المدينة التي تقع فيها، فمنها ما هو مبنيّ بالطوب، ومنها ما هو بالصفيح ومنها ما هو عبارة عن خيمة، كما إن الاستراحات أنواع ومقامات، فهناك استراحات ملك لشلة& من الأصدقاء&وغالبًا ما تقع هذه&قريبًا من النطاق العمراني،&وهناك استراحات بالإيجار يتقاسم مصروفها مجموعة من الأصدقاء بنظام المشاركة بالوقت أو الإيجار.

ويقول علي العمري، موظف حكومي ، أنّ عامل السن والمستوى الاجتماعي، يسبّب حرجاً للموظفين من دخول المقاهي والكوفي شوب، مشيرًا في حديثه لـ" إيلاف" الى أن الاستراحات فتحت المجال أمام الكثير من الموظفين للحصول على مواقع يجتمعون فيها دون المساس بخصوصيتهم، مضيفًا أن ما يميز هذه الاستراحات بأنها مريحة وهادئة ومنعزلة ومصاريفها&معقولة بعكس المقاهي المزدحمة بالرواد وجلساتها غير المريحة، والتي تنعدم فيها الخصوصية.

وأوضح العمري أنه و 8 من زملائه& منتظمون وبشكل شبه أسبوعي في الالتقاء في استراحة قيمة إيجارها الشهري& 2500 ريال سعودي،&يتقاسمون مصروفها في ما بينهم،&وهي استراحة تضم غرفتين&مجهزتين بمكيف صحراوي، ودورة مياه ثابتة ومطبخاً صغيراً، يديرها عامل براتب رمزي، ويوجد متعهد يوفر خدمة الكهرباء والماء برسوم شهرية، مبينًا أن عدم وجود البديل الجاذب جعل من الاستراحة ملاذاً وحيدًا نسعى إليه للخروج من أزمة الفراغ وللتنفيس عن مواجهة ضغوط الحياة اليومية.

ثقافة

كما أصبحت الاستراحات ثقافة شبابية رائجة في الآونة الأخيرة&بديلاً عن المقاهي، يقصدها الشباب ليس في نهاية الأسبوع فحسب، وإنما في معظم الأيام، حبًا في الحصول على جلسة هادئة، حيث يمارسون فيها هواياتهم بعيداً عن العائلة، حيث يقول محمد السلمي، طالب جامعي، انه لا يستغني عن الذهاب إلى الاستراحة بشكل أسبوعي، حيث يشعر هناك بجزء من الاستقلالية في شخصيته بعيدًا عن أهله،&مضيفًا& لـ"إيلاف":&"أنا اكره الضجيج وأحب العزلة والأصدقاء، فلا حل لي إلا بالاستراحة".

ويبيّن السلمي&أن جمهور الاستراحات من الشباب تزايد بشكل كبير بعد قرار منع المعسلات في المقاهي، حيث لجأ الكثير من الشباب إلى استخدام الاستراحات كبديل مناسب عن المقاهي، التي منعت فيها المعسلات، مضيفًا أن الاستراحات باتت& أحد أهم اهتمامات عالم الشباب، خاصة بعد أن أُغلقت أكثر المتنزهات والمرافق الترفيهية أمام الشباب، وانحصرت على العائلات، وبالتالي أصبحت الاستراحات هي من تمتص&فراغ الشباب وتجمع الأصدقاء ذات الاهتمامات المتجانسة والهوايات المتماثلة.&

الهروب من المسؤوليات

من جهته، قال الباحث الاجتماعي عادل بفلح، إن الاستراحات باتت جزءًا من خصوصية المجتمع السعودي، حيث تعتبر متنفسًا& لتمضية الوقت والهروب من مسؤوليات وضغوط الحياة،&إذ يجتمع فيها أناس بينهم قواسم أو عادات مشتركة، مشيرًا في حديثه لـ"إيلاف" الى أن جاذبية هذه الاستراحات تكمن في العفوية التي تعتريها جلساتها، حيث يأخذ الأشخاص راحتهم&هناك،&ولا يتكلفون&سواء&في الملبس أو الحديث والمزاح، حيث يقضون فيها وقتًا أكثر مما يقضيه بعضهم في بيوتهم.

وقال بفلح إن من سلبيات الاستراحات ما يعتريها من فوضى ولامبالاة&في الأحاديث والنقاشات، والتي أغلبها بلا ضوابط، حيث يتم فيها تداول الشائعات بلا تثبت، وتحليل الأحداث وتشكيل الرأي العام دون تخصص، ومن هذا المنطلق أصبحت الاستراحات أحد المكونات المجتمعية المصدرة للفوضى الفكرية، وأضاف بفلح أن من السلبيات أيضًا هو&انعكاس أثرها على استقرار&الأسرة وازدياد المشاكل الأسرية التي تنتج عن إدمان بعض الرجال والشباب على ارتياد هذه الاستراحات إلى حد إهمالهم الواجبات الأسرية، وهو ما يعرف بظاهرة الهروب من المنزل إلى الاستراحة، وبالتالي لا بد من توعية المجتمع بمفهوم الترويح المنضبط بحدود معقولة وأعراف اجتماعية صحيحة.

&