«إيلاف» من لندن: صعدت أسعار النفط في العقود الآجلة أكثر من 2% إلى أعلى مستوى لها في نهاية الاسبوع، بعدما أطلقت الولايات المتحدة صواريخ على قاعدة جوية في سوريا.

وصرح الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إنه أمر بشن ضربات صاروخية على قاعدة جوية سورية انطلق منها هجوم مميت بأسلحة كيمياوية قبل عدة ايام مؤكدا أنه يعمل في "مصلحة الأمن القومي" الأميركي في مواجهة الرئيس السوري بشار الأسد. 

وجاءت ردود الفعل في الأسواق بسرعة فائقة بسبب التوترات الجيو سياسية الناتجة عن التدخل الأميركي حيث قفز خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة إلى 56.08 دولار للبرميل ثم تراجع إلى 55.62 دولار للبرميل.

أما خام غرب تكساس الوسيط الأميركي ارتفع في العقود الآجلة أكثر من 2% إلى 52.94 دولار للبرميل قبل أن يتراجع الى 52.46 دولار للبرميل بزيادة 1.45 بالمئة. وهذه أعلى مستويات للأسعار منذ بداية شهر مار آذار الماضي.

البعد الجغرافي الجيو- سياسي

ورغم أن إنتاج سوريا من النفط محدود إلا أن موقعها في منطقة الشرق الأوسط والتحالفات مع منتجين كبار للخام أثار مخاوف بشأن اتساع دائرة الصراع بما قد يعطل شحنات النفط الخام لآسيا وأوروبا. سوريا منتج صغير جدا وهامشي ولا يوجد للنفط السوري أي تأثير يذكر على الأسواق العالمية وعلى معدلات العرض والطلب حتى ولو توقف كليا واختفى من الساحة. ولكن الموقع الجغرافي والجيو-سياسي لسوريا هو المصدار الحقيقي للقلق. الشرق الأوسط ينتج تقريبا 40% من النفط العالمي ويصدر 30% من النفط ولكن سوريا تتحالف مع دول كبيرة في الانتاج النفطي مثل ايران التي تنتج اكثر من 4 ملايين برميل يوميا وروسيا التي تنتج 11 مليون برميل يوميا وسوريا أيضا جارة للعراق التي تنتج 4.5 مليون برميل يوميا والأهم من ذلك المنتج القيادي في "أوبك" المملكة العربية السعودية ودول الخيج العربي. هذا البعد الجغرافي يعطي لسوريا أهمية جيو سياسية أكثر من حجمها وقوتها. واذا ما حدث تصعيد عسكري يشمل ايران وروسيا من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى قد نرى ارتفاع شاهق في الأسعار وهذا السيناريو الكارثي مستبعد الآن.

التوتر بين واشنطن وموسكو هو ما يخلق حالة الذعر في الأسواق وليس الضربة العسكرية بحد ذاتها. 

ملاذات الاستثمار الآمن تنتعش

وفي المقابل انتعشت أسعار ملاذات الاستثمار الآمنة التي يلجأ لها المستثمرون في اجواء التوترات والتقلبات الجيو ساسية مثل الذهب والنفط والعملات المرغوبة مثل الين الياباني والسندات والصكوك الحكومية للدول ذات الاقتصادات الكبيرة. وهبطت اسعار الأسهم في بعض القطاعات ولكن أسهم الشركات المتخصصة في أنظمة الدفاعات الجوية شهدت ارتفاعا ملحوظا.

ولا يبدو ان هناك مخاوف حقيقية بشأن الامدادات استنادا على تصريحات أميركية ان الهجوم الصاروخي كان مجرد ضربة واحدة تأديبية للنظام السوري لردعه من استعمال الغازات الكيماوية لقتل المدنيين. 

الأسواق لا تزال تعاني من التخمة في الامدادات رغم محاولات "اوبك" ودول اخرى لتخفيض الانتاج وحسب مصادر في رويترز تم شحن 1.4 مليار برميل من النفط الخام خلال شهر مارس آذار الماضي مقارنة مع 1.1 مليار برميل في شهر فبراير شباط اي معدل يومي بحدود 45.6 مليون برميل في آذار مقابل 45.5 مليون برميل يوميا في شهر شباط مما يشر ان تخفيضات "اوبك" لم تؤثر كثيرا على الكميات التي يتم شحنها على مستوى عالمي. ووصف محللون غربيون صعود الأسعار انه ردة فعل متسرعة نتيجة للتوترات الجيوسياسية.