& إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي تشرّع عملية بيع الكلى للمرضى الذين يحتاجون إليها، لكن ذلك لم يخفف من آلام هؤلاء المرضى، ذلك أن تكاليف هذه العملية تفوق قدرة معظم الإيرانيين الذين أرهقتهم البطالة والفقر.

&
أشرف أبوجلالة: تلقى تجارة الأعضاء البشرية في إيران رواجًا، خاصة أنها الدولة الوحيدة في العالم التي تُشرِّع بيع الكلى، ورغم حصول المتبرعين على أموال من المشترين ومن الدولة مساهمة منها في القضاء على قوائم انتظار المرضى بالمستشفيات، إلا أن تلك التجارة قد طالت بآثارها الجانبية العائلات الفقيرة والمعوزة.
&
غطاء قانوني
ووافق مجلس الوزراء الإيراني عام 1997 على ذلك التوجه المثير للجدل، الذي وفر غطاءً قانونياً لعمليات بيع وزراعة الكلى للمرضى الذين يحتاجون إليها، وهو ما أدى بعد مرور عامين لاختفاء قوائم الانتظار الخاصة بعمليات زرع الكلى تقريباً.
وتمنح الحكومة الإيرانية مبلغاً متواضعًا يقدر بحوالي 300 جنيه إسترليني تعويضًا لكل متبرع من المتبرعين، بالإضافة إلى تأمين طبي شامل لمدة عام بالكامل، غير أن معظم تلك التعويضات يتم تقديمها للمتبرعين في أجواء تغلفها الخصوصية.
&
إعلانات
&
وتنتشر على جدران المستشفيات، التي تجري فيها عمليات نقل الكلى، الآلاف من الإعلانات المكتوبة بأقلام حبر مثل ( فصيلة الدم إيه A+ العمر 25 عاماً ومستعد لبيع كليتي ) و ( فرصة .. فصيلة الدم B- وأبلغ من العمر 33 عاماً ومستعد لبيع كليتي ).
وتقتصر المعلومات الأساسية لأصحاب تلك الإعلانات على نوع الفصيلة، رقم الهاتف المحمول والسن.&
وكلما اقترب السن من الـ 35 عاماً، وهو السن الأقصى الذي يسمح له بالتبرع بالكلى في إيران، يقل المبلغ المالي الذي يمكن الحصول عليه لقاء التبرع بالكلى.
&
تكاليف باهظة&
&
ونقلت بهذا الصدد صحيفة (الغارديان) البريطانية عن شخص مريض أثناء انتظاره الخضوع لعملية نقل كلى، يدعى غفار، قوله :" كنت أريد أن أصبح مدرساً، لكني لم أستطع إكمال دراستي بعد أن أصبت بالمرض. وظللت أبحث طيلة هذه السنوات عن متبرع لي". &
وتابع:"ورغم عثوري على 72 شخصاً وافقوا على التبرع بكلاهم، إلا أن الأطباء رفضوهم جميعهم نتيجة لعدم التوافق أو نتيجة لسوء حالتهم الصحية، وقبل عام عثرنا على متبرع مناسب بعد تجاوزه كل الاختبارات، لكنه حصل على الأموال قبل العملية بثلاثة أيام وبعدها اختفى تماماً".
&وأضاف :"وبعدها ببضعة أشهر، تواصلت مع متبرعة اسمها نارين، وكانت تريد 20 مليون تومان، لكني عرضت عليها 13 فقط. وفي النهاية، توصلنا إلى حل وسط يقضي بحصولها على 15 مليون تومان ( حوالي 3600 إسترليني )".
وحالة غفار ليست إلا واحدة من آلاف الحالات في إيران، حيث لا يقوى غالبية الإيرانيين على تحمل تكاليف عمليات زرع الكلى سوى الأثرياء، علما بأن السعر الذي طلبته نارين يعادل راتب موظف حكومي هناك لمدة عامين.&
&
باعوا كل شيء
&
وقال والد غفار ويدعى غلام رضا:" قمنا ببيع كل أراضي العائلة لكي نوفر تكاليف تلك العملية، وتعين علينا أن نختار بين قوت الأسرة وبين إنقاذ الابن".
وتنتمي نارين هي الأخرى لعائلة فقيرة، ورغم انها تزوجت مؤخراً، إلا أنها وزوجها&لا يزالان عاطلين عن العمل ويعيشان على نفقة والديها، ويمثلان أعدادًا كبيرة من الشباب الإيراني العاطل عن العمل نتيجة انهيار أسعار النفط ونتيجة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
ويقول المريض غفار:" استضفت نارين وزوجها في المنزل لبضعة أيام قبل الجراحة، وأتيحت لنا الفرصة كي نتعرف بشكل أفضل على بعضنا البعض، ومن المخزي للأزواج أن يستمروا في العيش مع والديهم بعد الزواج، وبإقدام نارين على بيع كليتها، ستتمكن هي وزوجها من استئجار منزل والاستقرار فيه، لفترة من الوقت على الأقل، ويأملان أن تعاود أسعار النفط للارتفاع، ومن ثم يتاح مزيد من فرص العمل".
&
فارق الحياة
&
وكانت الفاجعة التي أصابت نارين في مقتل إثر تلقيها مكالمة بعد مرور شهر على عملية نقل كليتها إلى غفار تفيد بأن جسم غفار رفض الكلية المنقولة إليه ولم يتمكن من الصمود أمام تلك الأزمة الصحية وفارق الحياة.
وانتابتها حالة من الاضطراب جراء وفاة غفار، وقالت لـ(الغارديان):" ما زالت أعاني، وما زلت أشعر بألم في كليتي المتبقية. ورغم أن الطبيب يشدد على ضرورة أن أُكثِر من تناول الطعام والشراب، إلا أني توقفت عن تناول الحبوب ولم أعد أذهب للمستشفى".
وأضافت :" تصورت أن غفار سينعم بحياة أفضل بعد العملية الجراحية، لكن تبرعي لم يكن مجدياً".
&
&
&&
&
&
&