بارك مراقب جماعة الاخوان المسلمين في سوريا، محمد حكمت وليد، في مقابلة مع "إيلاف" ما وصفه بـ "كل الجهود الرامية إلى قطع اليد الإيرانية الآثمة من المنطقة العربية كلها".

نيويورك: قال المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، محمد حكمت وليد، "إنه ومنذ جنيف1 وحتى جنيف 3 لم نلمس جدية المجتمع الدولي في التعامل مع القضية السورية".

وأضاف المراقب العام في مقابلة مطولة مع "إيلاف" عبر البريد الإلكتروني، "قدم السوريون من التضحيات ما لم يقدمه أحد من أجل مطالبهم في الحرية وحقهم بدولة يسود فيها القانون والعدالة والمساواة بين الشرائح الاجتماعية؛ ورغم هذه التضحيات الجسام لا يزال الموقف الدولي يمارس نوعا من الحيادية القاتلة والتي لا تخلو من انحياز في أحيان كثيرة إلى القاتل".

وأشار "إلى اننا لسنا متفائلين بمسار جنيف الحالي، ولا نظن أن المجتمع الدولي وصل إلى القناعة التي بموجبها سيتحرك لإنقاذ السوريين من براثن القتلة وحلفائهم الدوليين والإقليميين".

رحيل الأسد

وعن التمسك برحيل الأسد كشرط اساسي للتفاوض؟ قال وليد "لا نملك خيارا آخر؛ نحن جزء من السوريين الذين ثاروا على هذا النظام ويريدون اليوم الإطاحة به وتقديمه للمحاكمة العادلة جزاء ما اقترفه هو وأبوه ورموز نظامهما من جرائم بحق الأبرياء العزل.لا أظن أن عاقلا منصفا يعتقد بصلاحية الأسد لحكم سورية يوما واحدا بعدما أسال أنهار الدم السوري على مدى خمس سنين، بل خمسة عقود".

&أداء الدول الداعمة للمعارضة

وعما إذا كان اداء الدول الداعمة للمعارضة على قدر الآمال؟ اعتبر المراقب العام "أنه لم يكن كذلك؛ فالولايات المتحدة الأميركية لم تصدر إلى الثورة السورية سوى الادعاءات العريضة بسقوط شرعية الأسد والتي كررها المسؤولون الأميركيون منذ صيف 2011. ومجموعة أصدقاء سورية بمعظمها لم تفعل على أرض الواقع شيئا يذكر بل تمارس هذه المجموعة في أحيان كثيرة ضغوطا على الداعمين الفاعلين للثورة. كما تفعل الولايات المتحدة مع تركيا والسعودية وقطر. فهي تضغط عليهم ليوقفوا دعمهم للسوريين، وقد منعت تركيا من إقامة المنطقة الآمنة على حدودها الجنوبية. كما أنها تنسق وبصورة حثيثة مع الروس، وتعقد الاتفاقيات والمعاهدات مع إيران. وهاتان الدولتان داعمتان وبقوة لنظام الأسد".

تغير الموازين في سوريا

&وفي رده على سؤال حول العوامل التي ادت إلى قلب الموازين في سوريا، خصوصا انه وبعد انطلاقة الثورة بحوالى عام ونصف، كانت المعارضة قريبة من تحقيق اهدافها، (الجيش الحر يتقدم) ودمشق محاصرة،لفت وليد، "الى ان العوامل كثيرة؛ وعلى رأسها الدعم الروسي والإيراني الكبير لنظام الأسد، هذا الدعم الذي يشمل الأموال والأسلحة والرجال والميليشيات والتغطية الجوية، ومن العوامل أيضا؛ وقوف الدول الكبرى حائط صد أمام مشروع الثورة السورية، حتى لا يحقق انتصاره على النظام؛ فمارس المجتمع الدولي صنوفا من منع الشعب السوري تحقيق مطالبه؛ تمثلت بمنع إقامة منطقة آمنة، وبمنع حصول الثوار السوريين على مضادات الطيران وبقية الأسلحة النوعية، كما ساهم المجتمع الدولي بالصمت أمام العدوان الخارجي على المدنيين من خلال رفض معاقبة رافضي تطبيق القرارات الأممية الخاصة بمنع حصار المدنيين، وإدخال المساعدات الإنسانية إليهم".

الإتهامات الموجهة للجماعة

&مراقب الإخوان وفي رده على سؤال حول الإتهامات التي يوجهها البعض للجماعة حول سيطرتهم على المجالس والمؤسسات المعارضة، وإفشال اهداف الثورة، قال " ستمر بعد أيام الذكرى الخامسة للثورة السورية وستدخل سنتها السادسة، وما زلنا نتعرض لهذا الاتهام الباطل الذي فندناه قديما، وكأن طرحه اليوم هو لعبة تلعبها جهات نافذة لا تريد لهذه الشعوب أن تتحد في مواجهة الاستبداد والعدوان الذي تتعرض له المنطقة وسورية في القلب منها"، وعن الدور الذي يلعبه الإخوان في سورية منذ اذار 2011، كشف "أنه ومنذ انطلاقة الثورة أخذنا على أنفسنا العهد بأن لا نتقدم على أحد وأن لا نغالب تيارا وأن لا نستبد برأي، وأن نكون عنصر التوازن، نسد الخلل، ونرتق الشقوق، ونردم الهوة بين الأطياف السورية المختلفة. وقد أدّينا هذا الدور لما تنازلنا عن عدد من مقاعدنا التي نلناها باستحقاق واضح في المجلس الوطني عام 2011، وكذلك لم نقف موقفا معطلا لأي استحقاق وطني، وكان دورنا واضحا في جمع كلمة السوريين في الائتلاف في مراحله المختلفة، واليوم نحن ممثلون بعضو واحد داخل الهيئة العليا للمفاوضات. وقد صارت جميع الأطراف تنظر إلينا بوصفنا بيضة القبان وحجر الزاوية في كل خطوة سورية نحو المستقبل.

تأثير داعش على قوى الثورة

&إلى أي حد أثر تنظيم داعش والفصائل المتشددة على أداء قوى الثورة؟ سؤال أجاب عليه المراقب العام بالقول: "في الحقيقة إننا نتمثل اليوم بقول المتنبي "وسوى الروم خلف ظهرك روم". كان هذا التنظيم الخنجر المسموم في خاصرتنا، وما حدث مؤخرا من حصار لمدينة حلب، وفصل لريفها الشمالي عن وسط المدينة وقطع طرق الإمداد الرئيسة من الشمال باتجاه المدينة، وفك الحصار الجزئي على نبل والزهراء المواليتين للنظام؛ يؤكد هذا، فقد كان هذا التنظيم المجرم شريكا فيه، فهو الذي يحاصر الثوار شرق حلب، ويحتل أهم المناطق الاستراتيجية في مدينة السفيرة وما حولها، في حين ينعم حلفاؤه في النظام وميليشياته الطائفية بسلام وعلاقات ودية، بل بتبادل تجاري واقتصادي واسع".

وتابع "لم تستهدف روسيا منذ تدخلت بعدوانها السافر في سورية هذا التنظيم إلا بنسبة محدودة لم تتجاوز 20 بالمئة. بينما كان هدفها واضحا في استهداف فصائل الثورة التي تمثل هذا الشعب بمختلف توجهاته".

موقف الأمم المتحدة

وعن تغير موقف الأمم المتحدة حيال الثورة بعدما أظهرت تعاطفا معها في البداية، وصولا إلى الايام الحالية حيث بات هناك من يلوح بانقلاب في موقف الامم المتحدة والدول المؤيدة، إعتبر "ان موقف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالعموم لم يتغير من ثورة الشعب السوري؛ ظلت هذه المواقف باهتة ومحايدة تارة، ومنحازة في أحيان كثيرة للنظام وحلفائه. فعلى سبيل المثال؛ كانت الولايات المتحدة الاميركية، وهي الدولة الأكبر والأكثر تأثيرا في رأي المجتمع الدولي مشغولة بالاتفاق النووي مع إيران، وفي سبيل ذلك لم تغضب الإيرانيين مرة واحدة وهي تعلم شراكتهم الفاضحة في قتل مئات آلاف السوريين.كما أن المواقف الأوروبية لم تكن أفضل حالا؛ فهي مرتهنة للموقف الروسي، وتخشى غضب موسكو والتي تعد مصدرها الأول والأهم للطاقة. وكما صمتت أمام عدوان روسيا على أوكرانيا 2014 فإنها تكتفي بالتنديد والشجب على عدوان الأخيرة على سورية. وما حدث في مجلس الأمن -طرح الملف السوري على التصويت واصطدامه بالفيتو الروسي الصيني- لم يكن أكثر من مناورات سياسية وتهديدات فارغة لتجنب هجمة الرأي العام الغربي من جهة، وقرصة أذن للخصوم السياسيين من جهة أخرى".

عجز المجتمع الدولي

وعن إمكانية التعويل على المجتمع الدولي للمساعدة على فرض رحيل النظام بظل عجزه أمام حصار مضايا، قال المراقب العام، "هذا ما أردت إيصاله آنفا؛ في صيف 2013 تعرضت غوطتا دمشق لقصف بالسلاح الكيماوي المحرم دوليا، وقد أودى الهجوم بأرواح 1700 مدني معظمهم من الأطفال والنساء، ولم يتحرك المجتمع الدولي بأكثر من تفكيك الترسانة الكيماوية التي يمتلكها النظام، لا خوفا من ضربات أخرى على السوريين فقد استخدم النظام هذا السلاح في مواطن أخرى بعد القرار الأممي، وإنما كان تحركه خوفا من وقوع هذا السلاح بأيادٍ لا يمكن ضمانها والثقة بها". متابعا"يموت السوريون اليوم بأشد أنواع الأسلحة ألما وفتكا، وبأقلها إنسانية وأخلاقية، وهو سلاح التجويع، ولم تتحرك ضمائر المسؤولين الكبار مطلقا. نحن لا نعول على هذا المجتمع الدولي ذي الموازين الأخلاقية المختلة؛ لكننا لا نترك مسارا يوصل شعبنا السوري إلى ضفة الأمن والأمان إلا وجربناه، معتمدين أولا على الله، ثم على سواعد المجاهدين الأبرار من السوريين المخلصين".

&التدخل العسكري الروسي

وفي رده على سؤال حول التدخل العسكري الروسي، وان كان قد تم بضوء اخضر اميركي، لفت "الى اننا على يقين بأن العدوان الروسي على سورية لم يكن إلا بعد تنسيق تام مع الولايات المتحدة، وقد تسربت العديد من الأخبار التي تؤكد هذا التنسيق، منها ما كان بشأن تحليق الطيران، ومنها ما هو على الأرض، حيث تتواجد قوى روسية في القامشلي وعلى بعد كيلومترات قليلة تتواجد قوة عسكرية أميركية في مطار رميلان. وعلى الصعيد السياسي؛ رأينا كيف أذعنت الولايات المتحدة لرأي موسكو في القرار الأممي 2245، وكيف انحازت للرؤية الروسية والإيرانية على حساب رؤية حلفائها الأتراك والسعوديين.

وفي مباحثات جنيف الأخيرة؛ رأينا كيف كان يتعامل وزير الخارجية الأميركي مع المعارضة السورية، ووفدها الرسمي، وكيف جاء إلى الرياض حاملا قدرا كبيرا من التهديدات "الروسية" لها من أجل إجبارها على المشاركة في محادثات جنيف".

قطع اليد الإيرانية

&العرب تضامنوا مع السعودية ضد الممارسات الإيرانية، فهل برأيك تأخر العرب في مواجهة المخططات الإيرانية، سؤال اجاب عليه وليد بالقول، "نحن نبارك كل الجهود الرامية إلى قطع اليد الإيرانية الآثمة من المنطقة العربية كلها، وما زلنا نشد على أيدي الأشقاء في الخليج وعلى الخصوص السعودية، إضافة إلى الأشقاء في تركيا من أجل بذل المزيد من التحالفات الفاعلة للتخلص وبكل الوسائل المتاحة من المشروع الإيراني، ومن الحوامل السياسية والمجتمعية له في المنطقة. ولمواجهة هذا المشروع قبل استفحاله في المنطقة أكثر؛ يجب قطع ذراعه في سورية، فهي باعتقادنا الرئة التي يتنفس منها للوصول إلى شرق المتوسط. وهي البوابة العربية إلى أوروبا. كما أنها تمثل طريق الإمداد لعمود الشرعية فيما يزعم لدعم قوى المقاومة في فلسطين المحتلة".