أحيا المسيحيون في العراق ذكرى ميلاد السيد المسيح، فيما مشاعر الإحباط والغبن والتهميش تتغلب عليهم، ودعا رئيس الطائفة الإنجيلية القسّ فاروق حمو خلال قداس الميلاد في بغداد إلى وقوف المسيحيين والمسلمين صفًا واحدًا في مواجهة التحديات، معربًا عن أمله في عودة المسيحيين المهاجرين إلى مناطقهم التي غادروها عقب سيطرة تنظيم داعش.

&
محمد الغزي: أعرب حمو خلال قداس الميلاد المجيد، الذي أقيم في الكنيسة البروتستانتية الإنجيلية الوطنية في بغداد، وسط دعوات إلى أن يعمّ السلام جميع أنحاء العالم، أعرب عن أمله في "عودة المسيحيين المهاجرين صوب مختلف بلدان العالم إلى مناطقهم، وأن يعيش الإسلام والمسيحية صفًا واحدًا لمواجهة التحديات في العراق".
&
ورأى في تصريح لـ"إيلاف" أن "إقناع المسيحيين بعدم الهجرة من العراق لا يتعلق فقط بالاحتفالات، فهنالك أيضًا جوانب مهمة يجب أن تكون واضحة، فهم يحتاجون فرص عمل وارتفاع مستوى الأمان والاستقرار واستعادة الثقة".
&
افتتاح كنيسة
الكاردينال مار ساكو بطريرك الكنيسة الكلدانية، الذي افتتح كنيسة في مجمع للنازحين المسيحيين، قال في كلمة له قبيل انطلاق مراسم القداس "عام 2015 هو الأسوأ على المسيحيين، حيث نعيش ظروفًا صعبة ونعاني فكرًا متشددًا وممنهجًا ضد المسيحيين، خاصة الإكراه في قانون البطاقة الوطنية، ومحاولات لفرض الحجاب على المسيحيات"، كاشفًا عن قيام مجهولين بانتهاك مقابر للأشوريين المسيحيين في كركوك وتدمير القبور فيها.
&
وأكد ساكو مواصلة الدفاع عن حقوق المسيحيين العراقيبن، داعيًا الجميع إلى توحيد صوتهم ضد الاعتداءات التي تطال المسيحيين.
&
كما دعا إلى الصلاة من أجل تحرير الموصل وبلدات سهل نينوى ومدن العراق، وأن يعود أهلها إلى بيوتهم"، ماضيًا إلى القول "نحن على قناعة تامة بأن تحرير هذه المدن آت، ونحن عائدون، وفيها ندفن معاناتنا ومخاوفنا، وسينتهي التكفيريون والمتشددون والإرهابيون لا محالة، لأنه لا مستقبل لهم".
&
وكان رؤساء مجلس الطوائف المسيحية اجتمعوا في بغداد للبحث في الأمور التي تضيق عيش المسيحيين في العراق، وهم يشعرون بالغبن والتعامل غير العادل ضدّهم، وخاصة قضية البطاقة الموحدة، والتي تخص المادة 26/2، التي قوبلت بانتقاد لما تثيره من خلافات بين مكونات الشعب العراقي.
&
نبش القبور&
خيّمت إدانة نبش قبور المسيحيين في كركوك على قداس كنيسة الكلدان هناك. وقال رئيس كنيسة الكلدان في كركوك والسليمانية الأب يوسف توما، الذي أقام القداس في كنيسة القلب الأقدس، إنه تم الاكتفاء بإقامة الصلاة، مع إلغاء مراسم العيد بسبب تداعيات الأحداث، وفي ظل وجود العشرات من النازحين، لكن ما حصل من نبش لقبورنا في كركوك أمر مشين.
&
وكان مسلحون مجهولون قاموا بنبش نحو 20 قبرًا في مقبرة مسيحية، تستخدم من قبل كنيسة المشرق الآشورية والكنيسة الشرقية القديمة والسريانية الأرثوذكسية في منطقة عرفة القريبة من المجمع السكني لشركة نفط كركوك.&
&
البطاقة الوطنية
مونسينيور بيوف قاشا خوري كنيسة مار يوسف والنائب العام على أبرشية بغداد للسريان الكاثوليك، أكد لـ"إيلاف" أن "المخاوف الحقيقية من إفراغ البلد من المسيحيين قائمة بسبب استمرار هجرة المسيحيين من بغداد والعراق، حيث يهاجر كل يوم ما لا يقلّ عن أربع إلى خمس عوائل، ويصل الأمر إلى عشر عوائل".
&
وقال "ما الخطيئة التي ارتكبناها حتى نطرد من ديارنا وقرانا، هذا العيد جاء جريحًا، ولكن مسألة النازحين والمهجرين قسرًا أصبحت مهملة في هذا العالم البائس الذي يفتش عن مصالحه".
&
قاشا تحدث عن ثلاث قضايا تؤرّق المسيحيين. وقال "ما الذي حلّ في عراقنا الجريح.. كلنا أخوة كنا، فأصبحنا اليوم فئات وطوائف ومكونات وأقليات"، مشيرًا إلى أن "نحو 130 ألف عائلة مسيحية مهجرة اليوم في شمال العراق تنتظر العودة".
&
وانتقد مشروع البطاقة الوطنية والمادة 26 فيه، الذي يعتزم العراق اعتمادها، وما تتضمنه من غبن لحقوق المسيحيين. وقال "متى نعطى حقوقنا في هذه الديار، كما كنا سابقًا مناطق متنازعًا عليها، سينازعوننا هذه المرة ليعطونا هويتنا في البطاقة الوطنية، ونحن الأصلاء في هذا البلد الجريح".
&
ولفت إلى مسألة ثالثة، وصفها بالخطيرة، وهي "استملاك بيوت المسيحيين من دون علمهم.. فمن الذي فوّضهم أن يتكلموا باسمنا وباسم أبنائنا وكنيستنا.. مسيرة المسيح الحي باقية فينا، ونحن لسنا فقط كتابًا.. نحن حياة".
&
استعادة نينوى
وكان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، هنأ المسيحيين في العراق والعالم بحلول ذكرى الميلاد المجيد، مؤكدًا أنهم يشكلون ركنًا أساسيًا من التنوع الديني والإنساني في البلاد، وأن استعادة محافظة نينوى ستتم بتعاون الجميع.
&
وأكد العبادي "رفضنا الشديد وتصدينا بحزم وقوة لجميع الأعمال والممارسات الإرهابية التي ترتكبها داعش ضد المسيحيين والاعتداءات على الكنائس والمساجد ودور العبادة، والتي تستهدف في الوقت نفسه جميع العراقيين من مختلف الأديان والمعتقدات والطوائف".
&
وأشار إلى أن "أحد الواجبات الرئيسة على جميع الأطراف، هي حماية التعايش المشترك والتآلف بين المكونات الدينية والقومية المختلفة، وعدم السماح بهدم هذا التآلف والتعايش المشترك تحت أي ذريعة".
&
وطالت تفجيرات عددًا من الكنائس خلال الأعوام الماضية، وتبدو بغداد خالية من المسيحيين، والكنائس في بغداد شبه فارغة من المصلين. وازدادت معاناة المسيحيين بعد سيطرة تنظيم "داعش" على الموصل، والذي أجبرهم على اعتناق الدين الإسلامي أو مغادرة بيوتهم، كما قام التنظيم بتفجير عدد من الكنائس وتحويل بعضها الآخر إلى مراكز احتجاز.
&
ويحتفل المسيحيون بأعياد الميلاد ابتداءً من الـ25 من شهر كانون الأول، وتستمر الاحتفالات حتى الأول من السنة الجديدة.
&