يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى السيطرة على جميع الوسائل الإعلامية في بلاده، وقد عمد إلى تفكيك غالبية المنظومات، لا سيما تلك المعارضة لسياساته وتوجهاته.

موسكو: حين قدم ثلاثة محررين كبار استقالاتهم من آخر المنافذ الاعلامية المستقلة في روسيا قبل ايام، أُعتبرت الخطوة دليلا آخر على الضغوط المتزايدة التي يتعرض اليها الصحافيون في عهد الرئيس فلاديمير بوتين.

ونقلت صحيفة &الغارديان عن مصادر وصفتها بالمطلعة، ان الاستقالات جاءت نتيجة إكراه مارسه الكرملين بعد غضبه على تحقيقات صحافية أخيرة، بينها تقارير عما كشفته "اوراق بنما".&

واعلن رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين جيم بوملحا ان الاستقالات ليست خسارة لشركة آر بي سي الاعلامية الروسية فحسب، بل هي "ضربة قوية لحرية الصحافة"، واضاف ان الرقابة تعرّض الصحافة والصحافيين للخطر.&

وقال العديد من المحررين والمراسلين في شركة آر بي سي، التي تملك قناة تلفزيونية بالاسم نفسه&ومطبوعات مختلفة، إنهم يعتزمون الاستقالة ايضا، فيما تعهد آخرون بالاستمرار في العمل "الى ان يتعرض اول تقرير الى مقص الرقيب".&

ولكن آر بي سي ليست الشركة الاعلامية الأولى التي تواجه ضغوطا شديدة للامتثال الى مشيئة الكرملين وترديد وجهة نظره، فمنذ اعادة انتخاب بوتين في عام 2011 واجهت 12 غرفة اخبار عديدة موجة من الاستقالات والقيود وعمليات الغلق، ونعرض ادناه ما حدث لهذه المؤسسات الإعلامية:&

شركة آر بي سي للاعلام

نتيجة لضعوط الكرملين التي نفاها ديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين، فقدت الشركة الاعلامية اكبر ثلاثة محررين عندها. ولا يُعرف من سيأتي بعدهم وما هي العلاقة التي سيقيمها رئيس التحرير الجديد مع الكرملين ومالك شركة آر بي سي الليبرالي ميخائيل بروخوروف، وقال احد المحررين المستقيلين إن الشرطة وجهت اتهامات ملفقة ضد المدير العام للشركة نيكولاي موليبوغ، ويعني هذا ان المالك نفسه بروخوروف لن يَسلَم من نزاع صحافييه مع الكرملين.&

مجلة فوربس ـ الطبعة الروسية

بسبب صدور قانون يفرض قيودا على ملكية الاجانب في الشركات الاعلامية الروسية أُجبرت مجموعة اكسيل شبرنغر الاعلامية الالمانية العملاقة هذا العام على بيع حصتها في الطبعة الروسية من مجلة فوربس ومؤسسات اعلامية اخرى في روسيا، ويملك رجل الاعلام الروسي الكسندر فيدوتوف 100 في المئة من فوربس في روسيا الآن، واستقال رئيس تحريرها ايلمار مرتضاييف بعد ذلك بفترة وجيزة متعللا بما قال انها "اسباب شخصية".&

المجموعة الاعلامية الروسية "آر أم جي"

في صيف 2015 اتصل فلاديمير كيسيليوف، رئيس "مؤسسة الاتحاد"، وهي منظمة غير حكومية موالية للكرملين، بالرئيس بوتين مقترحا عليه تأسيس "شركة قابضة اعلامية قومية" واقترح ايضا دمج العديد من القنوات التلفزيونية مع المجموعة الاعلامية الروسية المستقلة ثم بيع المجموعة الى مؤسسة غوسكونسرت التابعة لوزارة الثقافة.

ونتيجة لهذه التضييقات على المجموعة الاعلامية الروسية استقال العديد من كوادرها، بينهم غالبية العاملين في اذاعة روسكيو التي تملكها المجموعة، ولا تزال المفاوضات جارية على شراء المجموعة وإلحاقها بوزارة الثقافة الروسية. &

قناة تي في 2 التلفزيونية&

تعرضت قناة تي في 2، وهي واحدة من اقدم الشبكات التلفزيونية المستقلة في روسيا، الى خطر الغلق بصورة مفاجئة في عام 2014، وقال جمهور القناة التي تبث من مدينة تومسك إن السبب هو سياسة التحرير المستقلة التي تتبعها القناة، وقد نظموا تظاهرة حاشدة احتجاجا على ايقاف برامجها بقرار من هيئة ترخيص البث. &

وتوجد المحطة الآن بوصفها مشروعا للبث على الانترنت، ولا تزال تنتج افلام فيديو لعرضها على الانترنت فقط.&

خدمة روسكايا بلانيتا الاخبارية

ذات يوم من عام 2014 اعلن المستثمرون في خدمة روسكايا بلانيتا الاخبارية على الانترنت بصورة مفاجئة رحيل رئيس التحرير بافل بريانكوف وتعيين هيئة تحرير جديدة للخدمة، وسُرح العاملون في الخدمة بدعوى انهم غير مؤهلين للعمل الصحافي، فيما أُعيد تصميم الموقع الاخباري.

واستقال محررون آخرون قائلين إن هذه التغييرات تأتي في اطار محاولة لاتباع سياسة تحرير مغايرة، &كما واستقال العديد من مراسلي الخدمة التي اصبحت منفذا اعلاميا قوميا ينشر مقالات عن الأسلحة الروسية وآراء معلقين قوميين روس وانتقادات للمعارضة الروسية.&

تلفزيون آر إي ان

في صيف 2014 أغلقت قناة آر إي ان برنامج "هذا الاسبوع مع ماريانا ماكسيموفسكايا"، الذي كان واحدا من آخر البرامج السياسية التحليلية المستقلة على التلفزيون الروسي، وكان من اكثر البرامج شعبية على قناة آر إي ان. &وبعد فترة قصيرة على غلق البرنامج استقالت مقدمته ماكسيموفسكايا رغم تعيينها نائبة رئيس التحرير في القناة. &

موقع غراني ـ روسيا

في مارس 2014 امر المدعي العام الروسي اجهزة الرقابة الفيدرالية بحجب موقع غراني المعارض، متهما اياه بنشر مواد تحرض على اعمال غير قانونية بينها التظاهرات والاجتماعات السياسية الحاشدة. &

وكان الموقع اول منفذ اخباري على الانترنت يُحجب في روسيا، ولكن سرعان ما انضمت اليه مواقع معارضة اخرى حُجبت للأسباب نفسها.&

موقع لينتا ـ روسيا

في مارس 2014 ايضا، بعد فترة قصيرة على ضم شبه جزيرة القرم الى روسيا، أُقيلت غالينا تيمتشينكو، رئيسة تحرير موقع لينتا الاخباري، وكان سبب الاقالة تحذيرا من اجهزة الرقابة الروسية لأن احد تقارير الموقع تضمن رابطا الى مواد تُعد متطرفة بنظر الرقابة. &

واستقال أكثر من 80 محررا ومراسلا، يشكلون تقريبا كادر غرفة الأخبار بأكمله في الموقع، احتجاجا على اقالة تيمتشينكو وتعيين شخص كان رئيس تحرير موقع موال للرئيس بوتين بدلا منها. &

تلفزيون دوجد&

في مطلع عام 2014 نشرت قناة دوجد التلفزيونية المعارضة نتائج استطلاع سُئل فيه المواطنون إن كان يجب تسليم مدينة لينينغراد (سانت بطرسبرغ حاليا) للنازيين خلال الحرب العالمية الثانية لإنقاذ مئات الآلاف من سكانها. &

بعد ذلك تعرضت القناة الى مقاطعة واسعة من شركات تلفزيون الكيبل الروسية الكبيرة، واتهمت ناتاليا سنديفا رئيسة تحرير قناة دوجد هذه الشركات بالرضوخ لضغوط من الكرملين، وقالت سنديفا ان قناتها تُعاقب لأنها بثت تقارير عن القصور الريفية التي يملكها مسؤولون كبار وليس بسبب الاستطلاع.

وأُجبرت القناة لاحقا على الانتقال الى البث على الانترنت للمشتركين فقط. &

وكالة انباء ريا نوفوستي&

في 9 ديسمبر 2013 اصدر بوتين بصورة مفاجئة قرارا بغلق أكبر وكالة انباء روسية.

وبهذا القرار شرعت الحكومة التي تملك وكالة ريا نوفوستي في بناء وكالة انباء جديدة بدلا منها. &وسُميت الوكالة الجديدة روسيا سيغودنيا (روسيا اليوم) وعُين ديمتري كيسليوف، اشهر معلق معروف بموالاته للكرملين، مديرا عاما للوكالة، فيما استقال غالبية مراسلي الوكالة وأُلغي العديد من مشاريعها وأُجريت تسريحات واسعة في غرفة الاخبار في الوكالة.&

موقع غازيتا ـ روسيا

استقال نائب رئيس التحرير في هذا الموقع الاخباري رومان بدانين قبل الانتخابات البرلمانية عام 2011. &وقالت مصادر اعلامية ان سبب الاستقالة هو رفضه نشر اعلان لحزب روسيا المتحدة بزعامة بوتين. &

وبعد الانتخابات نُقلت ملكية الشركة التي تملك موقع غازيتا الى رجل الاعمال الكسندر ماموت الذي يملك عدة منافذ اعلامية. وفي عام 2013 استبدل موقع غازيتا جميع العاملين في القسم السياسي فيما استقال العديد من الصحافيين الذين غطوا انتخابات 2011 و2012. &

دار كوميرسانت للنشر

في ديسمبر 2011 اقالت دار كوميرسانت للنشر مكسيم كوفالسكي رئيس تحرير صحيفة كوميرسانت، فلاست اليومية لسنوات عديدة. وكان سبب الاقالة قراره نشر صورة فوتوغرافية لبطاقة اقتراع تظهر فيها كلمة نابية كُتبت بجانب اسم بوتين.&

كتب العاملون في الصحيفة رسالة مفتوحة يدعمون فيها رئيس التحرير واصفين إقالته بأنها "عمل من اعمال الترهيب". &

وفي عامي 2012 و2013 أُقيل رئيس تحرير اذاعة كوميرسانت أم أف مرتين بضغط من الكرملين، كما تردد.

&

أعدت إيلاف المادة عن صحيفة الغارديان البريطانية. المادة الأصل على الرابط الآتي:

http://www.theguardian.com/world/2016/may/25/how-russia-independent-media-was-dismantled-piece-by-piece


&