أعرب عراقيون تحدثوا لـ"إيلاف" عن استيائهم من قيام الحكومة العراقية برفع الضريبة على المشروبات الكحولية بنسبة 300%، وتساءل بعضهم: كيف يحرّم الاسلاميون الخمور ويسعون في الوقت ذاته&للاستفادة من اموالها؟


عبد الجبار العتابي من بغداد: اعترض العديد من المواطنين العراقيين على رفع الضريبة المفروضة على المشروبات الروحية، وعبروا عن استيائهم ورفضهم للمداخلات التي قدمها البعض من النواب الاسلاميين واعترضوا فيها على تسمية الرسم على المشروبات الكحولية "ضريبة"، وطالبوا بتغييرها إلى "غرامة".

وتساءل عراقيون عن رواتب النواب التي لا يؤدون واجبًا مقابلها، ولا يحضرون حتى جلسات مجلسهم، مشددين على أن الحكومة التبس عليها الامر بين الحلال والحرام، وسخروا من قرار الضرائب على الخمور وهي التي "تصبّر الناس على ضيمكم ايها النواب"، على حد تعبير أحدهم.

تجارة المخدرات إلى انتعاش

يبدي حسين الرشيد، وهو موظف في وزارة الاتصالات، استغرابه من القرار، مشيرًا الى ان تجارة المخدرات ستزدهر، نتيجة لذلك.

يقول: "بعد ان اقر مجلس النواب قانون الموازنة، والذي نص على فرض ضرائب بنسبة 300% على الخمور،& جزء من هذه النسبة سيدخل جيوب الاعضاء كرواتب ومخصصات ومكافآت وسرقات ايضًا، وكذلك لتمويل احزابهم الدينية".

وأضاف أن سعر قنينة الخمرة الان في بغداد 10 الف دينار، وفي محافظات الفرات الاوسط والجنوب قرابة 50 الف دينار.

وسيكون سعرها في بغداد بعد فرض الضرائب من 30 الى 40 الف دينار، حسب نوعية الخمر عرق، ويسكي، جن، بيرة وفودكا..إلخ.

وتساءل: "ترى كم سيكون سعره في المحافظات المشمولة بالمنع خاصة انه يأتيها مهربًا عن طريق بغداد أو كردستان؟"

وتابع: "ما دام مجلسا الوزاء والنواب صوّتا على القرار ضمن الموازنة، اذًا على مجالس المحافظات السماح بفتح المحال والبارات في تلك المحافظات بدل انتعاش تجارة المخدرات وحبوب الكبسلة من اجل المحافظة على شبابنا من الضياع في دروبهما".

اما جميل العزاوي، موظف في وزارة الثقافة، فقد ابدى استياءه أيضاً، وقال: "ما نسمعه مصيبة حقيقية، فالحكومة تتدخل في حريات الناس، كل هذا من اجل تدمير الشباب واستبدال الخمر بالحشيشة الايرانية".

أضاف: "انهم يعملون على تجريدنا من كل شيء، والآن يتدخلون في اختيارات الناس ومأكلهم ومشربهم، سيطرتهم تمارس الارهاب في البحث عن قنينة خمر، الخمارون اكثر شرفًا ونزاهة من العصابات التي تبيح الممارسات الطائفية التي لا تقدم للناس غير الجهالة والقتل".

قرارات تافهة

يقول مهدي عباس، وهو ناقد سينمائي، إن الضرائب لا تقدم ولا تؤخر، يضيف: "انا مستاء طبعًا من فرض غرامات على الخمور بهذه النسبة الغريبة، اكيد تركوا الدنيا كلها وجاؤوا على الخمور".

وتابع: "هذه الضرائب لا تقدم ولا تؤخر، فنحن كمن يحاول خياطة بالون ممزق بإبرة خياطة صغيرة، نحن نعاني من فساد اداري وسرقة اموال الشعب بالمليارات، ما الذي يغيره فرض ضريبة على الخمور، انها معالجات تافهة يغطون من خلالها على مصاريفهم الباذخة وحماياتهم التي تستهلك المليارات، انها قرارات تافهة تثير الاستغراب".

يحتسون من ضيم الحكومة !

يبدي الفنان محمد الشامي اعتراضه على "كل عمل للدولة الجاهلة"، على حد تعبيره.

يقول: "هذه الضريبة كلام ساذج لأن الذي يشرب الخمر& في العراق فبسبب ضيم الحكومة عليه".

أضاف: "دع الدولة توفر الامان وتفرض ضرائب حسب رغبتها، فالمواطن العراقي لم يأمن على مستقبله ومستقبل اطفاله وحياته، فالدولة الفاشلة هي التي تصدر قرارات كهذه، فلو انها تمنع الفساد وتنعش الزراعة والصناعة فلن تحتاج لضرائب على الخمور والسكائر، ثم الخمور بمحافظات الوسط والجنوب تتاجر بها اجهزة السلطة الامنية وتباع باربعة اضعاف سعرها في بغداد، يعني على عينك يا تاجر، مجلس محافظة يمنع دخول الخمر وسلطة غاشمة تتاجر به... يجب احترام كرامة المواطن"

وختم حديثه بالقول: "انا مستاء جدًا من كل عمل الدولة ان كان لها عمل ايجابي، وعلى قول عادل امام انا اعترض على كل عمل الدولة الجاهلة وهي ترفع شعار الدولة العادلة".

مشاكل اجتماعية كثيرة

من جهتها، اكدت شذى فرج (موظفة) أن القرار سيحدث مشاكل اجتماعية، وقالت: "اعتقد ان ضريبة على الخمور بنسبة ٣٠٠ بالمئة، فرضت فقط من اجل ان تستفيد الدولة دون النظر الى المشاكل التي ستحدث فور تطبيق هذا الامر".

واضافت: "الخمر نهى عنه الدين الاسلامي وبما اننا دولة إسلامية فيجب على الدولة ان لا تسمح باستيراده اصلاً وليس فرض ضريبة أو غرامة عليه من باب الحديث الشريف (لاضرر ولاضرار)، اما في حالة الضريبة عليه وبتلك النسبة العالية فأعتقد انها ستجعل المخمور&من الممكن ان يؤثر على اهله ليحتسي الخمر فيبيع حاجات بيته أو يفعل أي شيء أو يسرق لكي يشتريه بأي سعر، وهنا ستحدث مشاكل اجتماعية كثيرة".

التهريب سيزدهر

من جانبه، اشار الكاتب علي رستم إلى رداءة نوعية الكحول التي تباع، وقال: "أولا المشروبات ونوع الدخان الذي يباع في العراق، ليس من شركات& تملك ماركة كما يباع في دول العالم، هناك ماركات جيدة،& لكن كل شيء يدخل إلى العراق هو من النوع الرديء".

واضاف: أعتقد حين تفرض ضرائب على منتجات اجنبية يجب أن يقابلها ما هو مصنع محلياً، فهل الدولة اهتمت فجأة بصحة الناس ولماذا تم تحديد الضرائب على الدخان والمشروبات، انه سؤال محير ولامبرر لمثل هكذا قرار، فهل إيرادات المواطن العراقي تسمح له أن يشتري علبة سجائر بـ7 دولارات أو المشروب بـ 50 دولاراً، وأعتقد ان التاجر سيستورد من ذات الماركات السابقة والتي هي رديئة، فهل هذا وارد ضمن التقشف مثلاً ولإجبار المجتمع على الامتناع عن الشرب بهذه الطريقة؟

يتابع: "لنا تجربة كما حصل في اميركا في بداية القرن العشرين حين منعت المشروبات، فقد حصلت ظاهرة التهريب وكما حدث في زمن النظام السابق حين تم منع المشروبات الكحولية فاستعاض عنها الكثيرون بالمخدرات والاسبيرتو وشم السيكوتين".

منافع صحية

الى ذلك، أيّد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، الأحد فرض ضرائب على السجائر والمشروبات الكحولية بدلاً من فرضها على كارتات الموبايل الضرورية والتي يستخدمها المواطن بكثرة.

وقال: "فرض الضرائب على السجائر والمشروبات الكحولية سيكون له أثر اقتصادي جيد وصحي أيضًا، فموضوع فرض ضرائب كالتي على كارت الموبايل غير مجدية وغير منصفة، لأن اغلب المواطنين اليوم وبسبب الوضع الأمني السيئ يستخدمون الموبايل بكثرة، وبالتالي فإن الضريبة ستكون عبئًا على المواطن الفقير".

يضيف:"ضريبة السجائر ستكون إيراداتها جيدة فضلاً عن تحقيقها هدفاً صحياً، وكذلك الضريبة على المشروبات الكحولية ستحقق ايرادًا جيدًا ويكون لها هدف صحي أيضًا".

الممنوع مرغوب

يشير استاذ الفيزياء علي شلاش إلى أن كل ممنوع مرغوب، وقال: "لماذا لا تكون هذه الضريبة على السجائر وهي اكثر استعمالاً من الخمر؟ عدد محلات بيع الخمر قليل جدًا، ولن يؤثر في رفع الايرادات".

واضاف متسائلاً: "هل الحل هو في منع بيع الخمور؟ وهل& الناس ستقبل بالقرار؟ لندع الفرد يتصرف حسب& عقليته بدون الاساءة للناس والقانون والاديان ووضع ضوابط& خاصة بذلك، ثم أن المشكلة تكمن في أن الممنوع& مرغوب في بلد يتحول بسرعة من الانفتاح الى الاتجاه الديني".
&