«إيلاف المغرب» من الرباط: عكس ما كان متوقعا في الكثير من الأوساط المغربية والعربية والدولية، فاجأت نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية أمس الثلاثاء، ومنحت كرسي رئاسة القوة الأولى في العالم لمرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، ملحقا الهزيمة بالمرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون التي كان يتمنى الكثير من العرب والمسلمين فوزها، بدلا من غريمها ترامب، المثير للجدل.

واستقبل الشارع المغربي، خبر فوز ترامب بكرسي الرئاسة، بنوع من الشك والريبة، خاصة وان الرجل عبر في حملته الانتخابية عن عدائه الواضح للدول العربية والمسلمة، كما أبدى قدرا كبيرا من التهجم على المسلمين والجاليات المسلمة ببلاده، متوعدا باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء، الذين اعتبرهم يهددون الولايات المتحدة ومستقبلها.

غير أن هذه التصريحات تبقى مجرد كلام للحشد واستمالة الناخبين، حيث يرى محللون سياسيون بأن السياسات الخارجية للولايات المتحدة لا تتأثر بشخص الرئيس، وإنما تتحكم فيها محددات أخرى.

تهنئة العاهل المغربي

ووجه العاهل المغربي، الملك محمد السادس رسالة تهنئة لترامب بمناسبة انتخابه رئيسا لبلاد العم سام، في الانتخابات التي شهدتها الولايات المتحدة أمس الثلاثاء.

 وأعرب الملك محمد السادس، في الرسالة التي نشرتها وكالة الانباء المغربية عن متمنياته بكامل التوفيق لدونالد ترامب، في "مهامه السامية الجديدة، لقيادة الشعب الأميركي الصديق نحو المزيد من التقدم والرفاه"، مؤكدا أن انتخابه لرئاسة الولايات المتحدة يعكس "ما يحظى به لدى الشعب الأميركي من ثقة وتقدير كبيرين، بفضل ما يتحلى به من غيرة صادقة على مصالحه العليا، وما راكمه من خبرة مهنية واسعة، ستكون لا محال خير معين للسيد ترامب في قيادته على درب تحقيق المزيد من المكاسب والمنجزات في كافة المجالات، وتعزيز الحضور الدولي الوازن والفاعل للولايات المتحدة على الساحة العالمية".

اعتزار وارتياح

وأضاف العاهل في رسالة تهنئة الرئيس المنتخب "إنها لمناسبة سانحة أغتنمها، لأعرب لفخامتكم عن اعتزازي بما يربط شعبينا من وشائج الصداقة المتينة، والتقدير المتبادل، وبما يجمع بلدينا العريقين من علاقات تاريخية وطيدة، مؤكدا لكم حرصي القوي على العمل سويا معكم، من أجل استثمار أنجع وتفعيل أمثل للشراكة الاستراتيجية التي تجمع المملكة المغربية والولايات المتحدة، وتدعيم سبل الحوار والتنسيق والتشاور بينهما حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، وخاصة تلكم المتعلقة بالتحديات المتزايدة التي تواجه الأمن والسلم الدوليين، وفي مقدمتها التصدي لكافة أشكال التطرف والعنف والإرهاب، والإسهام في إيجاد حلول سلمية ومنصفة لمختلف النزاعات وبؤر التوتر في العالم".

كما عبر الملك محمد السادس للرئيس ترامب، عن مدى ارتياحه للدعم الموصول والاهتمام الكبير الذي توليه الولايات المتحدة للإصلاحات الهيكلية العميقة التي يقودها، من أجل "تحقيق التنمية الشاملة للمملكة، وكذا لما يبذله من مجهودات لترسيخ السلم والاستقرار في المنطقة، وما يتخذه من مبادرات من أجل قيام اتحاد مغاربي متكامل ومندمج، يحصن المنطقة ضد الأخطار الأمنية المحدقة بها، ويحقق لشعوبها ما تنشده من رقي وازدهار".

ضبابية في المشهد

وفي تعليقه على انتخاب الرئيس الجديد للولايات المتحدة، قال المحلل السياسي، محمد العمراني بوخبزة، إن المغاربة كانوا يراهنون على وصول كلينتون للبيت الأبيض، مؤكدا أن الانتصار المفاجئ لترامب جعل "الرؤيا غير واضحة والغموض يلف الأوضاع".

لكن بوخبزة، عاد وقال في تصريح لـ"إيلاف المغرب"، إنه على الرغم من تصريحات الرئيس الأميركي الجديد في الحملة الانتخابية والمواقف السلبية التي عبر عنها تجاه العرب والمسلمين بصفة عامة تبقى "مرتبط بالحملة الانتخابية ولا يمكن أن نأخذها على محمل الجد"، مشددا على أن ما يتعلق بالسياسة الخارجية الأميركية قائم على مجموعة من الثوابت، كـ"مراكز الأبحاث والدراسات الاسترارتيجية واللوبيات"، مبرزا أن الرئيس لا يتدخل فيها إلا بـ"شكل جزئي ومحدود".

وحول قضية الصحراء والوحدة الترابية للمغرب، توقع بوخبزة ، استمرار الدعم الأميركي للمغرب في هذا الملف، لافتا أن مقترح الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب يحظى بدعم موحد لكل من الديمقراطيون والجمهوريون.

كلينتون أخطر على المغرب من ترامب

وعكس ما ذهبت إليه الكثير من التحليلات والقراءات التي رأت في وصول كلينتون للبيت ربحا كبيرا للمغرب، قال عبد الرحيم منار السليمي، أستاذ العلوم السياسية والسياسات العمومية بجامعة محمد الخامس أكدال بالرباط، "أعتقد لو تولت كلينتون الرئاسة ستكون أخطر على المغرب من ترامب، لسبب هو أن لحظات التوتر التي عرفها تاريخ العلاقات المغربية - الأمريكية هي التي كانت مع أوباما والديمقراطيين".

وأضاف رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، في تصريح لـ"إيلاف المغرب"، أن العلاقات المغربية- الأميركية تتمثل في ثلاثة ملفات كبرى، هي "ملف الصحراء والتعاون الأمني في مجال مكافحة الإرهاب"، بالإضافة إلى إفريقيا التي أصبح المغرب قوة إقليمية تنافس فيها.

وسجل السليمي، في قراءته لانتخاب ترامب، المرشح الجمهوري رئيسا جديدا للولايات المتحدة ، بأن العلاقات بين المغرب والجمهوريين كانت دائما علاقات بدون صراع عكس الديمقراطيين، كما توقع المحلل السياسي المغربي، بأن منطقة شمال إفريقيا لن تكون ذات أولوية في سياسة ترامب خلال السنوات القادمة، موضحا أن المنطقة ستعرف نوعا من الفراغ في "سلم اهتمامات الرئيس الجديد، والذي سيمتد على الأقل لمدة سنة لكي يفهم ملفاتها المعقدة".

واعتبر السليمي، أن سياسة أميركا الخارجية مع ترامب ستكون مركزة على الشرق الأوسط وآسيا، عكس هيلاري كلينتون التي كان منتظرا ان تحظى منطقة شمال إفريقيا عندها بنوع من الأولية وهو ما كان سيخلق إشكالات وصدامات مع المغرب في ملف الصحراء"، مبرزا أن المحللين الذين يعتقدون بأن العلاقات مع كلينتون كانت ستشكل ضمانة "تحليلهم خاطئ، واعتقد أن كلينتون كانت ستكون ديمقراطية متشددة أكثر من أوباما وأصعب".

وأكد رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، أن منطقة شمال إفريقيا لن تكون لها نفس الأولوية كما كانت في مرحلة باراك أوباما وهيلاري كلينتون وزيرة للخارجية، مشيرا إلى أن هذا التحول سيحدث نوعا من الفراغ والولايات المتحدة ستعيش "نوعا من الانعزالية وهو ما سيفتح الباب أمام المزيد من الوجود الروسي في ملفات الشرق الأوسط وقد يصلون إلى شمال إفريقيا".