رغم الفرحة التي عمت تونس عند إقرار القانون الانتخابي الجديد الذي يمهد السبيل نحو إجراء انتخابات عامة في السنة الحالية، فإن الطعون الكثيرة التي توجه بها منتقدون للقانون قد تعطل المصادقة النهائية عليه وتعيده الى رحاب البرلمان من جديد.


إيلاف من تونس: تلاحق الكثير من الطعون القانون الانتخابي الجديد في تونس.

وقام المجلس التأسيسي التونسي في 5 مايو الجاري بالمصادقة على القانون الانتخابي بعدما صوت 132 نائبًا لصالحه مقابل رفض 11 منهم وامتناع 9 عن التصويت. وسيتيح ذلك إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية قبل نهاية 2014، رغم أن موعدها لم يحدد بدقة بعد.

نقاش حاد وخلافات

وكان النقاش بشأن هذا القانون بدأ في 18 نيسان/أبريل، وشهد سجالات حامية بين النواب بخصوص عدد من القضايا الخلافية، مثل منع كوادر نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي من الترشح حتى تنظر العدالة الانتقالية في أمرهم، الأمر الذي رفض في نهاية المطاف بفارق صوت واحد.

ومن آخر فصول القانون التي تم تبنيها، فصل حول اعتماد لوائح تكون مناصفة بين النساء والرجال في الانتخابات التشريعية. في المقابل، فشل مقترح بشأن فرض حصة للنساء في رئاسة القوائم.

طعون كثيرة

تلك الخلافات حول القانون الانتخابي، ترجمت لاحقاً على شكل طعون تقدم بها نواب وجمعيات وسياسيون.

وأعلن رئيس شبكة دستورنا جوهر بن مبارك في تصريح صحافي، أن القانون الانتخابي لحقه الى الان 33 طعنًا، مؤكداً أنّ صياغة القانون غير نهائية وهو يحتاج الى اضاءات من قبل الخبراء والمختصين وستنظر فيه الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين.

وأكد بن مبارك، وهو أستاذ للقانون الدستوري في تصريح لصحيفة "الشروق" اليومية، على ضرورة اثارة نقائص القانون الانتخابي من الجوانب السياسية والتقنية،&وفي اطار الحوار مع القوى السياسية.

وتتلخص الاشكاليات التي يطرحها القانون الانتخابي من وجهة نظر رئيس شبكة "دستورنا" في منع قوات الامن والجيش الوطنيين من الانتخاب، في الوقت الذي لم ينص الدستور على ذلك بشكل صريح. كما تتعلق بالتناصف فضلاً عن&شروط الترشح وتمويل الحملة الانتخابية.

هذه أبرز الطعون

وفي وقت سابق، قدّم نواب تونسيون 5 طعون على دستورية مواد في قانون الانتخابات؛ ما يهدد بتعطيل إجراء الانتخابات العامة المقررة في وقت لاحق خلال هذا العام.

الطعون قدمها نواب مستقلون وآخرون منتمون إلى الكتلة الديمقراطية "معارضة" وكتلة التكتلّ "معارضة"، وشملت 5 طعون بعدم الدستورية تتعلق بأكثر من 30 مادة وردت في قانون الانتخابات الذي صادق عليه المجلس الوطني التأسيسي في مايو الجاري.

قانون الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين منوطة موقتًا بمهام المحكمة الدستورية، الذي صادق عليه المجلس في الـ 16 من أبريل الماضي، ونظم كيفيّة تقديم الطعون أمام الهيئة بشكل موقّت؛ حيث نصّ على أن تُرفع مطالب النظر في عدم الدستورية خلال سبعة أيام من تاريخ مُصادقة المجلس على مشروع القانون.

كما نصّ القانون على إمكانية تقديم 30 نائبًا على الأقل طعوناً حول مواد أي قانون يُصادق عليه المجلس، وقبل أن يختمه ويوقع عليه رئيس الجمهورية، على أن تتضمّن عريضة الدفع بعدم الدستورية المُقدّمة توقيعات النواب الذين قدّموا الطعن، وأن تكون مرفقة بالمستندات والقرائن القانونية على عدم دستورية الفصول المطعون فيها.

وهذه الطعون الخمسة التي تقدم بها النواب هي:

النقطة المُدرجة في المادة 6 من القانون الانتخابي، والتي تتعلّق بمنع الأمنيين والعسكريين من ممارسة الحق في الاقتراع.

النواب الطاعنون اعتبروا أنّ ذلك يتعارض مع جاء في توطئة تمهيد الدستور التي نصّت على مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين والمواطنات، ومع ما ورد في المادة 21 من الدستور التي نصت، بدورها، على أن جميع المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات دون تمييز، وأن الدولة ضامنة للحقوق والحريات الفردية والعامة.

طعن في شرط "التناصف العمودي" في قوائم الأحزاب المرشّحة للانتخابات التشريعية، والذي نص عليه القانون الانتخابي، ويعني تناوب الرجال والنساء في ترتيب القائمة رجل ثم إمرأه وهكذا.

النواب الطاعنون اعتبروا أنّ اعتماد "التناصف العمودي" فقط في القانون الانتخابي دون التنصيص على التناصف الأفقي أي ترؤس المرأة لنصف القوائم المرشحة عن كل حزب أو ائتلاف حزبي، لا يُعبّر عن تجسيد ما أقرّته المادة 46 من الدستور حول سعي الدولة إلى تحقيق التناصف في المجالس المنتخبة، بل إنّه يتعارض معه؛ حيث أن النص بشكله الحالي لا يفضي بالضرورة إلى مجالس نصفها من الرجال والنص الآخر من النساء.

طعن آخر يخص 28 مادة نظمت الإجراءات الجزائيّة وإجراءات التقاضي خلال مراحل العملية الانتخابية والترشح للانتخابات والطعون فيها والاعتراضات.

استند إلى ما ورد في الدستور بشأن وجوبية استشارة الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي المدني حول هذه المواد، الأمر الذي لم يحدث عند وضع القانون الانتخابي، وفق النواب الطاعنين.

وطعن في مسألة تقسيم الدوائر الانتخابية وتحديد عدد المقاعد في كل دائرة، خاصّة أنّ القانون الانتخابي أبقى على نفس التقسيم الذي تمّ اعتماده في انتخابات المجلس التأسيسي في الـ23 أكتوبر 2011.

ويعتبر الطاعنون أنّ هذا التقسيم لا يُكرّس المساواة بين المواطنين في التمثيل، ويجب تعديله.

يعترض مقدموه على مضمون المادة 42 من القانون الانتخابي، التي تنصّ على إضافة شرط تقديم ضمان مالي بالنسبة للمرشحين للانتخابات الرئاسيّة، إضافة إلى شرط التزكية أي تأييد عدد محدد من المواطنين.

تأجيل الانتخابات وارد

وستقوم الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين بالبت في هذه الطعون المُقدّمة لها خلال 10 أيام قابلة للتمديد مرّة واحدة لمّدة أسبوع، وهو ما يعني أنّ البتّ فيها لن يتجاوز الشهر الحالي لن يكون إلّا في آخر شهر مايو الجاري.

وإثر تقديم هذه الطعون، برزت مخاوف جدّية حول إمكانية تأثّر موعد الانتخابات بهذه الطعون خاصّة أنّ قبول أي منها من قبل الهيئة يعني إعادة القانون الانتخابي إلى المجلس التأسيسي من أجل تعديله وإعادة مناقشة كامل مواده مرّة أخرى والمُصادقة عليه.