خيّم شبح التطرّف على افتتاح الدورة 26 لمهرجان "أيام قرطاج السينمائية" في تونس، وشهد حفل الافتتاح الذي أقيم السبت، حضورا لافتا رغم الاجراءات الأمنية الاستثنائية في العاصمة تونس بعد ورود أنباء عن تهديدات ارهابية.


إيلاف - متابعة: افتتح السبت& مهرجان "أيام قرطاج السينمائية" في دورته الـ 26 في تونس وسط اجراءات أمنية مشددة.

ويُعد المهرجان واجهة السينما الملتزمة في العالم العربي وافريقيا.

وشهد افتتاح هذا المهرجان& إقبالا جماهيريا واسعا مما أضفى أجواء احتفالية واضحة بـالعاصمة تونس، على الرغم من حالة الاستنفار التي فرضتها قوات الأمن خشية وقوع هجمات.

وتوجه الجمهور التونسي بكثافة صوب مبنى المسرح البلدي حيث أقيم حفل افتتاح المهرجان السينمائي& لمشاهدة نجوم السينما العربية والأفريقية بأحلى أزيائهم يتجولون فوق البساط الأحمر.

السجاد الأحمر

بُسط السجاد الأحمر على مسلك مخصص لاستقبال الضيوف والإعلان عن افتتاح مهرجان سينمائي عريق تأسس منذ سنة 1966 ببادرة من رائد السينما التونسي الراحل الطاهر شريعة.

وعلى غرار التظاهرات السينمائية الكبرى، ترجلت كوكبة من نجوم الفن السابع العرب والأفارقة من سيارات فخمة ليتوجهوا بخطوات النجوم نحو المسرح البلدي بالعاصمة الذي يحتضن آخر التظاهرات الفنية قبل أن تغلق أبوابه بداية من 15& يناير المقبل ليشهد أشغال ترميم وصيانة لمختلف أرجائه.

وقالت وكالة تونس افريقيا للأنباء معلقة عن هذا الحدث الثقافي البارز: "اشرأبت أعناق مئات المارة في شارع الحبيب بورقيبة لدى عبور هذه الكوكبة من نجوم الغناء والمسرح والسينما قبالة المسرح البلدي من بينهم الممثل المصري خالد أبو النجا والمخرج المصري داود عبد السيد والممثلة المصرية سلوى الخطاب& والنجمة اللبنانية مايا دياب والمخرجين المغربين نبيل عيوش ونورالدين الصايل والفنانين التونسيين علي بنور ولطفي بوشناق وخالد هويسة& ومحمد علي بن جمعة وفريال وهند صبري& يوسف وسوسن معالج وأمال علوان والمخرج فريد بوغدير والمنتجة درة بوشوشة مديرة الدورة السابقة وغيرهم من النجوم".

حفل الإفتتاح الذي جاء تحت شعار "الدنيا كلها سينما"، قدمه المنشط التونسي مراد الزغيدي، وشهد حضورا لافتا للسياسيين من بينهم رئيس الحكومة الحبيب الصيد ووزير الداخلية محمد ناجم الغرسلي وعدد من رؤساء البعثات الديبلوماسية المعتمدين بتونس، إلى جانب الوجوه الفنية المشرقية والتونسية والعالمية.

إشارة البداية&
&
وفي حركة رمزية، وبعد اعلان وزيرة الثقافة والمحافظة على التراث لطيفة الاخضر انطلاق الدورة 26 لايام قرطاج السينمائية، تولت المغنية والممثلة الإسبانية فيكتوريا ابريل التي اختيرت عرابة للمهرجان ،إعطاء إشارة انطلاق& هذه الدورة ، مؤكدة حرصها على حضور حفل افتتاح هذه التظاهرة السينمائية العريقة، وإعلان تضامنها مع تونس ودعمها في مقاومتها للإرهاب، مبينة أن السينما "تظل علاجا يساعدنا على أن نحيا".

واستهلت سهرة الافتتاح& بمعزوفة سمفونية عالمية لبيتر اليتش تشايكوفسكي قدمها الاوركستر السفوني التونسي بقيادة حافظ مقني تلتها مختارات لموسيقى أفلام سينمائية شهيرة وهي عصفور سطح (الحلفاوين) لفريد بوغدير و"زوربا لوغراك" لمايكل كاكويانيس.

وقبل تقديم الفيلم الأثيوبي "الشاة" للمخرج يارد زيليكي في عرض إفريقي أول، تم تقديم أعضاء لجان التحكيم لمختلف مسابقات المهرجان وومضة حول الأفلام الروائية الطويلة التي ستتنافس على التانيت الذهبي لهذه الدورة وهي 17& عملا منها ما يعرض لأول مرة عالميا أو إفريقيا أو عربيا.

وتم كذلك الإعلان عن تكريم عدد من نساء السينما المصرية الراحلات ومنهن فاتن حمامة والمخرجة أسماء البكري والمخرجة نبيهة لطفي ومعالي زايد ومريم فخر الدين.

كما تضمنت فقرات الإفتتاح تكريم المنتجة السينمائية التونسية درة بوشوشة التي تولت إدارة أيام قرطاج السينمائية سنة 2010 وسنة 2014، ليعتلي بعدها صناع فيلم "الشاة" لتقديم الفيلم الذي كان قد عرض في الدورة الأخيرة لمهرجان كان السينمائي ضمن قسم "نظرة ما".

ويروي هذا الفيلم الذي أنتج سنة 2015، ويدوم 94 دقيقة، قصة طفل في التاسعة من عمره يدعى أفراهيم يعيش مع والديه في منطقة جافة، تموت والدته بسبب المجاعة ويطلب منه والده التحول للعيش مع أقاربه القاطنين بمنطقة خضراء، بعد أن عقد العزم بدوره على الرحيل للعمل بأديس أبابا. يشد أفراهيم الرحال نحو أهل والده، وتصاحبه شاته "شوني" في الطريق الذي يحمل عديد المفاجآت والمغامرات. وعند وصوله يقرر الفتى الهروب إلى موطنه بعد أن طلب منه عمه ذبح الشاة لإحياء مناسبة قادمة.

ويشار الى ان عروض الدورة 26 لايام قرطاج السينمائية ستتجول في عدة محافظات داخلية تجسيما لمبدأ اللامركزية الثقافية، وقد اكد مدير الدورة المخرج ابراهيم اللطيف ان تذاكر العروض المبرمجة في محافظتي الكاف وجندوبة قد نفذت قبل انطلاقها بما يقيم الدليل على ان الجمهور التونسي مقبل على الحياة رغم التهديدات الإرهابية.&&&

السينما ضدّ الظلام

وقال مدير المهرجان إبراهيم اللطيف لوكالة فرانس برس "السينما تمزق حجاب الظلام، وتشكل الضمان الأكبر للانتصار على الارهاب".

ويرى اللطيف، بأن هذه الدورة تأتي تعبيراً عن رفض الارهاب والديكتاتورية الظلامية الأخذة في الانتشار.

وأضاف: "نريد أن نرسخ أيام قرطاج السينمائية في أرضها العربية - الافريقية، من خلال الانفتاح على سينمات العالم التي تتشارك معنا الحرص على الاستقلال والتعبير الثقافي".

وذكرت وزيرة الثقافة التونسية لطيفة لخضر، أن "الابداع هو الوسيلة الفضلى للتعبير عن تمسكنا بالحياة وكفاحنا ضد اولئك الذين يسعون إلى تدمير أسس الحياة"، مضيفة: "هذه الدورة ترياق ضد العنف".

وقال وزير الداخلية ناجم الغرسلي: "اتخذنا الإجراءات الضرورية لضمان الأمن في هذا الحدث، الذي يمثل فرحة للتونسيين وضيوفهم".

التانيت الذهبي

وتضم المسابقة الرسمية المكرسة للمخرجين العرب والأفارقة 81 فيلماً، من بينها 17 فيلماً طويلاً، و13 قصيراً و16 وثائقياً، تتنافس جميعها للفوز بجائزة «التانيت الذهبي».

ويستمر المهرجان حتى 28 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، ويعرض خلاله 350 فيلماً من العالم بأسره.

وتأتي الدورة الـ 26 للمهرجان، بعد سلسلة من الهجمات الارهابية استهدفت سياحاً وعناصر في الشرطة والجيش داخل البلاد.