كانت طهران يوم أمس الخميس بحرا من السواد عندما خرج مئات الوف المتظاهرين ، ملفعين بلون الحداد ، في مسيرة لاحياء ذكرى احد عشر محتجا من مناوئي نظام الحكم قُتلوا على ايدي قوى الأمن هذا الاسبوع (قُتل هذا الاسبوع ثمانية محتجين في طهران واثنان في شيراز وآخر في تبريز). Notebook on Iran- 18 June
ونُظمت مسيرات مماثلة تزامنت مع مسيرة طهران في غالبية المدن الرئيسية في انحاء البلاد ، حيث شاركت في بعض هذه المسيرات حشود لم يُعرف لها نظير من قبل ، كما في تبريز وشيراز على سبيل المثال.
كانت مسيرات يوم أمس ايذانا بانطلاق ثلاثة ايام من quot;الحزن الجماعيquot; ستبلغ ذروتها ظهر السبت بمسيرات جماهيرية في عموم ايران. ولكن المواجهة الحقيقية يمكن ان تحدث اليوم عندما يستعد طرفا النزاع لمواجهة احدهما الآخر خلال صلاة الجمعة التقليدية في حرم جامعة طهران.
عمد نظام الحكم الى نقل آلاف من انصاره بالحافلات من الأرياف الى طهران استعدادا للمناسبة.
مع ذلك يذهب متحدثون باسم المعارضة الى ان لديهم ما يكفي quot;لإغراق الظالمين في بحر من الغضبquot;.
ان يعتبر النظام ما يلتئم من تجمعات في صلاة الجمعة لحظة حاسمة فان هذا مؤشر الى الحقيقة الماثلة في quot;المرشد الأعلىquot; علي خامنئي سيؤم الصلاة شخصيا.
كان خامنئي عُين خطيب الجمعة في طهران منذ عام 1986 وهو منصب سهر على صيانته بغيرة. ولكنه خلال السنوات الثلاث والعشرين الماضية لم يحضر الصلاة إلا في مناسبات قليلة ، غالبيتها خلال الحرب الايرانية العراقية.
يبين قرار خامنئي ان يدلو بدلوه الآن انه قلق بحق. فان حضور خامنئي صلاة الجمعة خطوة محفوفة بالمخاطر. وهو قد يفلح في تهدئة الوضع بحضوره ، لا سيما إذا تمكن من تحقيق تقدم في جهوده من وراء الكواليس لشق قيادة الحركة الاحتجاجية.
من جهة اخرى يمكن ان يواجه خامنئي جمهورا معاديا قوامه مئات الالوف ، بل ربما ملايين يرددون الشعار الشعبي: quot;الموت للدكتاتورquot;.
إذا حدث ذلك يمكن ان يصيب خامنئي ما أصاب دكتاتور رومانيا نيكولاي تشاوتشيسكو عندما واجه الحشود في بوخارست في نهاية عهده.
تصوُّر وسائل الاعلام الحكومية قرار خامنئي الظهور أمام الملأ في مثل هذا السياق المحفوف بالمخاطر على انه quot;عمل شجاعquot;. ولكنه يمكن ان يكون عملا يائسا ايضا.
تمثل خطوة خامنئي انتكاسة للرئيس المعاد انتخابه على ما يُفترَض محمود احمدي نجاد الذي قام حتى الآن بدور الناطق الرئيسي باسم نظام الحكم ، لا سيما في التعامل مع الأزمة الحالية. وخامنئي بدفعه احمدي نجاد الى الظل يقول لغرمائه في نظام الحكم ان عليهم الآن ان يقفوا وراء quot;المرشد الأعلىquot; أو القطيعة مع النظام.
تزداد المواجهة إثارة لأن العديد من قادة الأجنحة المتصارعة داخل المؤسسة وعدوا بحضور صلاة الجمعة وبين من قالوا انهم سيحضرون الرئيسان السابقان هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي وكلاهما يعارضان الآن خامنئي. كما سيحضر مير حسين موسوي المرشح الرئاسي الذي يدعي انه الفائز في الانتخابات ، ومعه كبار معاونيه.
ان الحداد سمة مهمة في المذهب الشيعي الذي يعتنقه نحو 88 في المئة من الايرانيين. وسيلي الأيام الثلاثة من quot;الحزن الجماعيquot; اجتماع حاشد آخر يعقده مؤبنو القتلى بعد اربعة أيام بمناسبة مرور السبعة على الاشتباكات التي أدت الى الفاجعة.
بعد ذلك ستبدأ التحضيرات لأربعينية القتلى بمراسم خاصة تُعرف باسم quot;جللةquot; chelleh.
يعني هذا ان على خامنئي واحمدي نجاد ان يكونا مستعدين لشهر آخر على الأقل من الاحتقان فيما يواجه نظامهما أكبر ثورة شعبية في ايران منذ عام 1979.
لا ريب في ان نظام الحكم قد اهتز.
كان النظام الخميني دائما يُرسي شرعيته على قاعدة quot;التأييد الجماهيري في الشوارعquot;. ولكن في الشوارع على وجه التحديد يجري تحدي النظام الاستبدادي يوما إثر يوم.
في بداية الأزمة الحالية حاول احمدي نجاد ترهيب المعارضة باستعراض عضلات النظام في الشوارع. ومن الواضح بعد اسبوع ان الأفضلية لم تعد له في الشوارع بل كانت المعارضة تنجح باستمرار في تعبئة حشود أكبر.
عمل خامنئي جاهدا على نزع فتيل الأزمة وما زال يأمل بأن تشهد صلاة الجمعة امتثال منافسيه. وقد عرض عددا من الجزرات للأجنحة المنافسة بينها وعد باسقاط التهم التي وجهها احمدي نجاد الى رفسنجاني وأبنائه. وتفيد مصادر في طهران ان احمد نجاد أراد الأسبوع الماضي أن يُلقى القبض على رفسنجاني بتهمة quot;الاختلاس والمتاجرة بالنفوذquot;. ولكن خامنئي وقف ضد ذلك.
كما يلوح خامنئي بـquot;العصاquot; على شكل تحشيدات واسعة لقوات الحرس الثوري حول طهران.
الرسالة التي ينطوي عليها ذلك واضحة: ان نظام الحكم مستعد لتقديم تنازلات تكتيكية لكنه لن يتردد في سحق المعارضة بالقوة.
التعليقات