بيروت: quot;السما زرقاquot; شعار رفعه quot;تيار المستقبلquot; في السابع من مايو (أيار) الحالي في إطار حملته الانتخابية، وأرفقه بعبارات quot;ما مننسىquot; وquot;ما بيرجعواquot; وquot;ما بنترككquot; وquot;زي ما هيquot;. هذا الشعار انتشر كالنار في الهشيم، وشكَل مادة استفزازية لقوى quot;8 آذارquot;، مما استوجب ردا سريعا من الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الذي توقف عنده في خطبته لمناسبة تخريج quot;دفعة الرضوانquot; في 15 مايو الحالي ليقول: quot;سمعت في الإعلام أنهم قالوا إنهم لن ينسوا السابع من أيار. وهذا ما نريده وهذا هو المطلوب. فالمطلوب ألا ننسى 7 أيار كي لا يكرر أحد حماقة 5 أيار. إنه يوم مجيد لا تنسوهquot;. إلا أن quot;السيدquot; وبكلامه هذا سجل هدفا في مرماه، وجاءت تداعياته أشبه بالضربة القاضية التي لم تنته مفاعيلها على رغم التبريرات والتوضيحات وتغيير التوصيف من quot;يوم مجيدquot; إلى quot;يوم أليمquot; واستخدام عبارة quot;السما زرقاquot; في خطاب لاحق وبأسلوب ودي مع ابتسامة.

وبات الشعار رائجا بين السياسيين، لدرجة أنهم صاروا يستعملونه حتى في جلساتهم الخاصة، كما حصل مع سعد الحريري حين دخل على الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ليعقدا اجتماعا بعد نشر quot;دير شبيغلquot; لتقرير يتهم حزب الله باغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. فقال سعد الحريري لجنبلاط لدى دخوله القاعة: quot;وليد بك.. نحن الآن مع بعض والسما زرقا..quot;، فضجت القاعة بالضحك.

ويقول المسؤول في الماكينة الانتخابية لـquot;تيار المستقبلquot; صالح فروخ لـquot;الشرق الأوسطquot; إن quot;الشعار هو فكرة رئيس التيار سعد الحريري الذي حضر إلى اجتماع مسؤولي الماكينة الانتخابية وقال لهم: وجدتها. وجدت عبارة لها علاقة بالتيار. ألا نقسم برب العالمين وفاطر السموات السبع؟ وبما أن السماء الزرقاء هي اعتراف بقدرة الله سبحانه وتعالى، كما أنها نابعة من صدق الناس وثباتهم ووفائهم، سيكون شعارنا السما زرقاquot;. ويضيف: quot;شعرنا بصدق العبارة التي تصوِر أحوال أهلنا الذين لا يداهنونquot;.

وهكذا كان. أطلق الشعار في مهرجان الإعلان عن لائحة دائرة بيروت الثالثة، ومن ملعب فريق quot;النجمةquot; الرياضي حيث اغتيل النائب في تيار quot;المستقبلquot; وليد عيدو، على الرغم من عدم رضا كل الأطراف في فريق quot;14 آذارquot; عليه، واعتباره quot;خفيفاquot; ولن يوصل الرسالة. تولت شركة quot;ايمباكت بي بي دي أوquot; تنفيذه، ليجمع، عدا زرقة شعار تيار quot;المستقبلquot;، هدفين في طياته: الأول عدم نسيان جريمة اغتيال رئيس مجلس الوزراء السابق رفيق الحريري. والثاني عدم نسيان السابع من مايو 2008، عندما اجتاح حزب الله بيروت عسكريا واحتلها، من دون أن يسميه.

ويذكر باستحالة عودة الوصاية السورية إلى لبنان. وكل ذلك في عبارات مختصرة تحمل معانيها من دون الإفصاح عنها. ويشير فروخ إلى أن الهدف من إطلاق هذا الشعار لم يكن استفزازيا. يقول: quot;لم نطرح العبارات لاستفزاز الآخرين، إنما لنعبر عن معاناة الناس وألمهم ومدى محبتهم لخطنا السياسي ونشد عصبهم. الاستفزاز ليس أسلوبنا. لكن الشعار أصاب نقاطا ضعيفة لدى المنافسين ونجح في الوصول إلى شريحة واسعة من اللبنانيينquot;. وصل الشعار بالفعل. وعندما استعان به الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وبعده النائب ميشال عون، بات واضحا حجم تأثير هذا الشعار على الناخبين، واقتنع حينها فيه من اعترضوا عليه في quot;14 آذارquot;. أصبحت quot;السما زرقاquot; محطة كلام للسياسيين المتنافسين، وشكلت منعطفا في الحملات الإعلانية الانتخابية بعد أن كانت في ثمانينات القرن الماضي أغنية رددها المخضرمون مع الفنانة داليدا رحمة. كلمات الأغنية يقول مطلعها: quot;ما دام السما زرقا والشمس بتشرق وتغيب. رح قول وعندي جرأة يا حبيبي انت الحبيبquot;. لكنها في الأساس محطة كلام على ألسنة اللبنانيين يستخدمونها للإشارة إلى التأكيد الحازم لأمر ما.

وعن نجاح الشعار في تأدية وظيفته الإعلانية، يقول أستاذ الإعلام الدكتور محمود طربيه: quot;عوامل نجاح هذا الشعار عديدة. منها العبارات التي ألحقت به، والمكان الذي أطلقت منه حيث اغتيل عيدو والتوقيت المرتبط بأحداث مايو العام الماضي. هذه العوامل جعلت رد الفعل يحصل، لا سيما في سياق حرب الشعارات التي وسمت المعركة الانتخابية. كما أن الحرب النفسية التي يعيشها اللبنانيون ساهمت في نجاحهquot;. ويضيف: quot;إلا أن أهمية الشعار تبقى في بساطته، فهو ليس معقدا أو نخبويا. اختياره موفق لأنه مأخوذ من ثقافة شعبية سائدة ومحبب للأذن والعين. وقد تم تركيبه ليترافق مع اللون المعني به (تيار المستقبل) وهو نوع من القسم في السياق والوقت والجمل المتمة له. ومعلوم أن الإعلان الناجح يبدأ بحملة تتدرج من صورة إلى كلمة إلى عبارات لاستكمال الرسالة التي لا تعطى بشكل كامل ومباشر، وإنما بالتقسيط لتؤثر على المتلقيquot;.

ويرى طربيه أن quot;نجاح الشعار يكمن في إطلاقه قبيل موعد الانتخابات وبعد كشف الفريق الآخر شعاراته وانحسار مفعولها لكثرة ما ترددت قبل موعد الانتخابات بوقت طويل، على الرغم من نجاح بعضها. والأمر الآخر أن رد الفعل المباشر أعطاه زخما، ربما لم يكن ليحصل عليه لو ترك يمر كغيره من الشعارات. فكل ما يثير الجدل يستقطب الناسquot;. إلا أن الأهم يبقى في quot;الردquot; على رد نصر الله على الشعار، الذي لم يقتصر على الخصوم، ليصدر اعتراض على طريقة استخدامه له من ثلاثة رؤساء وزارة سابقين وحلفاء لـquot;السيدquot; أو أصدقاء له. فقد اعتبر رئيس الحكومة الأسبق عمر كرامي في تصريح أن quot;كلام نصر الله هو رد فعل على كلام رئيس كتلة المستقبل (سعد الحريري)quot;. ورأى أن quot;مصلحة لبنان هي في التهدئةquot;، ويجدد دعوته إلى quot;عدم إدخال البلد في تكرار الفعل وردود الفعلquot;، متمنيا أن quot;ينذكر يوم 7 أيار وما ينعادquot;.