بعد أيام على صفقة تبادل العريف الأميركي بوي برغدال بخمسة من قادة حركة طالبان الأفغانية، يعيش هؤلاء الرجال اليوم حياة مترفة وفاخرة في العاصمة القطرية، التي يبدو أنها ستنسيهم حياة التقشف والفقر في أفغانستان.


لميس فرحات من بيروت: يحصل قادة طالبان الذين تم الإفراج عنهم مؤخراً على أعلى درجات الرعاية في الدوحة التي تعوضهم عن فترة الاعتقال الطويلة في سجن غوانتانامو، كما أنهم يتمتعون بأعلى درجات الرفاهية& في المنازل الفخمة والمكيفة والسيارات الحديثة.

في حي المعيذر

الرجال الخمسة - المتهمون بمجازر خلفت الآلاف من القتلى في أفغانستان والشرق الأوسط -& يعيشون اليوم بحرية بعد أن انتقلوا من غوانتانامو إلى حي المعيذر على مشارف العاصمة القطرية، كجزء من صفقة مثيرة للجدل لتبادل الأسرى مع جندي أميركي يعتقد أنه نفسه هرب من الخدمة العسكرية.

انتقل قادة طالبان المفرج عنهم إلى الدوحة بجهود المسؤولين الحكوميين القطريين مقابل الإفراج عن الرقيب بوي بيرغدال (28 عاماً)، الذي كان محتجزاً في أفغانستان لمدة خمس سنوات.

في هذا السياق، سلطت صحيفة الـ"تليغراف" الضوء على الحياة المترفة التي يعيشها القادة الخمسة الذين وصفتهم بأنهم "أسوأ الأسوأ" في حركة طالبان، الأمر الذي يثير سخط الكثير من الدول إلى جانب أفراد الجماعة الأفغانية الذين يعيشون حياة من الفقر والتقشف فيما يتمتع قادتهم بحياة "خمس نجوم".

حي المعيذر في الدوحة هو أحد الأحياء الفخمة الذي يتميّز بمنازله التي تشبه القصور والمجهزة بشكل كامل ومحاطة بالحدائق والأسوار والسيارات الفخمة.

تحول هذا الشارع إلى ما يشبه المجمع الفاخر الذي يضم – إلى جانب القطريين الأثرياء – الكثير من الجنسيات& البنغالية والباكستانية والأفغانية.

رعاية ونقاهة

ونقلت الصحيفة عن مصدر رفض الكشف عن اسمه قوله إن الرجال الخمسة يحصلون على رعاية طبية ونقاهة تعوضهم عن فترة اعتقالهم الطويلة، على الرغم من أنهم التزموا الصمت ولم يكشفوا عن مقر إقامتهم الجديد.

ويبدو أن القيادة القطرية تحرص على الحفاظ على سرية مقر إقامتهم الجديد، وربما بإيعاز من الإدارة الأميركية التي لم تنشر التفاصيل الكاملة لصفقة التبادل.

استراحة "المحاربين"

مع ذلك، أكد أحد مصادر طالبان في الدوحة، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن القادة الخمسة "يسكنون في حي المعيذر ويستريحون مع عائلاتهم الذين انضموا اليهم في المنازل الفخمة".

عملية التبادل هذه تشكل نقطة إيجابية لقطر التي تحرص على ترجمة ثروتها النفطية إلى قوة سياسية تجعلها وسيطاً ولاعباً فاعلاً على الساحة العالمية.

وساطة قطر

"كانت قطر بأشد الحاجة إلى هذا النجاح" قال مايكل ستيفنز، أحد كبار المحللين في الدوحة الذي يعمل في معهد (روسي) لأبحاث الأمن، مشيرًا إلى أن قطر سعت لعدة سنوات لوضع نفسها كوسيط بين الجماعات الإسلامية والعالم الغربي.

واشارت الـ "تليغراف" إلى أن قادة طالبان الخمسة سيتمتعون بحياة مترفة في العاصمة القطرية إلى العام المقبل على الأقل، وسينضمون بذلك إلى عدد كبير من القادة المستبدين ومجرمي الحرب وقادة الميليشيات والمتطرفين الذين تم منحهم ملاذاً في البلاد مقابل سكوتهم و"الحفاظ على هدوئهم".

الدوحة ملاذهم

يشار إلى أن موسى كوسا، رئيس المخابرات السابق في عهد الديكتاتور الليبي السابق العقيد معمر القذافي، وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، والشيخ يوسف القرضاوي هم بعض الشخصيات التي يمكن رؤيتها تحتسي الشاي في فندق الـ "فور سيزونز" في الدوحة.

وهناك أيضاً عشرات من كبار قادة وأعضاء حركة طالبان الذين يعيشون في البلاد لكنهم يبقون بعيداً عن الأنظار.

في هذا الإطار يقول ستيفنز: "إذا كنت عضوًا&في حركة طالبان وتقيم في الدوحة، فوظيفتك هي عدم القيام بأي شيء".

وقال أحد زعماء الجالية الأفغانية في الدوحة، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، "إن قادة طالبان يذهبون إلى المطاعم ويعيشون مثل أي شخص آخر& وأنا أزورهم في منازلهم كأصدقاء فقط وليس لشيء آخر".

في ظل توفر كافة وسائل الراحة والرعاية الصحية والمنازل والسيارات الفخمة، يبقى أن نرى ما إذا كان القادة الخمسة سيسعون للعودة إلى ساحة المعركة أو سيعتادون على الحياة المترفة في الدوحة.