يعاني اتحاد الديمقراطيين السوريين شقاقًا يعبر عن صعوبات كثيرة في العمل السياسي السوري المعارض، بسبب رواسب العقليات الحزبية الموروثة من أحزاب الحرب الباردة.


لندن: ماذا جرى في اتحاد الديمقراطيين السوريين خلال عام؟ وما وضع اتحاد الديمقراطيين؟ وما جوهر خلافاته الداخلية وسبل إنقاذه؟ هل انقسم أم يحتضر؟ هل يمكن انعاشه؟ من المسؤول عما آلت اليه الأمور فيه؟ هل هي مجرد دكاكين لأشخاص أم هو عمل عام؟ وهل هي ديمقراطية أم ادعاءات بها؟&
أسئلة كثيرة تدور بين الناشطين بعد بيانات متضاربة وتنازعات حول الشرعية، يجيب عنها عمر كوش، عضو المكتب التنفيذي المُنتخب في اتحاد الديمقراطيين، في لقاء خاص مع "ايلاف".

تعويل ذهني
قال كوش لـ "إيلاف": "ما يجري في اتحاد الديمقراطيين السوريين مؤسف جدًا، ويدعو للتأمل كثيرًا، ويعبر عن وجود صعوبات وعقبات كثيرة في العمل السياسي العام، بسبب رواسب العقليات الحزبية المتقادمة، الموروثة من أمراض أحزاب الحرب الباردة الكليانية، خاصة العقلية الستالينية التي لم يتخلص منها من كانوا منخرطين داخل الأحزاب الشمولية، بالرغم من خروجهم منها وانتقادهم لها".
أضاف: "تتسم عقليتهم بالجمود والتصلب، وعدم القدرة على العمل المؤسساتي الجماعي، المحتكم للمؤسسات والأطر الشرعية، وعدم القدرة على التجاوب مع مستجدات ومتغيرات سوريا في زمن الثورة، الذي أعلن نهاية الشخصيات الكاريزمية والقيادية، وكشف مدى ابتعادها عن نبض الشارع، أو الجماهير التي كانت تعول عليها، واتضح أنه تعويل ذهني، وغير واقعي، حيث الجماهير في ذهن السياسي ذو العقلية المتقادمة غير عامة الناس، من مختلف المشارب والحساسيات والانتماءات، فضلًا عن استفحال مرض تضخم الذات، الذي أصاب الشخصيات السياسية، التي تعتبر نفسها مخضرمة، فيما الأنا لديها منتفخة ومتورمة ألى حد مرضي، وكذلك شخصنة جميع المواقف السياسية المختلف عليها مع أيا كان المختلف معه".

متعالٍ يدّعي التواضع
وبحسب كوش، يزداد الأمر تعقيدًا حين تدعي هذه الشخصيات أنها ديمقراطية، بل وتحتكر الديمقراطية كاسم من دون معنى ومركبات وحمولات، بينما تمارس مختلف أساليب التكتل والشللية، وتمارس الاستبعاد والإقصاء والتهميش، الأمر الذي يذكر بممارسة نظام الاستبداد الأسدي.
وحول ما يقال عن انقسام الاتحاد، أوضح قائلًا: "لا يمكن القول إن الاتحاد انشق إلى قسمين، أو اتحادين، فهناك مجموعة تريد اتحادًا وفق تصوراتها الخاصة، تنطبق عليه ما ترسمه في ذهنها الوسواسي المرضي، الذي يكره ويحتقر العمل كفريق، له أهداف ومبادئ مشتركة".
وأشار كوش إلى مسببات الخلاف، فقال: "بصراحة أكبر، هذه المجموعة تمارس مختلف أنواع النفخ والتزلف لشخص امينها العام الذي يعتقد أنه وراء الثورة السورية وسبب اشتعالها واستمرارها، ويعتقد أنه قاد ربيع دمشق، بل وفجره، وأرسى كل مقدمات الثورة، وأنه اليوم بوصلة الثورة وناسها، وأنه الأفهم بين الجميع، ويجب أن ينقاد الناس وراءه مثل القطعان، التي لا تعرف سوى الطاعة والخضوع".
ورأى أن هذا الشخص متعالٍ يدّعي التواضع، وله عدة وجوه، ومتقلب المواقف على الدوام، وموهوم بأنه محور كل العمل السياسي العام.&
&
عقليات متقادمة
واعتبر كوش أن السبيل لبناء اتحاد الديمقراطيين السوريين وإنقاذه من التشرذم والتفكك هو التحلي بروح الجماعة والفريق، "واعتبار كل فرد نفسه مثله مثل بقية أعضاء الاتحاد، بمعنى أن تكون أولويته هي بناء الاتحاد ومؤسساته، وأن لا يفضل أي شيء آخر على الاتحاد. وهذا يتطلب التخلص من براهن العقليات المتقادمة، وتعلم أبجديات العمل السياسي العام، وممارستها على المستوى إجرائي".
وقال: "يتوجب على لجنة المراقبة والتحكيم أن تدعو إلى اجتماع عاجل، وأن تقول كلمتها حيال من شكلوا مكتبًا رئاسيًا للاتحاد، راح يصدر بيانات، دون علم أو استشارة أعضاء المكتب التنفيذي، وجرى تشكيله دون جميع علم هيئات الاتحاد، مع العلم أن وثائق الاتحاد تقول أن لاتحاد الديمقراطيين السوريين أمينًا عامًا، وليس رئيسًا".
وشدد على أن اجتماع لجنة الرقابة فورًا لتنظر في نقاط الخلاف، "وأهمها كيفية إبعاد أعضاء في المكتب التنفيذي، منتخبين من قبل المؤتمر العام، صاحب الكلمة العليا في الاتحاد، وإحالة أصحاب عقلية الإبعاد والاقصاء إلى المحاسبة والعقاب".
&