قتل خمسة أشخاص على الأقل وأصيب آخرون بجروح الاثنين في سلسلة عمليات انتحارية في بلدة القاع اللبنانية الحدودية مع سوريا، وهي منطقة شهدت خلال فترة طويلة من النزاع السوري أحداثا أمنية ناتجة بمعظمها عن تسلل مقاتلين معارضين للنظام السوري عبر الحدود من سوريا وإليها.

وفي البدء، فجر أربعة انتحاريين أنفسهم فجرا في بلدة القاع ذات الغالبية المسيحية ويقطنها عدد كبير من العائلات السنية، لا سيما في منطقة مشاريع القاع الزراعية حيث تتداخل الحدود مع الاراضي السورية. كما يوجد على اطرافها مخيمات عشوائية للاجئين السوريين.

وبعيد ساعات، مساء الاثنين، هزت أربعة تفجيرات انتحارية جديدة بلدة القاع، بحسب ما أكد مصدر عسكري لوكالة فرانس برس. ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام، الرسمية في لبنان، اصابة 13 شخصا بجروح جراء هذه الانفجارات.

وصباحا، ذكرت قيادة الجيش اللبناني في بيان أنه "عند الساعة 4,20 (1,20 ت غ) من فجر اليوم، أقدم أحد الإرهابيين داخل بلدة القاع على تفجير نفسه بحزام ناسف أمام منزل أحد المواطنين، تلاه إقدام ثلاثة إرهابيين آخرين على تفجير أنفسهم بأحزمة ناسفة في أوقات متتالية وفي الطريق المحاذي للمنزل المذكور".

ووقع الانفجار على مقربة من مركز للجمارك على الحدود.

وافاد الامين العام للصليب الاحمر اللبناني جورج كتانة لوكالة فرانس برس بمقتل خمسة اشخاص جراء هذه التفجيرات واصابة 15 آخرين بجروح، لافتا الى ان عددا من الجرحى "في حالات خطرة".

وبحسب الجيش، بين الجرحى أربعة عسكريين، كانوا في عداد دورية توجّهت إلى موقع التفجير الأوّل.

وفي بيان ثان، ذكر الجيش ان "زنة كل حزام ناسف من الأحزمة الأربعة التي استخدمها الإرهابيون، تبلغ كيلوغرامين من المواد المتفجرة والكرات الحديدية".

ولم تعلن اي جهة مسؤوليتها عن التفجيرات. وتريثت المصادر الامنية في اعطاء اي تفسير، في انتظار التحقيقات، وان كانت مؤشرات اولية تدل على ان الانتحاريين قد يكونون اقدموا على تفجير انفسهم بعد انكشاف امرهم، وذلك قبل بلوغ اهدافهم.

عمليات جديدة

ومساء الاثنين، قال مصدر عسكري لفرانس برس ان "اربعة تفجيرات انتحارية وقعت ليل الاثنين في بلدة القاع" لافتا الى ان اثنين منها وقعا بالقرب من ملالة للجيش ومركز للمخابرات داخل البلدة".

واوضح ان "انتحاريا على الاقل فجر نفسه قرب كنيسة البلدة".

وروى مصدر امني في وقت سابق لفرانس برس ان "ثلاثة انتحاريين على الاقل على دراجات نارية اقدموا على تفجير أنفسهم، الاول قرب كنيسة البلدة، قبل ان يفجر آخران نفسيهما أمام مبنى البلدية".

وأشار مصدر امني ثان لفرانس برس إلى ان "اشتباكات تدور بين الجيش اللبناني ومسلحين على اطراف البلدة بعد دوي التفجيرات" تزامنا مع مناشدة رئيس البلدية بشير مطر عبر وسائل الاعلام اهالي البلدة ملازمة منازلهم خشية وجود انتحاريين اخرين.

واعتبر قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي بعد تفقده مواقع التفجيرات صباحا ان "مسارعة الارهابيين الى تفجير أنفسهم قبل انتقالهم الى مناطق أخرى، هي دليل واضح على يقظة الجيش والمواطنين التي أفشلت مخططاتهم" منوها "بما تمثّله بلدة القاع وسائر القرى الحدودية كخط دفاع أول عن لبنان في مواجهة الارهاب".

وشهدت المنطقة خلال فترة طويلة من النزاع السوري احداثا امنية ناتجة بمعظمها عن تسلل مقاتلين معارضين للنظام السوري عبر الحدود من والى سوريا، لكن الحدود اقفلت تماما قبل اشهر طويلة مع سيطرة قوات النظام ومقاتلين من حزب الله على الجانب السوري منها، وتشديد القوى الامنية اللبنانية رقابتها على المناطق الحدودية.

وبسبب قربها من الحدود السورية، غالبا ما تسمع اصداء القصف والمعارك في البلدة.

والقتلى الخمسة وفق الاهالي هم من ابناء البلدة.

&"نتاج الفكر الارهابي"

وقال مطران بعلبك للروم الكاثوليك الياس رحال "كنا نتخوف من هذه الحوادث بسبب وجود العدد الكبير من النازحين على ارض القاع".

وبحسب رئيس بلدية القاع بشير مطر، "كان بإمكان الحصيلة ان تكون اكبر لو لم نتدارك الوضع"، مشيرا الى ان السكان شكوا في الانتحاريين وبدأوا يلاحقونهم، والى انه اطلق النار شخصيا على "الانتحاري الرابع (...) لكنه اقدم على تفجير نفسه في الوقت ذاته".

واعرب عن اعتقاده بان ابناء القاع "افشلوا مخطط تفجير كبيرا" متوجها الى المخططين بالقول "انتم وارهابكم لن تخيفونا ودواعشكم لن يخيفونا".

واثارت هذه التفجيرات سلسلة ردود منددة، جاء ابرزها على لسان رئيس الحكومة تمام سلام الذي اعلن الحداد العام الثلاثاء معتبرا ان "الوقائع التي كشفتها هذه الجريمة، إن لجهة عدد المشاركين فيها أو طريقة تنفيذها، تظهر طبيعة المخططات الشريرة التي ترسم للبنان".

من جهته، راى حزب الله في بيان ان "هذه الجريمة هي نتاج جديد للفكر الإرهابي الظلامي الذي بات ينتشر في المنطقة كالوباء (...) ويهدد لبنان وأبناءه من مختلف المناطق والطوائف والانتماءات دون تمييز".

وطالبت المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ "بدعم دولي مستدام لتحسين امكانيات" الجيش والقوى الامنية "في مواجهة التحديات الامنية، بما في ذلك التهديد الارهابي في لبنان وعلى طول الحدود".

تاتي هذه التفجيرات المتتالية بعد ساعات من اعلان وكالة الانباء "اعماق" القريبة من تنظيم الدولة الاسلامية ان منفذ التفجير الانتحاري الذي استهدف فجر الثلاثاء بسيارة مفخخة موقعا عسكريا اردنيا على الحدود مع سوريا واوقع سبعة قتلى و13 جريحا هو "احد مقاتلي الدولة الاسلامية".

ويستضيف لبنان مثل الاردن، مئات الاف اللاجئين السوريين.

ودانت الحكومةالاردنية التفجيرات في بلدة القاع.

ويتعرض تنظيم الدولة الاسلامية منذ اشهر لهزائم متتالية في العراق وسوريا وليبيا على ايدي قوات حكومية ومجموعات مقاتلة مدعومة من تحالفات دولية.