إيلاف من بيروت: تغيب الفنانة كندة علوش هذا العام عن البطولات النسائية المطلقة في دراما رمضان لظروف خاصة دفعتها للإعتذار عن أكثر من عمل، لكنها كانت حاضرة بقوة من خلال بضعة مشاهد توزعت على الحلقات الخمس الأخيرة من مسلسل "أفراح القبة".

ظهور طال إنتظاره
جمهور كندة كان متعطشاً لظهورها منذ صدور الإعلانات الترويجية للعمل، وإنتظر بفارغ الصبر، طيلة شهر رمضان، "فتنه" في "أفراح القبة"، الذي اتفق النقاد على إعتباره واحداً من أفضل الأعمال الدرامية التي عرضت هذا العام.
لكن الإنتظار طال، وفتنه لم تظهر، وبدأ صبر جمهورها ينفذ، وأخذ البعض يتندر بأن رمضان شارف على النهاية وفتنة غائبة لم تظهر بعد في أحداث العمل المميز. وكانت من جهتها تتفاعل مع جمهورها على تويتر وتعيد تغريد النوادر التي ينشرونها عن تأخر ظهورها، كما أنها إنشغلت بالدعاية للعمل عبر حسابها والثناء على بقية زملائها فيه.

برهنت عن أستاذية في تقمص الشخصية
ومع إقتراب اليوم السادس والعشرين من رمضان ظهرت "فتنه" وكانت إسماً على مسمى، شخصية ثرية نقلت كندة الى مرحلة جديدة من الأداء، مرحلة الأستاذية في التقمص، مستغلة كافة أدواتها كممثلة في خدمة هذه الشخصية الرائعة، لممثلة مسرحية شهيرة، قوية ومتسلطة، تدوس على الجميع، الكون يدور من حولها ولا يرفض لها طلب، سلبت المسرح من سرحان (جمال سليمان) في لعبة ورق، يكرهها الجميع ويتآمرون عليها لإنهائها.

إذ يتفق عليها كل من سرحان وطارق(إياد نصار) وكرم (صبري فواز) ودرية (صبا مبارك)، كل له دافعه الخاص، فسرحان يريد إستعادة سيطرته على المسرح، وطارق يرغبها ولا تريده، وكرم لا يرغب بالعمل كملقن ويجري خلف وعد سرحان بأن يجعل منه كاتباً مسرحياً شهيراً، ودرية تود إستعادة مال إبيها منها والحلول محلها كممثلة في المسرح.

عندما يستقدم كرم درية من الشام لمواجهة فتنة زوجة أبيها التي إستولت على ثروة زوجها وهربت الى مصر وتحولت لنجمة لامعة، تهددها درية بشهادة جنون من العصفورية، وتحاول فتنة أن تكسب بعضاً من الوقت فتعدها بأنها ستبيع بعض أملاكها وتمنحها ما تريد، إلا أن درية تواجهها بأنها تريد البقاء وإحتراف التمثيل، فتتظاهر فتنة بالموافقة، ثم تدبر لها جريمة سرقة وترميها في السجن.
تقوم فتنة بزيارة درية في حبسها، وتساومها: حريتها مقابل الرحيل الى الشام دون رجعة، توافق درية مضطرة، لكنها تنجح في الهروب من حراسها خلال نقلها الى الحدود وتقفز في النيل، تعتقد فتنة بأن درية ماتت، لكنها في الحقيقة لجأت لكرم، الذي يرسم مع حلفائه خطة جهنمية لدفع فتنة للجنون، وبالفعل بمساعدتهم تظهر لها درية في المسرح، وتوهمها بأنها روح عادت لتنتقم، تدريجياً تقع فتنة ضحية للهلاوس والجنون وينتهي بها الحال في الخانكة.
شخصية فتنة مزيج من المتناقضات فهي لعوب ذات أنوثة طاغية، بقلب ميت وجبروت مرعب، لكنها في ذات الوقت طيبة القلب بضمير حي، عندما تشعر بأن هناك مؤامرة على حياتها تترك وصايا تعيد لكل ذي حق حقه، تاركة المسرح لسرحان، وتقسم ثروتها بين درية وكرم، أكثر شخصين تعتقد بأنها ظلمتهما في حياتها.
كندة فاجأت الجميع بأدائها لهذه الشخصية الجديدة عليها تماماً، وأسرت قلوب المشاهدين وسكنت في ذاكرتهم، فشخصية فتنة من الشخصيات التي سيخلدها الزمن وستبقى عالقة في ذاكرة الدراما العربية، وكانت هذه المشاهد كفيلة بتعويضها عن غيابها عن الدراما الرمضانية هذا العام. فهي باتت حديث الجميع، وفتنة المسلسل وأبرز شخصياته، والمحرك النهائي لأحداثه، فهي التي أضهرت الشر الكامن في شخصيات المتآمرين عليها، وكانت خطيئتهم الأصلية، التي جرت بعدها مآسي ملأت كواليس المسرح بسبب مؤامرات ودسائس أبطاله.
الفنانة السورية ختمت عبقرية أدائها لهذه الشخصية المرسومة ببراعة شديدة، بمشهد رائع في الخانكة، وهي تغني لنزيلاته مستخدمة إياهم ككومبارسات، بالإضافة الى مشهدها الأخير في العمل، لقائها بكرم الذي يزورها بعد سنوات مستنجداً بها، لكنها تنكر معرفتها به، وتنصرف عنه للحاق بعرضها المسرحي.

فنانة حقيقية قادرة على الإدهاش بإستمرار
علوش تستحق الإشادة لأنها أثبتت أنها فنانة شاطرة لأنها قادرة على الإدهاش بإستمرار، محترفة تعرف جيداً كيف تختار أدوارها، وكيف تتعالى على عقدة "النجمة" لصالح تميزها كفنانة، فالفنان الحقيقي فقط يدرك ان قوة الدور أهم من عدد المشاهد، فغيرها كانت ستفكر الف مرة ثم ترفض، لأن أغلب النجمات تعودن على الإستئثار بالضوء، ويرفضن تقاسم البريق والتصفيق، ولا يتقلبن اللعب ضمن فريق.

شاهد النبوءة لنهاية فتنة في أفراح القبة