أقام حزب يكيتي الكردي طاولة مستديرة للحوار بين أطياف المعارضة السورية، لتوحيد الرؤية، والتخلص من إرث البعث الاقصائي.


دعت منظمة بريطانيا لحزب يكيتي الكردي في سوريا إلى طاولة مستديرة للحوار بين أطياف المعارضة السورية في مدينة أكسفورد البريطانية، في 13 تموز (يوليو) الجاري.

واعتبر المشاركون أنها بداية حوار صريح وشفاف، يستعرض مجمل القضايا في الشأن السوري عبر محاولة تفعيل الحراك السياسي والثقافي، وإعادة انتاج ثقافة تبنى على التنوع القائم في سوريا، وقبول هذا الفسيفساء ليكون الجميع أمام شراكة حقيقية بعيدة عن ثقافة البعث والفكر الاقصائي واللون الواحد، الذي فرض على السوريين طيلة عقود.

واليوم، يحاول النظام السوري إعادة سلطاته عبر أجندات وبدائل تنتمي الى عصور ما قبل الجاهلية، من قوى ظلامية وتكفيرية، أمثال داعش واستنساخاتها من رحم نظام البعث.

الباب مفتوح

قال زارا صالح، القيادي في حزب يكيتي الكردي، لـ"إيلاف": "الحوار يهدف إلى بناء جسر تواصل بين مختلف النخب السياسية والثقافية السورية لإعادة الثقة المفقودة منذ عقود، وحتى بعد الثورة السورية وفي بريطانيا بالتحديد، التي تحتضن العديد من السياسيين والأكاديميين، لكن حلقة التواصل بينهم مفقودة".

وأضاف: "نسعى لخلق ثقافة جديدة، تعتمد قراءة الواقع والإقرار بالتنوع والاختلاف والطلاق مع ثقافة البعث وصوره النمطية التي احدثت انقسامًا في البنية المجتمعية السورية، وقدمت المكونات السورية المختلفة على أنها عدوة وخطر على أمن الأمة".

وتابع صالح قائلًا: "نحن لا نسعى الى تشكيل هيئات أو أطر أو نكون طرفًا لأجندات، نريد جوهر الطاولة المستديرة، وهي أن نتعارف كسوريين بعد سنوات الاغتراب الداخلي على أسس ثقافة التنوع وحسن النوايا وإعادة الثقة بين السوريين لكي نؤسس لثقافة مجتمعية، تكون البنية الصحيحة لتقبل وإقامة سوريا دولة تشاركية تعددية اتحادية تحتضن الخصوصية والتنوع، والفكرة قيد المناقشة والتطوير وباب المشاركة مفتوح للجميع".

يفتقدون للحوار

وبحسب حزب يكيتي، ما يفتقر إليه السوريون، نخبًا سياسية وثقافية، هو الحوار. ولأن معظم المؤتمرات والأطر الموجودة كانت تدخل في حسابات القنص والبحث عن النتائج بنزعات نرجسية بعيدة عن المصلحة العامة لسوريا ومحاولة فهم الآخر، لهذا تهدف هذه المبادرة إلى فكرة تبادل الآراء على الطاولة المستديرة، من دون شرط القبول بما يطرحه الطرف المقابل، ومن خلال بناء ثقافة معرفية تهدف إلى التخلص من إرث البعث، الذي عطل الحياة السياسية السورية، وحول السوريين غرباء في وطنهم، وكانت بداية التعارف بين السوريين عبر أزيز الرصاص وبحور الدماء.

وقدم صالح عرضًا مفصلًا حول فكرة المبادرة وأهدافها المرحلية واستراتيجيتها المستقبلية.

بعيدًا عن التحالفات

وكانت الدعوة وجهت للعديد من القوى والشخصيات المعارضة السورية، كردًا وعربًا، لحضور اللقاء .وقد لبّى البعض هذه الدعوة، واعتذر آخرون لعدم إمكانية حضورهم على أن يكونوا مشاركين في اللقاءات القادمة.

وقد تمت مناقشة فكرة المبادرة التي طرحها حزب يكيتي، والتي لاقت تجاوبًا وترحيبًا من قبل المشاركين من شخصيات سياسية من بينهم الدكتور ياسر عبدالفتاح، راتب سليمان، ثائر الحجي وغيرهم، بالاضافة الى قوى كردية وشخصيات مستقلة، قدموا مقترحات بشأن تفعيل هذه المبادرة بين السوريين، والتي ستكون بعيدة عن الاطر والتحالفات كما تجري العادة عند انعقاد أي اجتماع أو مؤتمر، وتكون المحاصصة واغتنام الفرص هدفاً للبعض.

ووعد القائمون على حزب يكيتي "أن تنتج طاولة حوار نحن أحوج اليها كسوريين حتى بعد سقوط النظام الذي احدث شروخًا وأمراضًا مستعصية في البنية الفكرية - الثقافية للمجتمع، فنحن نحتاج الى جهود وحسن نوايا للتخلص من تبعاتها، ولنبذ الثقافة النمطية بين المكونات السورية، وإعادة جسور الثقة، ونبذ ثقافة التخوين وغيرها من مفاهيم التفكير النمطي السلبي".

صوت السوريين

وبعد مداولات ومناقشات مستفيضة، قرر المجتمعون التوافق على إجراء لقاء تشاوري وتداولي جديد في بداية شهر أيلول (سبتمبر) ودعوة شخصيات سورية أخرى والاستماع إلى آرائهم حول فكرة المبادرة لتكون شاملة وحاضنة، لمختلف الآراء ما دام الهدف هو واحد وهو بناء الانسان السوري الحر والوصول إلى سوريا ديمقراطية تعددية تشاركية تكون لوحة التعبير عن تنوعها التاريخي والثقافي والديني.

وأعلن المجتمعون أن باب المناقشات سيكون مفتوحًا لجميع الآراء، وستكون هناك جلسات دورية عدة للوصول إلى حوار بناء وصريح وشفاف بين الجميع، بانتظار المزيد من المقترحات في هذا الجانب، فتكون الطاولة المستديرة صوت السوريين جميعًا مهما اختلفوا سياسيًا.