إيلاف من برلين: يعالج &التهاب الدم عادة بالمضادات الحيوية، ولكن ليس قبل تشخيص نوع الجراثيم، وهذه عملية تستغرق وقتاً قد يهدد حياة المريض. الاطباء السويسريون استخدموا المغناطيس لـ"اصطياد الجراثيم" من الدم بغض النظر عن نوعها.

ومعروف أن التهابات الدم بالجراثيم الخطيرة تؤدي إلى الموت في 50% من الحالات رغم التقدم الكبير الذي احرزه الطب في هذا المجال. وتسود هنا أيضاً قاعدة "الوقت الثمين"، بمعنى التشخيص المبكر والسرعة في العلاج لانقاذ حياة المريض.&

وعادة يلجأ الأطباء إلى المضادات الحيوية قبل التشخيص، وبغض النظر عن نوع الجراثيم (بكتيريا أو فيروس أو غيرهما)، وهذا يعرض المريض إلى مضاعفات لا حاجة لها، ويزود البكتيريا بمقاومة كبيرة للمضادات الحيوية.

وتكمن الخطورة على حياة المصاب بتسمم الدم في رد فعل نظام المناعة الجسدي بالضد من الجراثيم والحاق الضرر بمختلف الأعضاء الحيوية. ويؤدي التسمم إلى انخفاض كبير في ضغط الدم يقود في معظم الحالات إلى"صدمة".

ويقول العلماء من معهد اختبار وأبحاث المواد الجديدة (Empa) انهم ابتكروا طريقة ستضع علاج التهاب الدم بالمضادات الحيوية على الرف. إذ استخدموا كريات معدنية نانوية مغلفة بالجسيمات المضادة تلتصق بالجراثيم، ثم استخدموا المغناطيس لسحب الكريات المعدنية مع الجراثيم من الدم.

وكتب العلماء من جامعة فرايبورغ السويسرية، بالتعاون مع جامعة هارفارد الطبية، في مجلة "أبحاث المواد الكيماوية" ان الطريقة سريعة ومضمونة تماماً، لأن الكريات المغلفة بالجسيمات المضادة تتعرف على الجراثيم وتلتصق بها في الحال.

جسيمات مضادة تتعرف على نوع الجراثيم

قبل هذا، نجحت الباحثة انغه هيرمان، بالتعاون مع المتخصص في شؤون المواد ماركو لاتودا، في تغليف الكريات النانوية بجسيمات مضادة تتعرف على نوع واحد من البكتيريا، وهذا يعني تغيير تغليفها عند عدم تطابق الجسيمات مع نوع البكتيريا. إلا انهما نجحا أخيراً في تغليف الكريات بجسيمات مضادة تتعرف على كافة أنواع البكتيريا والجراثيم الأخرى المعروفة بتسميمها للدم.

وذكرت هيرمان ان حاجة الكريات السابقة لتحليل الدم يعني فقدان عامل الوقت في العلاج، ولذلك فقد استبعد العلماء في السابق استخدامها في علاج التهاب الدم. إلا ان ما حققوه سيشيع استخدام طريقة الكريات الممغنطة في كافة أرجاء العالم.

ويعود الفضل إلى الباحث جيرالد بيير، من جامعة هارفارد الطبية، الذي توصل إلى جسيمات مضادة لتغليف الكريات تلتصق بكافة أنواع الجراثيم. واعتبرت هيرمان سحب البكتيريا بواسطة الكريات المعدنية الممغنطة نوعاً" من غسيل الدم" يضمن التدخل السريع لانقاذ حياة لمرضى.

وبغية التأكد من سلامة علاج التهاب الدم بالمغناطيس ستجرب هيرمان الطريقة على مختلف أنواع البكتيريا والميكروبات الأخرى، التي تسبب التهاب الدم، قبل وضع الطريقة تحت تصرف الطب.

التأكد من سلامة الكريات

وذكرت هيرمان ان عملية إنتاج الكريات الصغيرة وتغليفها بالمضادات الحيوية، التي تتعرف على البكتيريا، ليست سهلة ولابد من تطوير تقنيتها. إذ انه ليس من المستبعد ان تبقى بعض هذه الكريات في الدم ويعجز المغناطيس عن جمعها بالكامل، ولهذا يجب ضمان سحبها جميعاً من الدم، كما ينبغي ان تكون غير خطرة على المريض عند بقاء بعضها ودورانه مع الدم.

ولهذا فقد عمل فريق العمل على تجاوز هذه النقطة قبل الاعلان عن طريقة العلاج الجديدة. إذ تمكن العلماء من جعل الكريات المعدنية الصغيرة تتجمع، بعد التصاقها بالبكتيريا، بشكل عناقيد يسهل سحبها جميعاً بالمغناطيس.

اما التحوير الآخر الذي ادخلته هيرمان وزملاؤها على الكريات، هو انهم عملوا على ضمان انها تتحلل في الدم إلى مواد غير ضارة بعد خمسة أيام من العلاج كحد أقصى.

رغم التقدم الطبي الظاهر في البلدان المتقدمة، فإن نسبة الوفيات بتسمم الدم عالية. وفي ألمانيا يصاب 160 ألف إنسان بتسمم الدم سنوياً، تقول وزارة الصحة إن 60 ألفاً منهم يفقدون حياتهم بسببه.