إيلاف من نيويورك: لم يكتف د.وليد فارس بلعب دور مستشار شؤون السياسة الخارجية للرئيس الاميركي المنتخب، دونالد ترامب، فالرجل ذو الأصول العربية، كان له دور بارز في الشق المتعلق بحشد الناخبين العرب على التصويت لترامب.

فارس الذي زار بعد تعيينه مستشارا لترامب، دولاً عربية وغربية والتقى مسؤولين دوليين بارزين في سياق إطلاعهم على أهداف المرشح الجمهوري، كانت له بصمة كبيرة في التحالف الشرق أوسطي الداعم لترامب، والذي يضم في صفوفه ابناء الجالية العربية، مسلمين ومسيحيين، بالإضافة الى مواطنين اتراك وإيرانيين، جميعهم وجدوا في الرئيس المنتخب ضالتهم المنشودة.

إنقسام الاميركيين

بعد نجاح ترامب في الوصول إلى البيت الأبيض، بدأ الحديث عن ان الانتخابات أوقعت انقساما كبيرا في&الولايات المتحدة.

في هذا الصدد، يقول د.فارس لـ"إيلاف": "كل انتخابات اميركية تقسم الناخبين ولكن الى مرحلة معينة، وهذا ما حدث في الانتخابات الماضية بين رومني واوباما، وايضا الانقسامات الحادة بين بوش وال غور عام 2000، ولكن المؤسسة السياسية الاميركية تستوعب الانقسامات ويمكن النظر الى هذه الصورة، اوباما الذي سيخرج والرئيس المنتخب ترامب يلتقيان في البيت الابيض ويتصافحان، وكأن شيئا لم يكن، ويقول اوباما، انه سيدعم تسلم ترامب للسلطة، والاخير يصف الرئيس الحالي بأنه رجل طيب، وبالتالي على المجتمع الدولي ان يعي ان المؤسسات الاميركية من اقوى المؤسسات بالعالم، وستتوحد الاكثرية بكل تأكيد، وبالطبع هناك اقلية مشاغبة تعمل وفق اجندتها الخاصة، وهذا امر معروف وغير مرتبط بالانتخابات".

وأكد "أن ترامب سيتمكن من اعادة الوحدة الى البلد، وهناك السلطة التنفيذية التي تتعاطى مع الشعب وتلبي احتياجاته، وهناك الكونغرس الذي تتمثل فيه الاحزاب السياسية، ومؤسسات المجتمع المدني والثقافية والسياسية. لا خوف من إنقسام الشعب الاميركي بالعمق، ولكن هناك فئات تستفيد من نتائج الانتخابات فتقوم بإثارة الشغب".

ترحيل العرب

هل سيقوم ترامب بترحيل العرب المسلمين، سؤال يرد عليه فارس قائلا: "الكلام الذي يصدر عن جهات اعلامية عن ان الرئيس ترامب سيرحّل المسلمين يمكن وصفه بالهراء، وتقف خلفه جماعة الإخوان المسلمين او النظام الإيراني، واكثر من ذلك، هذا كلام يهدف الى تخويف المسلمين، ومن يعمل على تخويفهم يريد السيطرة عليهم، ليس هناك سبب موجب لقيام الحكومة الاميركية بترحيل اي مواطن".

يضيف: "الجهات التي تصدر هذه الأكاذيب هي نفسها ترحّل الشعوب من حلب والموصل، ومن يقف وراء هذه الاتهامات طرف عقائدي متجذر في الشرق الاوسط يعتقد ان تخويفه للجالية العربية المسلمة قد يحقق الاهداف المرجوة، علما بأن اي حديث عن ترحيل المسلمين غير موجود في الثقافة السياسية الاميركية، ولم يتم ترحيل اي جالية منذ قيام اميركا، ولن يحدث ذلك".

ويشير إلى انه "من غير مقبول طرح الاسئلة عن مستقبل العرب الأميركيين، الولايات المتحدة هي بلدهم، وسيكون لهم دور اكبر واكبر، انظروا إلى الدور السياسي الذي لعبوه في الانتخابات الحالية، لعبوا دورا في الحزب الديمقراطي، ولعبوا دورا هائلا في الحزب الجمهوري، ورأينا كيف ان مؤيدي ترامب العرب المسلمين والمسيحيين في ميتشيغن ربما قد يكونون غيروا مسار الانتخابات، واعطوا ترامب الفوز بهذه الولاية".

د.وليد فارس مع الزميل جواد الصايغ

وتابع: "العرب الاميركيون يتواجدون في حقل الاقتصاد والسياسة والثقافة والسينما، ورغم صغر حجمهم غير انهم يتقدمون ويستقطبون الاضواء ويجري الحديث عنهم في كل مكان. طبعا لكل جالية مشاكلها ولكن ليس بالضرورة ان تكون هذه المشاكل مع الاكثرية، قد تكون الاشكالات داخلية، فالعالم العربي منقسم، وبعض النخب السياسية في صفوف العرب الاميركيين تنقسم، ولكن ليس على اساس ديترويت ولوس انجيليس، بل على اساس سوريا والعراق وليبيا، وبإختصار مستقبل العرب الاميركيين مشرق وسيتحسن الى الافضل بظل إدارة ترامب".

ناتو عربي

ماذا عن التحالف العربي، وعلاقة أميركا بالعالم العربي بظل حكم ترامب؟

يرد فارس قائلا: "ترامب تكلم عن تحالف منذ تسعة اشهر، وبدلاً من ان يطرح السؤال منذ تلك الفترة كان يجري الحديث عن سخافات تتعلق بالترحيل وما إلى ذلك. هو يريد التحالف مع العالم العربي، وذكر في خطابه الشهير في&اغسطس الماضي انه سيمد يده الى عمق العالم العربي للعمل مع مصر والاردن والخليج ودول أخرى لتأليف تحالف ربما شبيه بالناتو، وبدلاً من اجتماع العرب لتشكيل ناتو خاص بهم ترامب رئيس اميركا يقول لهم توحدوا ايها العرب المعتدلون لتساعدونا ونساعدكم، والعاقل يجب ان ينظر الى ترامب على انه منقذ للعالم العربي وليس فقط الى الاميركيين".

لمتابعة آخر أخبار ومستجدات انتخاب الرئيس الـ45 للولايات المتحدة الأميركية إضغط هنا

ويضيف: "التحالف العربي، سيضم الدول التي تؤيد مبادئ هذا التحالف المرتكزة على حماية المنطقة، وستكون فيه دول ذات انظمة ملكية او اشتراكية او ليبرالية او قومية عربية، فهناك تعدد وتميز في الانظمة"، لافتا "إلى ان من أهم المبادئ ايضا، مواجهة الارهاب ووضع حد للحرب الاهلية واعادة المهجرين خصوصا ان عددهم بات يفوق عدد اللاجئين الفلسطينيين باربعة اضعاف، وان لم تتم اعادتهم سيلاقون مصير اللاجئين الفلسطينيين، وقد تحدثت مع سفير فلسطين في الامم المتحدة الذي اعرب لي عن خشيته من ملاقاة اللاجئين السوريين والعراقيين مصير نظرائهم الفلسطينيين".

وتابع "كل الحكومات العربية التي تتشارك هذه الاهداف، بالاضافة الى الاهتمام بالانعاش الاقتصادي مدعوة للمشاركة في هذا التحالف الذي سيقرره بالاساس العرب وليس الاميركيين".

العلاقة مع الخليج

يقول: "عندما يستلم الرئيس المنتخب مسؤولياته في البيت الابيض، سيعيد العلاقات التحالفية مع دول الخليج، وسيعود الى مرحلة الشراكة التي كانت موجودة ايام عهد جورج بوش الاب، والابن، وسيعززها، وسيطوي مرحلة التخلي التي كانت موجودة ابان ادارة اوباما، وبالطبع سيلتقي قيادات المنطقة اما في الخليج او واشنطن، وسيحمي الخليج من خطرين، الاول الداعشي المتطرف، والثاني المتمثل بالتدخل الايراني في شؤون دول الخليج. بإختصار العلاقات ربما تعود اقوى مما كانت عليه حتى في عهد بوش الاب والابن، وستكون هناك شراكة اميركية خليجية بالموضوع الاقتصادي، وسينظر الى مشروع المملكة 2030، والمشاريع الهائلة الموجودة في الامارات والبحرين والكويت، وهو سيتحدث مع زعماء الخليج بغية نشر التقدم والازدهار في كل المنطقة بعد توقف حرب اليمن، وسوريا والعراق".

ماذا عن سوريا والعراق؟

يرى مستشار ترامب "ان الرئيس اوباما لم يتدخل في سوريا والعراق، واقصى ما فعله كان اعطاء الاوامر لاستخدام الطيران لمواجهة داعش، ولتدريب القوى التي تقاتل داعش. لم يتدخل لوضع حد للحرب الاهلية وحمامات الدم في سوريا، وفي العام 2013 عندما استعملت مبدئيًا الاسلحة الكيميائية، وضع خطاً أحمر ولم يلتزم به، وفي العراق لم يتدخل بالسرعة الكافية لحماية الاقليات، فتم تدمير الايزيديين وضرب الاكراد، ووقعت مجازر بحق الشيعة والمعتدلين السنة، كل هذه المأساة من 2014 حتى 2017، مكلفة ولم تنتهِ.

ويتابع: "سيرث ترامب حالة مأساوية في المنطقة، ولو كان رئيسًا في 2012 او 2011، لما كانت الفظاعة مستمرة في سوريا، كما انه سيواجه الملفات الكبرى وقال في خطاباته، انه يرفض ان يكون هناك تدخل عسكري استخباراتي ايراني في العراق وسوريا ولبنان، اما الكلام عن ماذا ستفعل ادارته فلا يمكننا التكهن، فلننتظر تشكيل الادارة لمعرفة الاشخاص الذين سيتواجدون فيها وساعتها يمكن التحليل، ولكنه هو غير راضٍ عن المعادلة القائمة حاليا، ويرفض وجود الباسداران في طول وعرض المنطقة، وكذلك الجهاديين، ويجب وضع حد لهم".

وأعرب فارس عن اعتقاده في حواره الشامل مع "إيلاف" "أن شعوب الشرق الاوسط تريد من اميركا رئيسًا يساعد على ارساء الامن والاستقرار في المنطقة، ولكن القوى المضادة كالمتطرفين والنظام الايراني سيحاولون افشال هذا الامر لانهم يستفيدون من حمامات الدم، لذلك هناك تحد كبير امام الرئيس ترامب.

وردًا على سؤال حول امكانية التواصل مع روسيا لحل ازمات المنطقة، يقول: "بالتأكيد سيتواصل مع روسيا، فليس من المعقول ان لا يتم التواصل بين دولتين نوويتين، والتواصل كان موجودًا في ايام الحرب الباردة، ولكن مع التواصل يجب ان يكون هناك عزم وحسم، فمثلاً قبل ان تأتي روسيا بقوتها الى سوريا كان يجب على ادارة اوباما حسم الامور كما حدث في ليبيا، فرغم علاقة القذافي وروسيا ومحاولة الاخيرة التصدي في الامم المتحدة للقرار الا انه كان هناك عزم من قبل الناتو، وبإختصار اراد اوباما الانسحاب من العراق لان هناك اتفاقًا مع ايران، ولانه اراد الانسحاب قبل حل الموضوع في سوريا وصلت الامور الى حرب مدمرة وسمح لايران وحزب الله بالتدخل".

ويشير "إلى ان ادارة ترامب ستعمل ما بوسعها مع الدول العربية في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الاسد وسيتم وضع خطط مشتركة، اما بالنسبة الى مناطق الاسد فهي واقعة تحت الحماية الروسية وبالتالي اصبح هناك امر واقع مشابه لحالة المانيا في الحرب الباردة، وعليه ان يتكلم مع الروس رغم ان هذا الامر قد لا يعجب المعارضة السورية، ولكن ما الحل؟

متابعا "اذا تم تنظيم الاوضاع في المناطق الكردية ومناطق المعارضة وتم اجتثاث المتطرفين عندها سيلقى ترامب دعم الرأي العام الاميركي من اجل تدعيم المجتمع السوري وساعتها سيتم التواصل مع روسيا لوضع حل سياسي واذا حصل تفاهم في العمق بين موسكو وواشنطن، سيطلب من روسيا الضغط على ايران وحزب الله، وسحبهما من سوريا، وسيقوم المجتمع الدولي بمحاربة الارهاب، وتفاصيل هذه الامور ستكون متروكة للمستقبل".

الاتفاق النووي

ماذا عن مستقبل الاتفاق النووي الذي يعتبر ترامب ومستشاره من دعاة تغييره أو تعديله، الامر الذي أدى ولا يزال الى وضع المستشار فارس في مرمى نيران دعاة الحفاظ عليه.

ويقول فارس: "الاتفاق النووي موقع من اعضاء مجلس الامن، ولكنه ليس موقعًا من الكونغرس الذي يعارضه بالاصل، والخارجية الاميركية الحالية قالت إن ترامب يمتلك جميع الخيارات، في المبدأ هناك اجابة ترامب لا يريد الاتفاق النووي بالشكل الذي هو عليه الان، ولكن علينا انتظار استلام الادارة الجديدة، وإجتماع مجلس الامن القومي لتقرير مستقبل الاتفاق".

يضيف: "توجد آليات في القانون الدولي والقانون الاميركي، وسنرى كيف ستواجه ادارة ترامب هذا الموضوع، ولكن هناك اكثر من وسيلة لتعديله أو اسقاطه، وليس بالضرورة ان نسمع للنظام الايراني الذي يقول ان هذا الاتفاق موقع عليه، فهناك الكثير من الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها،&ولكنها كانت عرضة للتغيير في ما بعد".