«إيلاف» من الرياض: قطعت السعودية والإمارات ومصر والبحرين العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وأغلقت المنافذ البرية والبحرية والجوية منها وإليها، ومنعت دخول أو عبور القطريين لأسباب أمنية، فيما اكتفت مصر بقطع العلاقات الدبلوماسية وإغلاق المنافذ من دون التطرق لوضع الرعايا المتبادلين.

ولقطر حدود برية مع السعودية دون غيرها، ما من شأنه أن يجعل قطر في حالة حصار برّي حقيقي، يؤدي إلى شلل اقتصادي تجاري. فمعبر أبو سمرة الحدودي بين قطر والسعودية يستقبل أكثر من 326 ألف زائر شهريًا، ويعبر فيه يوميًا بين 600 و800 شاحنة. وتستورد قطر 92 في المئة تقريبًا من احتياجاتها الغذائية اليومية عبر الأراضي السعودية.

جوًا، تسيّر الخطوط الجوية القطرية 19 رحلة يوميًا من مطار دبي الدولي، و6 رحلات من مطار أبوظبي، ومثلها من مطار الكويت، و5 من المنامة، و3 إلى 5 رجلات من جدة و4 من الرياض. وتشير الأرقام إلى أن مطار الدوحة استقبل اكثر من 37 مليون مسافر خلال العام 2016، بزيادة نحو سبعة ملايين مسافر عن عام 2015.

المنافذ البرية ما بين السعودية وقطر في الخريطة

 

صادرات وواردات

لا شك في أن قرار السعودية والامارات والبحرين ومصر وغيرها قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر يترك أثرًا بالغًا في التبادل الاقتصادي الخليجي وفي التجارة البينية القطرية – العربية. فقد بلغت قيمة الصادرات السعودية غير البترولية إلى قطر نحو 864 مليون ريال سعودي خلال الاشهر الثلاثة الأولى من عام 2017، فيما بلغت الواردات نحو 339 مليون ريال خلال الفترة نفسها، وفقًا لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية. وبلغت قيمة الصادرات السعودية غير البترولية إلى قطر نحو 5.651 مليارات ريال خلال عام 2016، مقارنة بنحو 5.627 مليارات ريال في عام 2015، بزيادة 0.43 في المئة. كما بلغت قيمة الواردات السلعية السعودية من قطر نحو 1.209 مليار ريال في عام 2016، مقارنة مع 1.803 مليار ريال في عام 2015، بتراجع 33 في المئة.

مثلت الصادرات السعودية إلى قطر نسبة 8.9 في المئة من إجمالي الصادرات السعودية لدول مجلس التعاون الخليجي في عام 2016، في حين مثلت الواردات القطرية للسعودية نسبة 2.9 في المئة من إجمالي واردات المملكة.

أثر غير مقدر

قال الكاتب الاقتصادي ثامر السعيد لـ "إيلاف"، إن للمقاطعة الجماعية الدبلوماسية من السعودية والإمارات والبحرين ومصر أثره في اقتصاد قطر بشكل غير مقدر، "فالمملكة تحد قطر من جميع الإتجاهات، وكل إمدادات قطر اللوجستية واحتياجاتها اليومية وكل موادها الصناعية وكل الأدوات التي تستخدمها قطر تمر عبر المملكة، سواء برًا أم بحرًا، فالموانئ القطرية لا تستوعب احتياجات قطر، وستعاني شللًا تامًا في المفاصل الإقتصادية حتى وإن كابرت وتظاهرت بأنه لا أثر لمثل هذه المقاطعة، لكن الواقع يقول إن المواطنين والمقيمين في قطر سيلمسون أثر إقفال الحدود خلال ثلاثة أسابيع، وكلما طالت فترة القطيعة الدبلوماسية، زادت المعاناة اقتصاديًا، كما أن المياه الإقليمية القطرية لا تذكر مقارنة بالمياه الإقليمية السعودية، ولا حل للدوحة إلا باستخدام النقل الجوي كي تصل إمداداتها من العالم اليها، لكن لا يمكن مرور أي طائرة في الأجواء السعودية أو المصرية أو البحرينية أو الإماراتية، فكما هو معلوم معظم حركة الطيران في العالم تمر عبر شمال السعودية لأهمية موقع المملكة الجغرافي".

الكاتب الاقتصادي ثامر السعيد

 

خسائر فادحة

وأضاف السعيد : "ما سيحدث الآن هو أن كل شحنة أو طائرة عابرة من قطر أو إليها سوف تتجنب المرور في الأجواء السعودية، وهذا يعني مسافة طيران أطول وتكلفة أكثر وخسارة أكبر، فسابقاً كان التواصل من مطار الأمير نايف في بريدة إلى مطار الشيخ حمد في قطر يأخذ ساعة واحدة فقط وهذا غير متاح الآن، وهذه التكاليف الإضافية على السلة المستوردة جوًا ستؤثر في الشارع القطري، وبالتالي تزيد الأسعار الاستهلاكية، وكلما طالت القطيعة الدبلوماسية تزايد الأثر على معيشة المواطن القطري". 

هل تتحمل قطر؟ يقول السعيد إن دولة قطر غنية جدًا، وربما تطول المقاطعة فيتضرر اقتصادها، ووكالة "موديز" أعلنت مراجعة التصنيف الإئتماني لقطر بسبب المقاطعة الخليجية، وزادت المضاربة على الريال القطري، "فما حدث هز الإقتصاد القطري، وأظن أن 80 في المئة من احتياجات قطر اليومية كانت تأتي برًا، فحجم الشح سيكون مخيفًا".

وختم السعيد قائلاً: "خسرت الخطوط القطرية الاثنين 18 في المئة من مسافريها، ويبلغ عددهم 6 ملايين، وخسرت 50 رحلة يوميًا". 

تداعيات كبيرة

إلى ذلك، قال الاقتصادي السعودي فضل أبو العينين لـ"إيلاف"، إن إغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية إلى قطر سيترك تداعيات إقتصادية على الدوحة في قطاع النقل الجوي والبري، والتجارة البينية وقطاع الأعمال وصناعة الغاز والأسواق المالية، "فإغلاق الحدود السعودية القطرية يعني شللًا تامًا لحركة النقل البري، وتوقف تدفق السلع والمنتجات إلى السوق القطرية".

وإقفال المنافذ البحرية يعيق نقل الغاز القطري، ما يرفع تكاليفه بشكل كبير خصوصًا مع إغلاق قناة السويس أمام الملاحة القطرية".

أضاف: "إغلاق المنافذ الجوية يؤثر بقوة في قطاع الطيران، وربما يكبد الخطوط القطرية خسائر موجعة تخرجها من السوق؛ لسببين رئيسيين: الأول، إعتمادها على السوق السعودية في عمليات الترانزيت والربط الدولي، حيث من المتوقع الغاء ما يقرب من 50 رحلة يوميًا بسبب قرار الحظر؛ والثاني، منع طائراتها من إستخدام الأجواء السعودية وأجواء الدول الثلاث الأخرى، ما سيفرض عليها تكاليف إضافية بسبب طول مسافة المسارات الجديدة". 

الاقتصادي السعودي فضل أبو العينين

تهم الإرهاب خطرة

بحسبه، ستتوقف التجارة البينية نهائيًا بسبب إغلاق منافذ قطر مع أكبر شركائها التجاريين في المنطقة: السعودية والإمارات اللتان تسيطران على تجارة الأغذية والمواشي، والبحرين الأكثر تصديرًا للمشتقات النفطية. ومن الإنعكاسات المالية إعادة النظر في تصنيف قطر الائتماني الحالي، الذي ألمحت إليه وكالة موديز للتصنيفات الإئتمانية العالمية، "وهذا ينعكس على تكلفة الإقتراض وعقود التأمين على الديون السيادية، وأسعار السندات الحالية وجاذبية السندات المتوقع طرحها مستقبلًا".

يتوقع أبو العينين أن يكون القطاع المالي من أكثر المتأثرين بالمقاطعة، "فسوق الاسهم خسرت ما يقرب من 8 في المئة بعيد إعلان السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع علاقاتها بالدوحة.

يقول: "ملف تمويل الإرهاب هو الأكثر خطورة على قطر، ورفع قضايا تمويل الإرهاب ضد الحكومة القطرية وبعض زعاماتها السابقين والحاليين ربما يقحم القطاع المالي والنظام السياسي القطري في نفق مظلم، وثبوت أي من تهم تمويل الإرهاب سيضر بشكل مباشر في القطاع المصرفي القطري".