"إيلاف" من القاهرة: تُقدِّم الفنانة التونسية المصرية هند صبري أداء أكثر من رائع لشخصية "أمينة" في تجربتها الجديدة "حلاوة الدنيا". وهي الفتاة التي اكتشفت إصابتها بسرطان الدم قبل أسابيعٍ من حفل زفافها الذي كانت تستعد له مع خطيبها الذي تحبه ويقدَم دوره هاني عادل. حيث تنكشف لها صعوبة المرض تدريجياً. الأمر الذي يجعلها تعيد ترتيب حياتها. فتقرر تقديم موعد حفل زفافها ليكون بعد أسبوعين فقط، وتطلب من عمها الطبيب الذي سيعالجها محاولة تأجيل خطوة دخولها المستشفى لمدة عام على أن تتلقى علاجاً لا يمنعها من الإنجاب، لكن الصدمة التي تتلقاها باستحالة هذا الأمر تزيد من معانتها النفسية.


للوهلةِ الأولى تبدو المقارنة قائمة بين تجربتها في معانتها بالأحداث مع لوكيميا الدم في هذا المسلسل وإصابتها بالأيدز في فيلمها السابق "أسماء"، لكن شتان بين أدائها في العملين. فهذا المسلسل قدّم الجوانب الجديدة في أدائها التمثيلي التي لم تظهر في الفيلم، فضلاً عن ملامح وجهها التي وظفتها لتعبِّر عن الصدمة والدهشة، الحزن والفرح، كتمان الألم والإنفجار، التفكير في المستقبل رغم الضغوط والشعور بقرب نهاية الحياة.

والأهم، هو أن هذا العمل لا يبدو كئيباً بسيطرة الحزن على مجمل أحداثه. بل هو دراما إجتماعية ترصدها الأحداث للتعمق في الشخصيات. ما يؤكد أننا أمام عمل يحمل رسالة للجمهور. علماً ان الفيديو الذي صورته "صبري" معتذرة فيه عن منسوب الحزن الطاغي في الحلقات الأولى، وواعدة بتبدل الواقع في الحلقات المقبلة، يوضح للمشاهدين رغبة فريق العمل بتقديم العمل الدرامي بشكلٍ متكامل حتى لا يكوّنوا انطباعاً مسبقاً من الحلقات الأولى. علماً أنها تتابع التواصل مع جمهورها عبر فيديوهات تنشرها بصوتها عبر حسابها الشخصي على "إنستغرام".

صحيح أن العمل مأخوذ من فيلم سينمائي أجنبي، إلا أن الأحداث تحمل واقعاً مصرياً خالصاً. الأمر الذي يعود الفضل فيه للسيناريست تامر حبيب وورشة الكتابة التي أشرف عليها لإثنين من المؤلفات الجدد "سما عبد الخالق وانجي القاسم". فخرج الحوار متماشياً مع محنة المرض والصدمة التي تعرّضت لها أمينة، لتعلق بعض العبارات بذاكرة الجمهور بصورة لافتة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر "انا مش خايفة من الموت بس مش مستعدة ليه".
وتبدو رسالة العمل واضحة، بأنه مهما كانت درجة الإصابة بهذا المرض العضال، فإن المرء لا يجب أن توقف حياته من أجله. وعلى كل إنسان مصاب به أن يخوض معركته معه بثقةٍ كاملة أنه سيهزمه. ولقد نجح التصوير المحترف للمنزل والمشاهد المتميّزة للمخرج حسين المنباوي بإقناع المشاهد بأنه داخل منزل أسرة أمينة، وليس داخل ديكور لمنزل تم تصويره لعمل درامي.

ورغم أن مواقع التواصل الإجتماعي ليست معاييراً واضح للحكم على تقييم الأعمال، لكن دخول اسم هذا المسلسل الذي لا ينتمي لنوعية أعمال الغموض والإثارة في قائمة المواضيع الأكثر قراءة على "تويتر" لمدة يومين في مصر، يعتبَر سابقة لم تحدث من قبل مع أي عمل درامي. ما يؤكد أن "صبري" قد عادت بقوة للدراما التليفزيونية بعد عامين من الغياب لتؤكد حرصها على نقل النضج الفني الذي حدث لها سينمائياً للدراما التليفزيونية، وتضع مكانها في منطقة مختلفة لا ينافسها فيها أحد.

 


هذا ويحسب لها موهبتها التي منحتها ثقة الموافقة على ترشيح فنانين متميزين بالأدوار الرئيسية في الأحداث لا يقل أدائهم عما تقدمه هي على الشاشة. بداية من حنان مطاوع، مروراً بظافر العابدين، أنوشكا، وحتى الفنان مصطفى فهمي الذي يعود بدورٍ يناسب مرحلته العمرية وأدائه التمثيلي. فالحلقات تسير حتى الآن كمعزوفةٍ موسيقية تؤديها الأوركسترا دون نشاذ. إلا التحدي الحقيقي أمامها يبقى على مدى استمرارها بنفس وتيرة الأداء في باقي أحداث العمل، خاصةً وأن الحلقات الأولى حملت حزناً كبيراً وسلطت الضوء على الجوانب الإنسانية البسيطة.