مع دخول القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة مواجهة هي الأسخن منذ القرن الفائت، ومع تصاعد الأزمة الأوكرانية والضم الروسي السريع للقرم، تظل التساؤلات قائمة حول انعكاسات ذلك على الأزمة السورية حيث المواجهة قائمة سلفًا.


نصر المجالي: مع التحدي الروسي للسياسة الخارجية للرئيس الأميركي باراك أوباما، ومعه الحلفاء الغربيين، حيث يبدو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين quot;راكبًا رأسهquot; بلا تراجع حتى النهاية، فإن ما يلفت الانتباه هو ما تسرّبه مصادر دبلوماسية عن احتمال الوصول إلى صفقة في الصراع تحت عنوان quot;لا غالب ولا مغلوبquot;، مع الحفاظ على مصالح الجميع.

مثل هذه الصفقة، التي يجرى الحديث عنها في الكواليس، تشير إلى احتمال الوقوف عند حدود الإجراءات العقابية الاقتصادية، التي اتخذت من جانب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى اللحظة، وعدم التصعيد عسكريًا، رغم كل التحذيرات في هذا الشأن، إن اعتزمت روسيا غزو الأراضي الأوكرانية، وهي كررت مرات نفيها لذلك.

حق روسيا الاستراتيجي
مثل هذا الموقف يقود إلى احتمالات الصفقة، التي يجرى الحديث عنها، وهي تتلخص في الاعتراف بحق حيازة روسيل لموطئ قدم استراتيجي في شبه جزيرة القرم، وخاصة ميناء سيفاستوبل وميناء كيرتش ومطار سيمفيروبول، حيث غادرت القوات الأوكرانية سلفًا هذه المواقع، متراجعة إلى مناطق حدودية.

وترى المصادر الدبلوماسية أنه مقابل مثل هذا الاعتراف بالحق الاستراتيجي لروسيا، فضلًا عن الموافقة على بقاء قطع من الأسطول الروسي في شرق المتوسط، قد يقابله الطلب إلى روسيا رفع غطائها عن نظام الرئيس السوري بشّار الأسد، الذي تحمّله القوى الغربية مسؤولية فشل الجولة الأخيرة لمؤتمر جنيف 2.

الحديث عن الصفقة المحتملة كان سؤال استطلاع (إيلاف) للأسبوع الماضي، الذي شارك فيه نحو 19069 قارئًا، وكانت النتيجة شبه متعادلة بين الذين أيّدوا مثل هذا التوجّه أو الذين رفضوه.

فقد صوّت 9977 مشاركًا (ما نسبته 52 %) بـquot;نعمquot; لمثل هذه الصفقة، بينما قال quot;لاquot; 9092 مشاركًا (ما نسبته 48 %) لذلك.
صحيح أن هناك دعوات إلى عزل روسيا، وأيضًا هناك نداءات للجم أحلام الرئيس الروسي بوتين لـquot;تفكيكquot; القارة الأوروبية، وسواء بسواء هناك مطالب للولايات المتحدة للعمل على استعادة بريقها كقدوة حسنة وقائدة للآخرين، وهذا يتطلب منها موقفًا صارمًا مع موسكو.

المواجهة والخسائر
مع كل هذا وذاك، فإن واشنطن وكذلك حال عواصم الغرب تدرك تمامًا أن المواجهة الشاملة مع روسيا لن تحقق إلا المزيد من الخسائر الاستراتيجية والاقتصادية لها، خاصة أن هناك المئات من الشركات الاستثمارية تعمل في الجانبين المتصادمين، مع الأخذ في الاعتبار أن روسيا هي المزوّد الرئيس للغاز لدول الاتحاد الأوروبي.

لذلك يظل الحل الدبلوماسي ونزع فتيل الأزمة هو الهدف الأساس، رغم كل الإجراءات التي اتخذت، بما فيها تعليق عضوية روسيا في مجموعة دول الثماني أو تعليق مشاركتها في قمة سوتشي المقبلة.

في الأخير، فإنه مع الاتصالات والمشاورات القائمة بين واشنطن وحلفائها في إطار حلف شمال الأطلسي أو في منظومة الأمن الأوروبي حول الأزمة الراهنة في أوكرانيا، إلا أن الأزمة السورية تظل لها أيضًا أهمية مماثلة، إن لم تكن هي الأهم، ولا بد من حسمها، عبر إنجاح مؤتمر جنيف 2 قبل الصيف المقبل، وقبل أية إجراءات سورية داخلية تتضمن إجراء انتخابات رئاسية.

يشار إلى أن مؤتمر جنيف 2 يهدف إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية، بمشاركة جميع الأطراف، وهي كانت العقدة التي أطاحت بالجولة الأولى من المؤتمر بدعم روسي ملحوظ، لكن قد تكون quot;الصفقةquot; المحتملة ما بين الحل الدبلوماسي للأزمتين quot;الأوكرانية والسوريةquot; هي البوابة الفاصلة لحل دبلوماسي يرضي جميع الأطراف ويكفل مصالحها الاستراتيجية.