يبدأ الرئيس الايراني حسن روحاني، الاثنين، زيارة هامة الى تركيا، فيما يسعى البلدان الى ترميم العلاقات التجارية بالرغم من الاجواء المشحونة جراء صراع النفوذ الاقليمي والخلافات العميقة بشأن الحرب السورية.


أنقرة: بدأ بعد ظهر الاثنين في جنيف اللقاء الثنائي بين ايران والولايات المتحدة بهدف التقدم في المفاوضات حول الملف النووي الايراني، كما ذكرت وسائل الاعلام الايرانية.

وتعهد الرئيسان التركي عبد الله غول والايراني حسن روحاني الاثنين بالتعاون من اجل وضع حد للنزاعات التي تعصف بالشرق الاوسط وخاصة النزاع في سوريا، المنقسمين بشأنه، وذلك لاعادة "الاستقرار" الى المنطقة.

وقال غول في مؤتمر صحافي في ختام مباحثاته مع الرئيس الايراني "نرغب معا في انهاء المعاناة في المنطقة ونعتزم التوصل الى ذلك. ويمكن للجهود المشتركة لتركيا وايران ان تقدم مساهمة كبرى في هذا الصدد".

من جانبه قال روحاني ان "ايران وتركيا، اكبر بلدين في المنطقة، عازمتان على محاربة التطرف والارهاب".

واضاف الرئيس الايراني ان "عدم الاستقرار السائد في المنطقة لا يخدم احدا لا في المنطقة ولا في العالم. وقد وافق بلدانا على العمل معا وبذل اقصى ما في وسعهما".

ومتطرقا بالتحديد الى الوضع في سوريا وفي مصر، اعتبر روحاني انه "من المهم ان يتمكن هذان البلدان من تحقيق الاستقرار والامن وان يتم احترام تصويت شعبيهما ووضع حد للحرب واراقة الدماء والاقتتال الاخوي".

وتختلف انقرة وطهران منذ اكثر من ثلاث سنوات بشأن النزاع السوري. ففي حين تعد ايران الحليف الاقليمي الرئيسي لنظام الرئيس بشار الاسد تدعم تركيا المعارضة السورية.

وذكرت وكالة الانباء الايرانية الرسمية ان روحاني ارسل الاحد برقية تهنئة الى الاسد على "فوزه بالرئاسة" في الانتخابات التي جرت في 3 حزيران/يونيو الحالي في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام امام مرشحين غير معروفين.

في المقابل وصفت وزارة الخارجية التركية الاثنين هذه الانتخابات بـ"الباطلة" معتبرة انه "من المستحيل اخذها بجدية".

والعلاقات بين الجانبين معقدة غالبًا ما شهدت توترات اتخذت منحى خطيراً في السنوات الاخيرة نتيجة تزايد صراع النفوذ بين القوتين الاسلاميتين السنية والشيعية في المنطقة.

وقد برز ذلك جليًا في النزاع السوري، حيث وجد الطرفان نفسيهما في جهتين متعارضتين.

فإيران الشيعية هي الداعم الرئيسي للرئيس السوري بشار الاسد، بينما تركيا ذات الغالبية السنية انتقلت من موقف المشجع على اجراء اصلاحات في سوريا الى موقف الداعم كليًا للمعارضة المسلحة.

كذلك يدور صراع نفوذ بين الطرفين في العراق وآسيا الوسطى وايضاً في منطقة القوقاز.

حتى في مواضيع يفترض أن تكون موضع تعاون بينهما، مثل الحركة الانفصالية الكردية، سعى كل منهما الى زعزعة الآخر. فتركيا وايران تواجهان تهديدًا من المتمردين الاكراد الذين يطمحون الى اقامة دولة خاصة بهم، لكن بدلاً من التعاون في مواجهة هذا الخطر دعمت كل من الحكومتين على مر السنين المتمردين على اراضي البلد الآخر.

ففي العام 2012، نقلت وسائل الاعلام التركية عن الحكومة أن اكثر من مئة عميل ايراني ناشطون في تركيا، حيث يعملون لحساب حزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمرداً مسلحاً مطالبًا بحكم ذاتي واسع للاكراد.

وقال المتحدث باسم السفارة الايرانية في انقرة الاسبوع المنصرم: "لدينا نقاط توافق وكذلك نقاط خلاف".

ورغم التوترات يبدو أن لدى الجانبين اسبابًا كثيرة للعمل سويًا.

فهما قلقان ازاء تصاعد نشاط المتطرفين عند حدودهما، ويأملان، اكثر من أي شيء آخر، في الحفاظ على اواصر علاقات وثيقة في مجال الطاقة والتجارة المهددة بالعقوبات الغربية المفروضة على ايران.

ويرافق روحاني وفد كبير من الوزراء، فيما يتوقع ابرام ستة اتفاقات تعاون على الاقل اثناء الزيارة.

كما ستترأس ايران وتركيا اول اجتماع لمجلس تعاون عالي المستوى انشأته انقرة مع جيرانها لتشجيع التجارة والاندماج الاقليمي.

وفي زيارة الى طهران في كانون الثاني/يناير الماضي، قال اردوغان إن البلدين يسعيان الى رفع حجم المبادلات التجارية الى اكثر من الضعف لتبلغ قيمتها 30 مليار دولار (22 مليار يورو) بحلول العام 2015.

كما أن تركيا تعتمد الى حد كبير على ايران وروسيا لإمدادها بمصادر الطاقة، وتعتزم زيادة وارداتها من النفط والغاز من ايران في اطار رفع العقوبات الدولية بموجب الاتفاق المرحلي حول الملف النووي الايراني مع دول مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا والمانيا). وقد عارضت بقوة العقوبات الغربية التي اعاقت بشكل خطير وصول الامدادات الايرانية في السنوات الاخيرة.

وقد اتهمت انقرة بالالتفاف على العقوبات من خلال قيامها بشكل خفي بتبادل الذهب مقابل الغاز الايراني.

ويقوم مدعون عامون اتراك حاليًا بالتحقيق في ما يصفونه بشبكة اجرامية واسعة استخدمت الرشاوى لإخفاء التجارة غير المشروعة. وقد نفى اردوغان هذه المزاعم واعتبرها مؤامرة خارجية ومارس ضغوطاً كبيرة على المحققين لإسقاط القضية.

وعبّر عن امله في أن تتمكن ايران من التوصل الى اتفاق نهائي مع الغرب بشأن برنامجها النووي بحلول 20 تموز/يوليو - موعد انتهاء الاتفاق المرحلي الموقع السنة الماضية، والذي بموجبه&تم رفع جزء من العقوبات- لترفع العقوبات بصورة نهائية.

والتقت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون ووزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في اسطنبول الشهر الماضي للبحث في الخطوات المقبلة للتوصل الى اتفاق نهائي، كما من المقرر أن تجرى جولة أخرى من المحادثات في فيينا في منتصف حزيران/يونيو.

وصرح الدبلوماسي الايراني لوكالة فرانس برس: "ننظر دومًا بايجابية لاستضافة تركيا المحادثات الايرانية، مشيرًا الى أنه سيطلع المسؤولين الاتراك على مضمون المفاوضات التي تجريها طهران مع القوى العظمى.

ولطالما دافعت انقرة عن حق طهران في التكنولوجيا النووية السلمية، لكنها تعارض بشدة انتاج السلاح الذري خشية أن يؤدي ذلك الى سباق تسلح في منطقة الشرق الاوسط.

وتعود آخر زيارة رئاسية ايرانية رسمية الى تركيا الى 1996 وقد قام بها الرئيس الاسبق هاشمي رفسنجاني.

وتلك الزيارة واكبها جدل عندما رفض رفسنجاني زيارة ضريح مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال اتاتورك -وهو تقليد درج عليه رؤساء الدول اثناء زيارة تركيا. ومن المتوقع ألا يزور روحاني ايضًا الضريح.

ومبادئ اتاتورك العلمانية تجعله شخصية لا تحظى بشعبية لدى قادة ايران. كذلك رفض الرئيس التركي زيارة ضريح مؤسس الجمهورية الاسلامية آية الله روح الله الخميني اثناء زيارة قام بها السنة الماضية.