جسدت حادثة طرد راكب بالقوة من رحلة لشركة "يونايتد ايرلانز" تدهور العلاقات بين الركاب وشركات الطيران الأميركية الساعية لزيادة هوامش الأرباح على حساب جودة الخدمة المقدمة للزبائن.


نيويورك : أثارت هذه الحادثة موجة استنكار عارمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تضج بالمعلومات والتسجيلات المصورة في شأن حوادث وتعديات خلال الرحلات الداخلية في الولايات المتحدة.

وقال روس أيمر الطيار المتقاعد في شركة "يونايتد" والمستشار حاليا في شركة "ايرو كونسلتينغ اكسبرتس" الاستشارية لوكالة فرانس برس إن "خدمة الزبائن تدهورت بدرجة كبيرة".
وأقر المدير العام لشركة "يونايتد ايرلاينز" اوسكار مونيوس الثلاثاء بأنه "نظرا إلى التجارب الأخيرة يتعين علينا بوضوح تحسين خدمتنا للزبائن"، متعهدا بجعل الزبون أولوية لأن "خدمة الزبائن ليست اجراء أو اداة بل هي قيم".

وبدأت هوامش الراحة للركاب تتدهور بعد هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001، في اتجاه سجل تسارعا خلال أزمة العام 2008 التي أثرت سلبا على الكثير من شركات الطيران الأميركية.
فقد ألغت هذه الشركات الوجبات المجانية المقدمة في الرحلات الداخلية كما باتت تفرض رسوما مالية على نقل الحقائب وتستعين بشكل متزايد بمقاولين فرعيين فضلا عن فرض رسوم في مقابل حجز مقاعد معينة وخدمات أخرى في الرحلات، وسط تردّ متزايد لحالة الطائرات المستخدمة.

وأوضح الاختصاصي في النقل الجوي غاري ليف وهو أحد مؤسسي موقع "انسايد فلاير" الالكتروني أن البيئة الأمنية الموروثة من 11 سبتمبر 2001 وإنشاء الوكالة الفدرالية لأمن المطارات أعطيا "صلاحيات أكبر لأعضاء الطواقم الذين يعالجون كل المسائل على أنها تهديد أمني".
وقال إن "أي راكب يختلف مع فرد من الطاقم بات يُعتبر تهديدا".

وتعهدت شركة "يونايتد ايرلاينز" التوقف عن اللجوء للشرطة لإنزال ركاب من طائراتها بعد موجة الاستنكار ودعوات المقاطعة التي اثارتها الطريقة الوحشية لإنزال ديفيد داو البالغ من العمر 69 عاما وهو طبيب من أصول فيتنامية يعيش منذ سنوات في الولايات المتحدة، من طائرة للشركة كانت متجهة من شيكاغو الى لويفيل في التاسع من نيسان/ابريل. 

 استنفاد القدرة الاستيعابية 

وإذ تسلط هذه الحادثة الضوء على ممارسات الحجز الزائد لمقاعد الرحلات، يعود النقاش بقوة عن تدهور الخدمة جراء النمو الكبير في قطاع النقل الجوي وتعزيز القطاع في الولايات المتحدة حيث تتشارك أربع شركات طيران ("اميريكن ايرلانز" و"يونايتد" و"دلتا" و"ساوثويست") حصة كبرى من السوق.
وقال روس أيمر "عندما تقل المنافسة في السوق يصبح الخيار محصورا"، مضيفا "الناس يريدون الاستفادة من أرخص الأسعار. ولتلبية هذا الطلب، تعمد الشركات الى الحد من جودة خدماتها".

وبرأي هذا الخبير، ثمة أيضا مسألة تتعلق بتردي وضع البنى التحتية للمطارات في حين كان النقل الجوي يشهد طفرة كبرى. وأضاف "لم نبن مطارات في هذا البلد منذ سنوات عدة. في الوقت عينه ثمة عدد أكبر من الرحلات ومساحة أضيق في الأجواء وعلى الأرض. المطارات وصلت الى أقصى طاقتها الاستيعابية".

ومع إقرار شركات الطيران الأميركية بوجود ثغرات كبيرة عليها سدها لتحسين مستوى رضا الركاب، تشير هذه الجهات إلى قلة الخيارات المتاحة أمامها في ظل الأرباح الضعيفة التي تحققها على رغم التراجع الكبير في أسعار المحروقات منذ 2014.

وتراوح هوامش الأرباح بين 2 و4 % مع أن هذه الشركات هي من بين الأكثر ربحية في العالم وستستحوذ لوحدها على 61 % من الأرباح في هذا القطاع التي ستبلغ هذه السنة نحو 30 مليار دولار بحسب الاتحاد الدولي للنقل الجوي (اياتا). 

وتحقق هذه الشركات ارباحا بمعدل 19,58 دولارا عن كل راكب تنقله في مقابل 5,65 دولارات لمنافساتها الأوروبية وفق اياتا. وتعطي شركات الطيران الأميركية حاليا الأولوية لتجديد أسطولها من الطائرات وتحسين المناخ الاجتماعي عن طريق زيادة الرواتب ما يعني بالنسبة للخبراء أنه يتعين الانتظار لوقت اطول قبل وضع الزبائن حقيقة في صلب اهتمامات هذه المؤسسات.