واشنطن: وجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الأيام الأخيرة انتقادات عديدة إلى رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي جيروم باول الذي عينه قبل أشهر في هذا المنصب، واتهمه بأنه يعقد عمله عبر زيادة معدلات الفائدة.

وكرر ترمب هذه الانتقادات الاثنين في مقابلة مع وكالة رويترز رفض خلالها تأكيد تأييده لاستقلالية المؤسسة التي تقوم بمهام البنك المركزي، وهو موقف يمكن أن يثير قلق أسواق المال. وقال "لست سعيدا جدا بزيادة معدلات الفائدة، لا لست سعيدا بذلك".

وردا على سؤال عما إذا كان يؤيد استقلالية الاحتياطي الفدرالي، صرح ترمب "أؤمن باحتياطي فدرالي يفعل ما هو مناسب للبلاد". واتهم ترمب أيضا الاتحاد الأوروبي والصين بالتلاعب بعملتيهما مشيرا إلى أن بكين تضعف اليوان لتخفيف تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

وبعد هذه التصريحات سجل الدولار تراجعا الثلاثاء في آسيا.

وخلال عشاء لجمع أموال الجمعة، قال ترمب إنه كان يتوقع أن يكون باول رجلا "يحب المال غير المكلف"، ملمحا إلى أنه شعر بخيبة أمل من زيادة معدلات الفائدة، كما نقل مشاركون في الحفل في تصريحات نقلتها صحيفة "وول ستريت جورنال" ووكالة "بلومبرغ نيوز".

وكان ترمب صرح قبل شهر تقريبا إنه "ليس سعيدا جدا" بقرار الاحتياطي الفدرالي رفع معدلات الفائدة.&

وكان الاحتياطي الفدرالي رفع مع تحسن الاقتصاد الأميركي، معدل الفائدة الأساسي سبع مرات منذ كانون الأول/ديسمبر 2015 بينها مرتان هذه السنة في عهد رئيسه الحالي جيروم باول. ويتوقع أن يرفع المعدلات مجددا مرتين في 2018.

وأكد باول في مقابلة إذاعية في منتصف تموز/يوليو أنه ليس مهتما بالضغط الذي يمارس عليه لتغيير سياسته. وقال "لا نولي الاعتبارات السياسية أي اهتمام". وأضاف "لم يقل لي أحد في الإدارة شيئا يمكن أن يثير قلقي في هذا الشأن".

وكان ترمب عين في شباط/فبراير الماضي جيروم باول على رأس الاحتياطي الفدرالي بعدما رفض أن يبقى لولاية ثانية جانيت يلين التي انتقدته خلال حملته لانتخابات 2016. وقد اتهمها بالابقاء على معدلات فائدة منخفضة لدعم معارضيه.

وعادة، لا يتناول السياسيون الأميركيون سياسة الاحتياطي الفدرالي لأن ذلك يمكن أن يثير مخاوف من إخفاق المصرف المركزي في الحد من زيادة التضخم. لكن إدارة ترمب خارجة عن المألوف.

وقال كارل هيلينغ لفرانس برس إن انتقادات ترمب للاحتياطي الفدرالي "أثارت اهتماما كبيرا" لكنها لم تحرك فعليا أسواق الأسهم والسندات.

وأضاف "حتى الآن، لا يعتقد الناس أن ذلك سيغير سياسة الاحتياطي الفدرالي، على الأقل في اجتماعه في إيلول/سبتمبر" المقبل.

دولار قوي

لكن ديفيد غيلمور المحلل في مركز "فورين ايكستشنج اناليتيكس" يرى أن انتقادات ترمب "كانت بالتأكيد من العوامل المؤثرة" على أسواق الصرف. وأضاف "لكن لا أعتقد أن باول سيتأثر بذلك".

وانخفض مؤشر سعر الدولار بشكل طفيف بعدما نشرت "وول ستريت جورنال" و"بلومبرغ" مقاليهما، لكن التراجع أصبح أكبر مع نشر المقابلة التي أجرتها وكالة رويترز.

وأوضح باول أسباب السياسة التي يتبعها الاحتياطي الفدرالي منذ حزيران/يونيو عندما دخل ارتفاع معدل الفائدة الأساسية حيز التنفيذ.

وقال أن المعدلات تبقى منخفضة "لكننا نعتقد أن العودة إلى معدلات فائدة بمستوى عادي مع تحسن الاقتصاد هي أفضل طريقة يستطيع من خلالها الاحتياطي الفدرالي مساعدة بيئة دائمة يمكن أن تزدهر فيها العائلات والشركات".

ومع ارتفاع معدل الفائدة، ارتفع سعر الدولار إذ أن المستثمرين قاموا بضخ الأموال في البلاد سعيا لتحقيق عائدات كبيرة.

وهذا يجعل الصادرات الأميركية أغلى ثمنا والواردات أرخص ويمكن أن يؤدي إلى زيادة العجز التجاري الأميركي -- أي عكس ما يسعى إليه ترمب في سياساته التجارية التي فرض في إطارها عشرات الملايين من الدولارات على السلع الصينية.

لكن هذه السياسات التجارية التي ستؤثر الخميس على منتجات صينية بقيمة 50 مليار دولار وكذلك الالمنيوم والفولاذ، تضعف العملة الصينية.

ومنذ حزيران/يونيو انخفض سعر العملة الصينية الرينمينبي بنسبة سبعة بالمئة وبلغ 6,85 يوان مقابل الدولار، أي أدنى مستوى منذ أيار/مايو 2017.