انتخب وزير النقل التركي بن علي يلدريم بالإجماع رئيسًا لحزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد، ومن ثم رئيسًا للوزراء، مما يتيح للرئيس رجب طيب إردوغان إحكام قبضته على الحكومة، في إطار سعيه لتعزيز سلطاته.



أنقرة: انتخب بن علي يلديريم وزير النقل المقرب من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الاحد على رأس حزب العدالة والتنمية، خلال مؤتمر استثنائي للحزب الحاكم كان فيه المرشح الوحيد لهذا المنصب، وفق ما اوردت وسائل الاعلام.

وحصل يلديريم على اصوات جميع مندوبي الحزب الاسلامي المحافظ على أن يتم تكليفه اعتباراً من مساء الاحد تشكيل الحكومة الجديدة بعد استقالة رئيس الوزراء احمد داود اوغلو.

وقال رئيس وزراء تركيا الجديد يلدريم إن الأولوية القصوى لحكومته ستكون وضع دستور جديد بهدف تطبيق نظام رئاسي تنفيذي، وهي خطوة تمنح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الصلاحيات الواسعة التي يسعى إليها منذ فترة طويلة.

وقال يلدريم، خلال مؤتمر خاص لحزب العدالة والتنمية الحاكم يوم الأحد، إنه سيستمر في قتال تنظيم الدولة الإسلامية والمقاتلين الأكراد داخل البلاد وفي سوريا، مشددًا على أن تغيير القيادة لن يؤثر على الحملة العسكرية ضد المسلحين.

وأضاف يلدريم "أن مشاكل هذه الأمة وحبها هما من مسؤولية الرئيس. الدستور الجديد سيكون من أجل نظام رئاسي تنفيذي."

ويلدريم هو وزير النقل وحليف مقرب من إردوغان منذ أكثر من عقدين، وكان المرشح الوحيد لرئاسة الحزب، وبالتالي رئاسة الحكومة.

وكان يلدريم - وهو أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية - القوة الدافعة وراء مشاريع كبرى للبنى التحتية تعتبر إحدى دعائم نجاحات الحزب الانتخابية خلال العقد الأول من توليه السلطة.

ويرى إردوغان ومؤيدوه في الرئاسة التنفيذية - المشابهة للنظام في الولايات والمتحدة وفرنسا - ضمانة ضد السياسة الائتلافية الهشة التي أعاقت الحكومات في التسعينيات.

وانتخب يلدريم نائبًا عن اسطنبول في نوفمبر 2002 عندما فاز الحزب الحاكم بأول انتخابات له. وعيّن منذ ذلك الحين وزيراً للنقل والملاحة والاتصالات، وهو منصب حافظ عليه على مدار الحكومات المتعاقبة التي شكلها الحزب.

حكومة جديدة

اعلنت الرئاسة التركية ان الرئيس رجب طيب اردوغان كلف بن علي يلديريم تشكيل حكومة جديدة بعيد انتخابه الاحد رئيسا لحزب العدالة والتنمية الاسلامي المحافظ الحاكم في تركيا.

وقبيل ذلك، استقبل اردوغان رئيس الوزراء المنتهية ولايته احمد داود اوغلو وتسلم منه استقالته، بحسب المصدر نفسه.

وقالت الرئاسة في بيان ان "الرئيس طلب من داود اوغلو تصريف الاعمال حتى تشكيل مجلس وزراء جديد".

وفور انتخابه رئيسا للحزب الحاكم في مؤتمر استثنائي في انقرة، دافع يلديريم عن الانتقال الى نظام رئاسي، الامر الذي يسعى اليه اردوغان بالحاح.

ويتوقع ان تبصر الحكومة الجديدة النور منتصف الاسبوع المقبل.

ويرجح ان يتولى بيرات البيرق، وزير الطاقة وصهر اردوغان حقيبة الاقتصاد خلفا لمحمد شيمشيك الذي يعتبره المستثمرون ضامنا للاستقرار.

شديد الوفاء لإردوغان

يعتبر بن علي يلديريم الذي انتخب الاحد رئيسًا للحزب الحاكم في تركيا، وسيصبح بالتالي الرئيس المقبل للحكومة، من المقربين الاكثر وفاء للرئيس رجب طيب اردوغان الذي جعل منه ابرز المروجين لمشاريعه العملاقة للبنى التحتية.

ودفع الخلاف بين رئيس الوزراء المنتهية ولايته احمد داود اوغلو والرئيس اردوغان، الى الواجهة السياسية هذا الرجل المتحمس والدائم الابتسام، لكن الذي يفتقر الى موهبة الخطابة.&

ويعد يلديريم (60 عامًا) وزير النقل والبحرية والاتصالات الذي يتحدر من عائلة متواضعة من اترزينجان (شرق)، من قدامى رفاق اردوغان ويرافقه منذ وصول الرئيس الحالي للدولة الى بلدية اسطنبول في 1994.

ويعتبر المراقبون أن مهمته الاساسية تقضي بتنفيذ مشروع تغيير الدستور الذي يرغب فيه اردوغان، لتحويل القسم الاكبر من الصلاحيات التنفيذية لرئيس الوزراء الى الرئيس. وقال يلديريم في كلمته الاولى التي اعتبرت قسم ولاء، بعد اعلان انسحاب داود اوغلو في بداية مايو، في ملاطية (جنوب شرق) "والان، سنقيم نظامًا رئاسيًا".

وفي المؤتمر السابق لحزب العدالة والتنمية في 2015، حصل هذا الرجل المعروف بشاربيه الكثين، على دعم اكثرية المندوبين، لكنه اضطر الى التراجع عندما وقع اختيار اردوغان المنتخب حديثًا، على احمد داود اوغلو.

واتاح له ولاؤه لاردوغان أن يحصل مرارًا على مناصب بالغة الاهمية في اطار حزب العدالة والتنمية، وان يتسلم في شكل شبه دائم منذ 2002 حقيبة النقل في الحكومة.

وتأكيدًا للثقة التي يوليه اياها الرئيس اردوغان، تولى يلديريم حتى الآن الاشراف على مشاريع البنى التحتية العملاقة، التي توجه اليها المعارضة والمدافعون عن البيئة انتقادات حادة، ويقولون انها غيّرت وجه تركيا ولاسيما اسطنبول.

خلافات

الامر نفسه ينسحب على المطار الدولي الثالث في شمال غرب العاصمة، الذي تسبب بقطع الغابات، وسيكون قادرًا على استقبال 150 مليون مسافر سنويًا، على أن يبصر النور في 2017.

والمشروع الآخر الذي يثير الخلاف ايضًا، هو الجسر الثالث على البوسفور، الذي يربط بين ضفتي اسطنبول، واطلق عليه اسم السلطان سليم الاول.

ومن المقرر ايضًا تنفيذ مشاريع أخرى، مثل القناة بين البحر الاسود وبحر مرمرة، والتي يفترض أن تخفف من كثافة النقل البحري في البوسفور.

فعلى مياه المضيق التي تجوبها السفن، نفذ يلديريم، المهندس في مجال المنشآت البحرية، اولى مشاريعه، عندما تسلم ادارة الطرق البحرية لاسطنبول من 1994 الى 2000، بينما كان اردوغان يتسلم رئاسة البلدية من 1994-1998.

وعندما اسس اردوغان حزب العدالة والتنمية في 2001، لم يتخلَّ يلديريم عنه. وفاز الحزب في الانتخابات التشريعية في السنة التالية، واصبح اردوغان رئيسًا للوزراء على الرغم من&استياء العلمانيين الذين يدأبون على انتقاد ميوله الاسلامية وسياسته التسلطية.

وقد انتخب يلديريم نائبًا عن اسطنبول، ثم عين وزيرًا وهو منصب لم يغادره إلا فترة وجيزة بين اقتراعين تشريعيين في 2015.

وتسبب الرئيس المقبل للحكومة باندلاع نقاشات كثيرة ايضا. ففي 2004، انحرف قطار عن خط جديد للقطار السريع، ما ادى الى مصرع نحو اربعين مسافرًا في شمال غرب تركيا. وطالبت المعارضة باستقالة يلديريم لكنه رفض.

وفي السنة التالية، تسببت حياته الشخصية باندلاع مشاكل. فصورة زوجته المحجبة تتناول وحدها الطعام، فيما يتناول يلديريم الغداء الى طاولة مجاورة مع مجموعة من الرجال، اثارت جدلاً ووجهت اليه اتهامات بالتمييز بين الجنسين.

وفي مناسبة اخرى، قال انه لم يشأ أن يتعلم في جامعة البوسفور الذائعة الصيت بعدما "شاهد الصبيان والبنات جالسين ويتحدثون معًا في الحرم الجامعي".
&