في ندوة عن فنٍ يمتد عمره إلى ألف عام
الشعر الشعبي بين إشكالية الاعراب والعروبة


راشد شرار
وجد عبد النور ndash; إيلاف: في واحدة من أفضل الندوات النقدية في مهرجان دبي الدولي للشعر 2009، والتي اختتمت بها سلسلة الندوات النقدية التي عقدت طوال أيام مهرجان دبي الدولي للشعر، ناقشت ندوة الشعر الشعبي واقع القصيدة المحلية في منطقة الخليج العربي تاريخياً كما ناقشت أزمتها في التواصل مع قارئها على الرغم من شيوعها بسبب انتشار صفحات الشعر الشعبي في الصحف الخليجية والقنوات الفضائية المتخصصة في هذا النمط الإبداعي.

أدار الندوة الشاعر الإماراتي راشد شرار وتساءل فيها الباحث والشاعر الكويتي إبراهيم حامد الخالدي والشاعر نايف البندر وقدما مداخلتين هامتين حول الشعر النبطي أو الشعبي.

الخالدي : تغريبة بني هلال دشنت الشعر النبطي في 443 للهجرة

وفي مداخلته قدم الخالدي إطلاله تاريخية حول تاريخ الشعر الشعبي قائلاً إن هذا النمط بدأ مع تغريبة بني هلال في حوالي سنة 443 للهجرة (1051 للميلاد) مع وصول الهلالية إلى تونس، وصياغة سير شعبية تعد قصائدها الانطلاقة الأولى للشعر الشعبي والمحطة الثانية التي توقف أمامها الباحث هي وفاة المفكر العربي الكبير عبد الرحمن بن خلدون، الذي ضّمن مقدمته الشهيرة أشعاراً نبطية ونبذة عن الشعر النبطي من دون أن يسميه بهذا الاسم.

وفي عام 1115 للهجرة يوجه الشاعر خليل بن عايد قصيدة إلى زميله الشاعر جبر بن سيار على بحر المسحوب ذي القافيتين وهو النمط السائد في الشعر الشعبي، وفي عام 1851 ميلادية ينشر المستشرق الفنلندي جورج أوجست والين عدداً من القصائد النبطية في العددين الخامس والسادس من مجلة الجمعية الألمانية للاستشراق في أول محاولة لنشر الشعر النبطي، ثم يصدر المستشرق السويسري ألبرت سوسيتي أول ديوان نبطي بعنوان quot;ديوان وسط الجزيرة العربية في 800 صفحة احتوى على 112 قصيدة.

وتابع الباحث سرد السيرة الذاتية للقصيدة النبطية فقال إنه في عام 1911 للميلاد تمت طباعة ديوان الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني من قطر كأول ديوان وحمل اسماً غريباً هو quot;رسالة في شعر النبطquot;. وفي عام 1952 طبع خالد الفرج أول مجموعة شعرية بعنوان quot;ديوان النبطquot; وقد تعرض هذا الديوان لهجوم شديد من مجمع اللغة العربية بدمشق باعتبار أن نشر الديوان ضد اللغة العربية.

وفي عام 1958 بدأ شعر التفعيلة كتطور مهم يظهر في الشعر النبطي على يد عبد الرحمن النجار ثم توالى التطور بسبب انتشار البرامج الإذاعية والمجلات والأندية الشعرية، وفي عام 1989 أصدر الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن ديوان quot;ماينقش العصفور من ثمرة العذقquot; كأول محاولة حداثية للشعر النبطي، ووصل التطور إلى إنشاء قنوات فضائية متخصصة في الشعر النبطي وبرامج متخصصة شهيرة مثل شاعر المليون، وفي عام 1993 أصدر الشاعر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، قصيدة اللغز الشهيرة التي تبارى في مجاراتها 800 شاعر في واحدة من أهم المسابقات الشعرية الشعبية.

دور الرواة في نقل القصائد

حامد الخالدي
أما الشاعر والإعلامي نايف البندر فركز في مداخلته على مشكلات القصيدة الشعبية أو النبطية مشيداً بدور الرواة العظام الذين نقلوا القصيدة الشعبية إلى السامعين، فقال إن الأدب الشعبي في الأصل أدب شفهي يلعب الراوي أو ما يعرف بالحكواتي دوراً كبيراً في نقله إذ أنه الوسيلة الإعلامية الوحيدة آنذاك حينما لم تكتشف وسائل الإعلام المتعددة والمتوالدة هذه الأيام، الأمر الذي قد يكون ساهم في وقوع الراوي بالخطأ في نقله لقصيدة ما، وربما من جاء بعده من رواد أرادوا من وجهة نظرهم إصلاح ما وقع زميلهم الذي سبقهم ودون قصد أيضاً أضافوا للأخطاء سيلاً من الأخطاء وهكذا.

وأضاف أن القصيدة الشعبية تعاني أزمة بسبب عدة عوامل تنبع من محليتها التي تأخذ عدة أشكال، أولها محلية اللهجة، وثانيها محلية المفردة التي تتغير من قبيلة إلى أخرى، وثالثها محلية الموضوع الذي تتناوله القصيدة، مشيراً إلى أن الإغراق في المحلية ربما أسهم في عدم وصول القصيدة النبطية إلى متلقيها على الرغم من الذيوع الشديد لهذا النمط المدلل إعلامياً في منطقة الخليج العربي مع انتشار الفضائيات.
وتحدث راشد شرار عن تاريخ القصيدة الإماراتية منذ ماجد بن ظاهري مروراً بحمد بوشهاب وصولاً إلى الأجيال الحالية مثمناً الإبداع الشعري لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم سواء المكتوب بالفصحى أو بالعامية ومشيداً بإبداع سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، وقال إن المهرجان أنصف الشعر من حيث كونه شعراً سواء كان عربياً أو أجنبياً فصيحاً أم نبطياً.

منى واصف تطالب بالحفاظ على اللغة الفصحى

وقالت الفنانة المسرحية السورية المعروفة منى واصف في مداخلة خلال الندوة، إننا مطالبون بالحفاظ على اللغة العربية الفصيحة التي تمثل هويتنا كما حفظها القرآن، ومن جانبه قال جمال بن حويرب رئيس اللجنة المنظمة للمهرجان والباحث في التراث الشعبي، إن الشعر الشعبي شعر عربي ينقصه الإعراب فقط فالمفردة عربية فصيحة والوزن الشعري مثله مثل ما يستخدم في القصيدة الفصيحة بلا اختلاف.