وصفت صحيفة بريطانية بارزة "رؤية المملكة 2030"، التي أطلقتها يوم الاثنين بـ"التاتشرية الصارمة"، في إشارة إلى سياسات رئيسة الحكومة البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر، التي أعادت التوازن الاقتصادي إلى المملكة المتحدة ليتصدر اقتصاديات العالم.

لندن: قالت صحيفة (ديلي تلغراف) في تقرير تحليلي واسع عن الرؤية التي أطلقتها المملكة العربية السعودية والتفاصيل الدقيقة التي كشفها الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، أن المملكة تستعد لعالم ما بعد "الكربون"، مشيرة إلى أن الرؤية التي خطفت عقول المحللين العالميين تهدف إلى كسر الاعتماد على النفط في غضون أربع سنوات.&

وأشارت إلى أن الأمير محمد بن سلمان، تعهد بإنشاء صندوق استثمار ثروة سيادي، قيمته 3 تريليونات دولار، ليكون رأس الحربة في حزمة قرارات تاريخية، ستقود إلى تبوؤ&المملكة الساحة العالمية كأقوى قوى استثمارية في القرن الواحد والعشرين.

إدمان النفط
وركزت الصحيفة البريطانية في تقريرها على قول الأمير محمد بن سلمان في تصريحاته لقناة (العربية): "لدينا الإدمان على النفط. هذا أمر خطير. أعتقد أنه بحلول 2020 يمكننا أن نعيش بدونه".&

ووصفت هذا التصريح بالخطير والمهم وغير العادي من حكومة صادرات النفط، الذي يشكل 90 % من مصدر دخلها، "وحتى الآن لم يحقق الكثير من النجاح في بناء صناعات بديلة".&

كما وصفت الصحيفة الأمير محمد بن سلمان، البالغ من العمر 31 عامًا، بـ(الإعصار)، الذي عقد العزم على تحطيم الوضع الراهن، معتمدًا على صلاحيات قوية هائلة بيدية في توجيه السياسات الاقتصادية والدفاعية ومن خلال منصبه كولي لولي العهد تمكن من الاستعانة بوزراء من التكنوقراطيين النشيطيين القادرين على العطاء والعمل في مجلس الوزراء.&

الإنفاق الحكومي
وعرضت (ديلي تلغراف) لتفاصيل (رؤية المملكة 2030) وبالانكليزية "Vision2030" التي تهدف ايضًا إلى خفض نحو 80 مليارًا سنويا من الانفاق الحكومي القائم على الإسراف والفوضى المالية في المملكة، إضافة إلى فرض ضريبة على الاستهلاك وفرض رسوم جديدة على استهلاك الماء والكهرباء على القادرين.

وقال الأمير محمد بن سلمان في المقابلة مع (العربية): "أنا رايح أطبّق رفع الدعم الحكومي، سواء في الماء أو الكهرباء أو المشتقات النفطية على نفسي، والذي لا يرضى يصطدم مع الشارع، والقرار سيطبق على جميع الفئات من أمراء وأثرياء ووزراء".&

كما تضمنت الرؤية المستقبلية رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22% إلى 30%، وزيادة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي من 20% إلى 35%، وتخفيض معدل البطالة من 11.6% إلى 7%.

المجالات الدفاعية
ونوهت الصحيفة البريطانية بأن الخطة تهدف إلى رفع حصة الصادرات غير النفطية بأن تقفز من 16 % إلى 50 %، وخصوصًا في المجالات الدفاعية.&وكان الأمير محمد بن سلمان، الذي هو وزير للدفاع، قال: "لدينا رابع أكبر الإنفاق العسكري او الثالث &في العالم، ولكن يأتي في المرتبة جيشنا في مراتب العشرينات".&

وأضاف الأمير محمد: بلا شك في خلل. لما أدخل مثلًا، قاعدة في السعودية، ألاقي الأرض مبلطة بالرخام، وألاقي الجدران مزخرفة، وألاقي التشطيب خمس نجوم. وأدخل قاعدة في أميركا أشوف المواصير للسقف، وأشوف الأرض، لا فيها لا سجاد ولا رخام، إسمنت محطوط وعملي. ففي هدر في الإنفاق عال جدًا. سوف يعطينا فرصة لرفع مستوى الأجهزة الأمنية والجيش السعودي وفي تخفيف الإنفاق في المجال العسكري والأمني".

تقرير ماكينزي&
إلى ذلك، تشير صحيفة (ديلي تلغراف) إلى أن (رؤية المملكة 2030)، مستوحاة من خطة كانت وضعتها حديثا شركة (ماكينزي) للاستشارات، وأصدرت في شأنها تقريرًا رسمت فيه معالم خطة مستقبلية ستسمح للسعودية بإجراء تحول جذري يضع اقتصادها على مسار مستدام، بغضّ النظر عن أسعار النفط.

وشددت (ماكينزي) على أن التغييرات تشمل ثلاث شرائح، هي الحكومة والقطاع الخاص والأفراد. فبدءًا من الحكومة التي ستكون المحرك الرئيس للتغيير، وهي تنصح المملكة بتحديث نهجها من خلال ثلاث طرق أساسية:

أولًا: من خلال اعتماد نموذج جديد للدخل تتحول فيه الحكومة من مولد مباشر للإيرادات إلى جهة تهدف أساسًا إلى تسهيل استثمارات القطاع الخاص.&وثانيًا: عبر تطبيق نموذج إنفاق اجتماعي، هدفه تدريب الكوادر السعودية لتصبح قوى فعالة ومنتجة تعمل في شركات تنافسية.

ويأتي ثالثًا الارتقاء بالخدمات الحكومية بما يتضمن تنسيقًا فعالًا بين الوزارات، ووضع نظام دقيق لتقييم الأداء يحدد الأولويات ويحاسب المقصرين. وقال تقرير (ماكينزي): لكن يدًا واحدة لا تصفق، وبالتالي فالحكومة لا يمكنها إنجاز التغييرات على حدة. هنا يظهر دور القطاع الخاص، حيث يجب على الشركات الخاصة الاستثمار في المملكة ومشاركة المخاطر بدلًا من انتظار العوائد السهلة والمضمونة، والتي غالبًا ما كانت توفرها الحكومة في السابق. كما عليها العمل على تدريب القوى العاملة السعودية بدلًا من الاعتماد على العمالة الأجنبية.

إضافة الى ذلك، فإن تواجد الشركات العالمية في السوق السعودية يسمح برفع مستوى المنافسة، وبالتالي تحفيز الاقتصاد. وطبعًا، هذه المتغيرات يجب أن تلاقي قبولًا من الأسر والأفراد لتكون فعالة، فعلى هؤلاء تغيير أسلوب تفكيرهم، وتبني عقلية مختلفة تبحث عن فرص التعليم والعمل الأفضل، ليقينها بأنها الطريق الوحيد إلى أجور أعلى وأجواء عمل أفضل.

دور المواطن&
فعلى المواطن أن يستوعب أن الطريق إلى الرفاهية يبدأ وينتهي به، لكون الحكومة مهدت الطريق بالشكل المناسب، لكنها لن تتخذ الخطوات بدلًا منه.
وبحسب تقرير (ماكينزي) فإن تطبيق هذه الاستراتيجية سيمكن السعودية من مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، أي زيادته بنحو 800 مليار دولار.

كما ستتيح هذه الاستراتيجية المجال لاستثمار نحو أربعة تريليونات دولار في الاقتصاد غير النفطي، معظمها ستضخ من قبل القطاع الخاص. إضافة إلى ذلك، ستمكن ستة ملايين سعودي من الدخول إلى قطاع العمل، وزيادة دخل الأسر بـ60 في المئة.
&