خرج الأديب والمفكر المصري يوسف زيدان بتصريحات مثيرة للجدل، زعم عبرها أن لا وجود للمسجد الأقصى في مكانه القائم الآن، كما وشكك في الرواية المعروفة لحادثة الإسراء والمعراج، الأمر الذي دفع العلماء إلى اتهامه بالخروج من الإسلام، مؤكدين أنها أحداث ثابتة ولا تقبل التشكيك.

أحمد حسن من القاهرة: استمرارًا لفوضى الفتاوى الشاذة، وفي إطار الصراع بين رجال الدين والعلمانيين حول تجديد الخطاب الديني، خرج الأديب والمفكر يوسف زيدان، في حواره مع الإعلامي عمرو أديب عبر برنامجه "القاهرة اليوم"، ليزعم أن القدس كلمة "عبرانية"، وأنه لا وجود للمسجد الأقصى في مكانه القائم الآن، مشككاً في معجزة الإسراء والمعراج، وصلاة النبي محمد في المسجد الأقصى، وقد أثارت تلك التصريحات ردود فعل غاضة من قبل علماء الأزهر الشريف، موضحين أن من ينكر "الإسراء" فهو خارج عن ملة الإسلام، أما من ينكر "المعراج" فهو فاسق.
القدس
وقال زيدان: "لا يوجد في المسيحية ما يسمى بالقدس، لكنها تعرف باسم إليا"، معتبراً أن القدس كلمة "عبرانية" وليست مسيحية، حيث كان اليهود قبل ظهور المسيحية يعيشون على أمل المخلّص "المسيح" ونزوله من السماء، وأشار إلى أن الديانة المسيحية لم تكن موجودة في العام 70 بعد الميلاد، ولم يكن هناك "أناجيل" كما يقول البعض، وأن المسيحيين كان تركيزهم على مدينة تسمى "إليانوس" في فلسطين، التي سميت فيما بعد بمدينة "إليا"، وطوال الزمن المسيحي هي مدينة "إليا"، لافتاً إلى أن عمر بن الخطاب استلمها بهذا الاسم، من دون كلمة "القدس"، وتعهد لأسقفها أن يتولى المسلمون حمايتها، وألا يمنعوا أهلها من أداء فرائضهم المسيحية.
الإسراء والمعراج
كما زعم "زيدان" أنه لا جود للإسراء والمعراج بالمفهوم السائد، قائلاً: "عندما حدثت الخلافات في الدولة الأموية لـ 65 عاماً، وقطع عبد الله بن الزبير طريق الحج، بدأ الأمويون بالاهتمام بفكرة الإسراء المذكورة في القرآن، ولكن لها معنى آخر، والمعراج مش مذكور ومش عارف جاؤوا بهذه الكلمة من أين، ودا مسجد الصخرة في القدس، وبدأت تظهر كلمة القدس الكلمة العبرية القديمة، ولذا يتهمنا اليهود بسرقة الكلمة ومدينة القدس".
تصريحات "زيدان" المثيرة للجدل لم تتوقف عند هذا الحد، بل قال: "إن المسجد الأقصى ليس هو القائم في فلسطين الآن، ولا يمكن أن يكون كذلك، وليس إحدى القبلتين، فالنبي محمد اتجه حينما فرضت الصلاة مثلما اتجه اليهود إلى الشمال في نيته ليثرب، حتى نزلت الآية الكريمة قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها، ليتحول من الشمال إلى الجنوب وأصبحت الصلاة تجاه الكعبة في وقت ما كانت الكعبة بها أصنام".
خارج عن الإسلام
من جانبه أوضح الدكتور أحمد علي عثمان، أستاذ سيكولوجية الأديان، أن معجزة الإسراء والمعراج من ثوابت الدين الإسلامي مثل الصلاة والصيام والزكاة والحج، ويجب على المسلم تصديقها إيمانًا بما ورد في القرآن: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى"، كما وأشار إلى آية أخرى تؤكد المعراج: "ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى"، مؤكدًا أن فريضة الصلاة نزلت في رحلة الإسراء والمعراج، ومن ينكر هذه المعجزة يكون ناكرًا في الأصل لنزول الصلاة على النبي محمد في هذه الرحلة.
وقال عثمان ﻠـ "إيلاف" : "إن الإشارة إلى المسجد الأقصى ثابتة في القرآن، ومن ينكر وجوده وصلاة النبي محمد إمامًا بجميع الرسل والأنبياء في المسجد الأقصى فقد أنكر معلومًا من الدين بالضرورة، وفي هذه الحالة يجب مراجعة المفكر يوسف زيدان على آرائه الشاذة من قبل هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، وفي حالة إصراره على ما قاله فقد خرج من الدين الإسلامي".
إلى ذلك، لفت عثمان إلى أن المجادلين في معجزة الإسراء والمعراج صنفان، الأول: هم الماديون، وهؤلاء يرفضون فكرة المعجزة الخارقة لقوانين الطبيعة في ذاتها، ويرفضونها لكل الأديان لأنهم لايعترفون أصلًا بالأديان، لكنهم لن يفهموا تدخل القدرة الإلهية في هذا الحدث.
والثاني: وهم الأخطر، لأنهم لا ينكرون المعجزات لجميع الأنبياء، لكنهم ينكرونها على النبي محمد، لأنه كما يدعون ليس بنبي، فكيف تحدث له هذه المعجزة الخارقة؟، لذلك فلا مجال للحديث عن الإعجاز العلمي في الإسراء والمعراج لأنها واقعة خارج نطاق العلم.
بلاغ رسمي
من جانبه اعتبر الدكتور عبد الغني سعد، أستاذ العقيدة في جامعة الأزهر، تصريحات المفكر يوسف زيدان بالآراء الشاذة، التي لا تختلف كثيرًا عن فتاوى داعش والجماعات الإرهابية الأخرى، مطالبًا شيخ الأزهر بتفعيل المادة السابعة من الدستور، عبر تقديم بلاغ رسمي للنائب العام ضد من أصدر فتاوى وآراء شاذة، لأن تجديد الخطاب الديني غير موجه لداعش فقط، فهناك أفراد داخل مصر يمثلون خطرًا حقيقيًا على دين الإسلام، فإنكار معجزة الإسراء والمعراج تمثل إهانة كبيرة للنبي محمد، ويجب على جميع المسلمين الانتفاضة لمواجهة أصحابها .
وقال الدكتور عبد الغني ﻠـ "إيلاف": "إن الإسراء بالنبي من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثابت في القرآن، ومن ينكر هذه المعجزة، بقصد أو بدون قصد، يخرج من الإسلام إن مات على هذا المعتقد، لأنه أنكر شيئًا أخبر عنه القرآن بالنص الصريح ولا مجال هناك للاجتهاد أو التفكير".
عبد الغني أوضح أن هناك مئات الأحاديث الصحيحة في البخاري ومسلم التي تؤكد أن النبي أسُري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عُرج به إلى السموات العلى، وتذكر تلك الأحاديث ما رآه النبي في تلك الرحلة، أما عن كون المسجد الأقصى ليس في فلسطين فهذا كذب واضح، حتى أن اليهود أنفسهم يؤمنون بذلك، وإلا فلماذا الصراع على المسجد الأقصى ومدينة القدس؟.