«إيلاف» من الرياض: كشفت مصادر مصرفية وأخرى في قطاع النفط إن السعودية تدرس خيارين لشكل عملاق النفط العالمي "أرامكو" بعدما تبيع الحكومة السعودية نحو ٥٪ من أسهمها في الشركة العملاقة العام القادم، والذي يتوقع أن يكون أكبر طرح عام أولي في العالم وأن يجلب عشرات المليارات من الدولارات وهو درة التاج في خطة حكومية طموحة تعرف باسم رؤية 2030 تهدف إلى تنويع اقتصاد المملكة بعيدا عن النفط.

يأتي ذلك وفقاً لما أعلنت عن الحكومة السعودية في خطتها المعلنة في يونيو حزيران العام الماضي تعهدت السعودية بتحويل أرامكو من شركة منتجة للنفط إلى مجموعة صناعية عالمية.

 السيناريوهات المتوقعة  

وكشفت مصادر قريبة أن المسؤولين السعوديين ومستشاريهم يدرسون سيناريواً يتمحور حول تحويل أرامكو إلى "تشيبول كورية"، في إشارة إلى المجموعات الكورية الجنوبية المتوسعة في أنشطتها - أو تحويلها إلى شركة متخصصة تركز بشكل خالص على النفط والغاز، وقد يكون تقييم الشركة المتخصصة أسهل بسبب بساطته وقد يحقق سعرا أعلى لأسهمها لأن مخاطر أنشطتها ستكون أكثر وضوحا.

وقال مصدر في قطاع النفط السعودي طلب عدم الكشف عن هويته نظرا لخصوصية المباحثات "هناك خياران تجري دراستهما وهما أن تكون أرامكو شركة خالصة للنفط والغاز أو أن تكون مجموعة وتوسع دورها في البتروكيماويات وقطاعات أخرى، لا سيما أن هناك خططا لدى أرامكو التي يعمل بها أكثر من 55 ألف موظف لبناء منشآت للطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

ومن بين الخيارات التي تجري دراستها تحويل جميع الأنشطة التي لا علاقة لها بالنفط إلى كيان منفصل قبل الطرح العام الأولي على الرغم من أن هذه العملية ستكون معقدة حسبما قالت المصادر، وقال أحد المصادر "سيكون الأمر كابوسا قانونيا لهم، وكلما بحثوا وكلما وجدوا أصولا سيكونون بحاجة لترتيب ذلك."

أنشطة الشركة الحالية

وتعد أرامكو أكبر شركة في المملكة وواحدة من الأعلى كفاءة، مما دفعها لإطلاق مشروعات صناعية ضخمة جدا لا يستطيع القطاع الخاص الاضطلاع بها. وتطور الشركة مجمعا لبناء السفن وإصلاحها قيمته خمسة مليارات دولار على الساحل الشرقي للمملكة كما أنها تعمل مع جنرال إليكتريك في مشروع بقيمة 400 مليون دولار لصب وتشكيل المعادن، كما أُسند في أحيان كثيرة لأرامكو تنفيذ مشروعات حكومية ذات أهداف اجتماعية مثل بناء مدن صناعية واستادات ومراكز ثقافية، وشاركت أرامكو في تأسيس جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.

التعقيدات المتوقعة 

تواجه خطة بيع حصة قدرها خمسة بالمئة في أرامكو التي قادها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -الذي يشرف على سياسات الطاقة والسياسات الاقتصادية للمملكة- تواجه تعقيدات أخرى لم يتم حلها بعد، وكانت التوقعات أن يحدد الطرح العام الأولي قيمة أرامكو بما لا يقل عن تريليوني دولار، وقد يكون الرقم النهائي أكبر من ذلك، لكن ذلك سيعتمد على عوامل منها النظام الضريبي الذي تواجههه أرامكو.

وقال مسؤولون سعوديون إن الشركة تدفع حاليا رسوما قدرها 20 بالمئة وضريبة 85 بالمئة للحكومة وهو ما قد يخفض قيمتها في الطرح العام الأولي، وقال أحد المصادر إن هناك مباحثات تجري حاليا لخفض الضريبة إلى 50 بالمئة لكن ذلك قد يلحق ضررا بإيرادات المملكة في الوقت الذي تسجل فيه الرياض عجزا ضخما في الموازنة جراء هبوط أسعار النفط.

وقالت المصادر إن أنشطة المنبع والمصب النفطية ستظل جزءا من أرامكو عندما يتم طرح الشركة لكن لم يتم الانتهاء بعد من كيفية تقييم احتياطيات أرامكو النفطية التي تمتلك الشركة حقوقا حصرية فيها.

والقضية الثالثة التي تخضع للمناقشة هي حجم ما سيمتلكه صندوق الاستثمارات العامة في أرامكو وما إذا كانت تلك الحصة ستمثل كل ما تبقى بعد الطرح أو أقل من ذلك، وشكل العلاقة بين الشركة والحكومة، ومن سيكون له الحق في اتخاذ القرارات المتعلقة بالإنتاج - الحكومة أم مجلس إدارة أرامكو.

وكان الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو أمين الناصر قد قال في مايو أيار الماضي إن القرارات المتعلقة بالإنتاج أمر سيادي سيظل في يد الحكومة. لكن أحد المصادر بالقطاع قال إن ذلك سيجعل أرامكو شيئا آخر لا علاقة له بشركة نفط عالمية تستهدف الربح، وهو ما علق عليه أحد المصادر "لماذا يشتري المستثمر أسهما في شركة إذا كان مجلس إدارتها ليست له كلمة في قرارات إنتاجها؟ إذا قررت الحكومة السعودية أنها تريد تقليص الإنتاج فستخفض أرامكو إنتاجها من ثم وستخسر حصة سوقية لصالح منافسين."