مجسم لكوكب الأرض في وسط كوبنهاغن |
تنطلق اليوم قمة المناخ في كوبنهاغن بعد أن تدفق مندوبون من 190 دولة مطلع الأسبوع لحضور المؤتمر الذي يهدف إلى التوصل لإتفاق عالمي جديد يحلّ محلّ بروتوكول كيوتو الذي ينتهي عام 2012. ويسيطر جدل خلال القمة بين وجهتي نظر متعارضتين، تذهب إحداهما إلى أنّ الحاصل من تغيّرات في المناخ هو من صنع الإنسان، ويجادل آخرون بأن التغيرات نتاج جملة من المظاهر الطبيعيّة لا يد للإنسان فيها.
كوبنهاغن: بدأ المسؤولون من 192 دولة بالوصول الى العاصمة الدنماركية كوبنهاغن للمشاركة في قمة التغيّر المناخي التي تهدف الى التوصل لمعاهدة جديدة حول التغيّر المناخي وسبل مواجهته، ويطمح المؤتمرون لإلى اقرار اتفاقية بديلة لبروتوكول كيوتو لتثبيت تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي عند مستوى يحول دون تدخل بشري خطر في النظام المناخي والذي أقرّ في العام 1997. وتعتبر الإجتماعات quot;نقطة تحوّلquot; في محاولة للحدّ من ارتفاع درجة حرارة الارض والسعي الى اتفاق للحد من انبعاثات الغازات الحابسة للحرارة وجمع مليارات الدولارات للدول الفقيرة في صورة مساعدات وتكنولوجيا نظيفة.
واثار الحضور المزمع للزعماء والتعهدات للحد من الانبعاثات من قبل اكبر الدول المتسببة في الانبعاثات بقيادة الصين والولايات المتحدة وروسيا والهند آمال التوصل لاتفاق بعد المفاوضات المتعثرة في العامين الماضيين.
وتقول لجنة التغيّر المناخي في الامم المتحدة ان انه يجب خفض الانبعاثات للحد من خطورة ارتفاع الحرارة بشكل خطر، وتتصدى اللجنة للادعاءات الاخيرة الصادرة عن بعض المصادر الجامعية في بريطانيا والتي تقول ان المعلومات حول تأثير الانسان على التغير المناخي مبالغ فيها.
يشار الى ان الكشف عن مراسلات الكترونية بين علماء في جامعة ايست انغليا البريطانية حول دور الانسان في التغير المناخي كانت قد اثارت جدلاً واسعًا، وتتناقض هذه المراسلات بشدة مع ما توصلت اليه لجنة العلماء في الامم المتحدة والتي تفيد بأن الانسان وتطوره يؤثران بشكل كبير على المناخ وان نشاط الانسان يساهم بشكل كبير في امكانية ارتفاع الحرارة الذي يجري الكلام عنه.
وقد انطلق قطار خاص بالمناخ تحت اسم Climate Express على متنه 450 شخصًا من مسؤولي الأمم المتحدة والصحافيين والناشطين في مجال المناخ، متوجّهًا إلى كوبنهاغن حيث يبدأ المؤتمر الخاص بالمناخ في السابع من الشهر الحالي. وتعد رحلة القطار تلك رمزًا للجهود المبذولة للتخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري.
وتهدف القمة الى التركيز على ان ما تم الاتفاق عليه في كيوتو عام 1997 ليس كافيًا لمعالجة الوضع المناخي، وستستمر هذه المحادثات لمدة اسبوعين تقريبًا وحضور عشرات قادة الدول في الايام الاخيرة للاجتماعات المرتقبة. وتلزم اتفاقية كيوتو الحالية الدول الصناعية بخفض الانبعاثات حتى عام 2012 وحتى أنصارها يعترفون بأنّها ليست سوى شيء هين في درجات حرارة العالم المرتفعة وخصوصا ان واشنطن لم تنضم إلى حلفائها في التصديق على المعاهدة.
وفي هذه المرة، الفكرة هي الحصول على عمل من جميع المصادر الرئيسية للانبعاثات بما في ذلك الصين والهند للمساعدة في تجنب المزيد من نوبات الجفاف والتصحر وحرائق الغابات وانقراض الانواع وارتفاع منسوب مياه البحار.
ومن القادة الذين سيتوجهون الى كوبنهاغن الرئيس الاميركي باراك اوباما والفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الحكومة البريطانية غوردون براون ورئيس الحكومة الهندي مانموهان سينغ.
وستتمحور المناقشات حول ثلاثة عناوين رئيسة هي:
- تحديد اهداف جديدة لكبح انبعاثات الغازات الدفيئة وتحديدًا في الدول الصناعية.
- مساهمة الدول الصناعية في التمويل اللازم من اجل مساعدة العالم على التأقلم مع ظاهرة التغير المناخي.
- الموافقة على خطة عمل في مجال تبادل الكاربون بهدف انهاء تدمير الغابات بحلول عام 2030.
|
وفي موازاة اجتماعات المسؤولين يستعد الناشطون في مجال حماية البيئة حول العالم الى التظاهر في 12 ديسمبر/ كانون الاول المقبل لحث القادة في كوبنهاغن على اتخاذ القرارات اللازمة، وقد تظاهر عشرات الآلاف في مدن اوروبية رئيسة عدة مثل لندن وباريس يوم السبت لحث المندوبين على كوبنهاغن على التحرك.
ولكن سقف التوقعات حيال هذه القمة قد انخفض حسبما يشير المراقبون والمحللون الذين يفيدون بأن كل ما سيتم التوصل اليه لن يكون ملزمًا، بل سيكون بمثابة جدول اعمال يشكل اطارًا لمناقشة اتفاقيات دولية يجري التوقيع عليها بعد محادثات تعقد العام المقبل.
شهدت كوبنهاغن تشديدا للإجراءات الأمنية |
وقد عرض الاتحاد الاوروبي رفع سقف اهدافه الملزم بتحقيقها من خفض الانبعاثات اذ عرض ان يرفع هذه النسبة من 20 في المئة بحلول 2020 الى 30 في المئة وذلك في حال تم التوصل الى اتفاقية دولية ملزمة في هذا المجال.
اما الولايات المتحدة التي لم توقع على اتفاقية كيوتو فقد اعلنت منذ عام 2005 انها تتعهد بخفض الانبعاثات بنسبة 17 في المئة بحلول عام 2020، اما الهند والصين وهما اكبر بلدين صناعيين بين البلدان النامية فقد وافقا على خفض انبعاثات ثاني اوكسيد الكاربون الصادرة عن كل وحدة سكنية تعتمد في احتساب الناتج القومي الاجمالي.
ولكن واشنطن لا تستطيع حتى الالتزام بأي تعهد في هذا المجال اذ لا يزال مشروع قانون حول كبح الانبعاثات عالقًا في نقاشات مجلس الشيوخ ومن غير المتوقع ان يقر قبل مطلع العام المقبل.
يذكر ان استراليا تعاني من المشكلة نفسها بعدما رفض مجلس الشيوخ فيها المصادقة على مشروع القانون المقترح.
وفي مقابل الشعار الذي تطرحه جماعات البيئة: quot;لا يمكن التفاوض مع الحقائق العلميةquot;، يبدو واضحًا أنّ استطلاعات الرأي العالمية حاولت أن تشكك مجددًا في الحقيقة العلمية التي تقول إن 95 في المئة من أسباب تغير المناخ، تعود إلى النشاط الإنساني، وهو ما كان واضحًا ومثبتًا في تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الذي صدر عام 2007، ونال أعضاؤه جائزة نوبل للسلام في حينها.
وأظهر مسح أجرته كل من مؤسّسة نيلسن لاستطلاعات الرأي وجامعة أوكسفورد، أن 37 في المئة من أكثر من 27 ألف مستخدم للإنترنت في 54 دولة، قالوا إنهم quot;قلقون جدًّاquot; بشأن التغيّر المناخي، فيما كان هذا الرقم 41 في المئة في استطلاع مماثل أجري قبل عامين. ويلاحَظ أنّ القلق لدى المُستطلعين بلغ ذروته في أميركا اللاتينية ودول آسيا والمحيط الهادئ.
وسيختبر الاجتماع الى اي مدى ستتمسك الدول النامية بمواقف متصلبة على سبيل المثال ان الدول الغنية يجب أن تخفض من انبعاثات الغازات الحابسة للحرارة بنسبة لا تقل عن 40 في المئة بحلول عام 2020 وهذا اكثر بكثير من الاهداف المعروضة. وعدا عن الاتفاق على مستويات خفض الانبعاثات، يطرح رهان تطوير نموذج جديد للتنمية في دول الجنوب بفضل نقل التكنولوجيا وتقديم المساعدات المالية، يكون اقل استهلاكا للوقود الاحفوري مقارنة مع ما كان معتمدًا في الشمال على مدى عقود.
التعليقات