دريسدن: تحاط اجتماعات نادي بيلدربيرغ عادة بالغموض والتساؤلات والكثير من الافتراضات، وهي خيّمت على مدينة دريسدن الألمانية، التي تحولت إلى قلعة مغلقة، تحرسها المئات من رجال الشرطة، كما تمت إحاطة فندق "تاشينبيرغ باليه" الفاخر المجاور لمبنى الأوبرا بسياج حديدي، وحظر تنظيم أي تظاهرة، كما منعت التجمعات الكبيرة، ومُنحت الشرطة صلاحية تفتيش أي شخص يكون موضع ريبة.

اجتماع (نادي بيلدربيرغ) الأخير في عاصمة سكسونيا، حاله حال كل الاجتماعات التي خلت، يكون كالعادة مغلقًا، وتحضره أرباب السلطة والسياسة والاقتصاد والاتصالات والاستخبارات.&

كتمان وغموض&
كما إن اجتماعات النادي تحاط بستار من السرية التامة والكتمان والغموض، وهو مثل بقية الاجتماعات، التي تمنع وسائل الإعلام من حضورها، على أنه يمكن كشف الموضوعات التي تبحث في هذه الاجتماعات، ولكن من دون الإشارة إلى آراء الحاضرين.

كسينجر احد اهم المشاركين&

كما لا تسجل محاضر بشأن ما يدور في هذه الاجتماعات، ولا تتخذ فيها القرارات، وعمليات تصويت، ولا يصدر منها أي بيان.

افتراضات&
وفي تقرير لها تناول اجتماع ما أسمتها "الحكومة العالمية"، قالت صحيفة (نيزافيسيمايا غازيتا) الروسية إن الغموض الذي يحيط الاجتماع يشكّل افتراضات عديدة، حيث يشير أحد الآراء إلى أن ما يدور في هذه الاجتماعات، يكون له لاحقًا تأثير كبير في العمليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.&

وتقول الصحيفة إنه في هذا الإطار، يحظى كتاب غيرهارد فيشنيفسكي "سلطة زعماء بيلدربيرغ" بشعبية واسعة بين المعارضين لهذه المجموعة، فهو يتحدث عن "مؤامرة النخبة الاقتصادية والسياسية والإعلامية".

ولفتت الصحيفة الروسية إلى أن هذا الأمر ينكره أعضاء النادي، حيث يؤكد مثلًا رئيس اللجنة المنظمة لهذا الاجتماع هنري دي كاستري، وهو رئيس مجموعة التأمين الفرنسية أكسا، في تصريح قبل اجتماع دريسدن، أن الهدف من الحوار خلف الأبواب الموصدة هو فقط &لتسهيل هذا الحوار.

ويؤكد التقرير: "لكن من الصعوبة تصور انقطاع هؤلاء المشاهير عن أعمالهم وواجباتهم اليومية أيامًا عدة للتحدث فقط بعضهم مع بعض من دون هدف مهم".

مشاركون كبار
إلى ذلك، فإن من بين الشخصيات العالمية الـ150 التي شاركت في اجتماعات دريسدن: رئيس المخابرات المركزية الأميركية السابق ديفيد بترايوس، والرئيس السابق لجهاز الاستخبارات البريطاني جون ساورز، والرئيس التنفيذي لشركة "بريتش بتروليوم" العملاقة روبرت دادلي ورئيس المفوضية الأوروبي السابق خوسيه باروسو، ووزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر وملك هولندا وليام ألكسندر، ونيلسون وديفيد روكفلر وزبيغنيو بريجينسكي وآلان غرينسبان، وغيرهم من صناع السياسة والاقتصاد والتمويل في الولايات المتحدة.

وزيرة الدفاع الالمانية&

كما شاركت مؤسسات صناعية ألمانية كبيرة مثل: "سيمينس" و"شبرينغر" و"إيرباص"، وكذلك رئيس اتحاد الصناعات الألمانية أولريخ غريللو، وثلاثة وزراء ألمان: وزير المالية فولغانغ شويبله، والدفاع أورسولا فون دير لاين، والداخلية توماس دي ميزيير.

وما كان تسرب من كواليس تحضيرات اجتماع (نادي بيلدربيرغ) فإنه ناقش عديدًا من القضايا الدولية والملفات المهمة، ومن بينها سياسة الاتحاد الأوروبي حيال المهاجرين والانتخابات الأميركية. &

كما تمت مناقشة قضايا معقدة، مثل المخدرات العالمية ومواجهة الإرهاب ومسألة التفاوض مع الإرهابيين وكلفة الطاقة ومواردها، وأمن الانترنت، وكذلك موضوعات متعلقة بالصين وروسيا والشرق الأوسط.

اجتماع 1954
يشار إلى أن أول اجتماع لهذه المجموعة كان عقد العام 1954، وهو محاط منذ ذلك الوقت بجدار من السرية تفتح الأبواب أمام تفسيرات (نظرية المؤامرة ووجود حكومة سرية تحكم العالم). وكان شارك في ذلك الاجتماع نحو 70 شخصية من أثرياء العالم ومن أصحاب النفوذ والسلطة في اجتماعها الأول، الذي كان عبارة عن حلقات دراسية دامت ثلاثة أيام.&

يعود اسم المجموعة إلى فندق (بيلدربيرغ) في قرية أوستيربيك في هولندا، حيث عقد فيه أول اجتماع، ويمثل الأوروبيون ثلثي أعضاء المجموعة، والبقية من الولايات المتحدة.

تقدم مجموعة بيلدربيرغ نفسها على أنها اتحاد ممثلي النخب السياسية والمالية والتجارية في أوروبا، ويجتمع اعضاء المجموعة سنويًا في أحد الفنادق الفخمة في منتجع سياحي لمدة 3-4 أيام، يناقشون خلالها أهم المسائل في مجالات المال والسياسات العسكرية والاجتماعية.&
&
الأكثر فائدة&
إلى ذلك، فإنه حسب ما نقل الصحافي جون رونسون، الذي ألّف كتابًا عن المجموعة، عن عضو في البرلمان البريطاني شارك في المجموعة: "إن هذه المجموعة هي أكثر واحدة مفيدة على المستوى العالمي شاركت فيها". وأضاف البرلماني: "إن السرية التي يعقد فيها الاجتماع تمكن الناس من الحديث بصراحة ومن دون خوف من النتائج".

تابع: "السرية تتيح للأشخاص الحاضرين في الاجتماع الحصول على معلومات وفقًا لمبدأ متعارف عليه، لكن من دون الكشف عن الشخص الذي منحهم هذه المعلومات". لكن هذا الغموض أثار شكوك كثيرين بأن المجموعة ستقرر كل شيء من استفتاء بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي من عدمه واختيار الرئيس الأميركي المقبل"، وفق صحيفة بريطانية.

قسم بالسرية
يذكر أن اجتماعات نادي بيلدربيرغ غير رسمية، لكن الحضور عليهم أن يقسموا بالسرية التامة، ولا يسمح بوجود الصحافيين بأي مكان حول قاعة الاجتماع، ولا يصدر القائمون بيانًا بعد انتهائه.&

اول اجتماع لنادي بيلدربيرغ في هولندا&

ويشير موقع "بيلدربيرغ" الرسمي إلى أن "المؤتمرات تهدف أساسًا إلى أمر واحد، والاعتناء بالحوار والنقاش، ولا توجد هناك نتيجة محددة نرغب في بلوغها".&

وتقول تقارير إن الهدف من السرية يكمن في تمكن المتحدثين من التعبير عن آرائهم بحرية، من دون التفكير بدراسة أقوالهم وتحليلها أمام وسائل الإعلام.&

اجتماعات دورية & &
يذكر أن اجتماعات المجموعة تعقد بشكل سنوي في أوروبا، ومرة كل أربع سنوات في الولايات المتحدة أو في كندا، حيث يتم حجز فندق الاجتماع كاملًا ويضرب حوله نطاق كامل من السرية، وتمنع وسائل الإعلام من الاقتراب، ولا يتم تقديم بيانات إلى الصحافة حول الاجتماعات.

في الختام، يشار إلى أنه يُعرف عن أعضاء المجموعة بشكل عام إيمانهم بنظرية فابيان الاشتراكية، التي تطالب بـ"السيطرة الديمقراطية على جميع أنشطة المجتمع". وترى النظرية أن أفضل سيطرة على الإنسان هي عبر "الحكومة العالمية"، وهي نظرية يشترك فيها فابيان مع الشيوعية.&
&