تناول الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة تلفزيونية مجمل التطورات المحلية والإقليمية والدولية، وتطرق&إلى علاقته بحزب الله وإيران وروسيا، وكذلك أفق الحلول المطروحة للأزمة السورية، متمنيًا أن يذكره شعبه والتاريخ على أنه&الشخص الذي أنقذ بلاده من الإرهابيين ومن التدخل الأجنبي.

سيدني: أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن غالبية دول العالم تسعى إلى مهاجمة نظامه في العلن، بينما تسارع إلى فتح قنوات الاتصال السري حول جملة واسعة من القضايا المشتركة، مؤكدًا وجود اتصالات غير مباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية.

الأسد أشار في لقاء مع لوك ووترز، مراسل قناة "اس بي اس" الأسترالية، إلى أن نهاية الأزمة السورية تبدو مستحيلة في ظل الوضع القائم، لا سيما لجهة الدعم الذي تقدمه بعض الدول للجماعات المسلحة، مؤكدًا أن الخلاص يبدأ بحوار شامل بين المكونات السورية حول العملية السياسية.

وهذا نص الحوار:&

لقد مر على الأزمة السورية خمس سنوات وقتل ما لا يقل عن ربع مليون إنسان، غالبيتهم من المدنيين، والبلد يعاني كارثة إنسانية لا يمكن إنكارها. هل ترى أن نهاية الأزمة قريبة، وهل هناك دلائل تشير على ذلك؟

من دون شك هناك نهاية للأزمة. الحل واضح جدا. وهو بسيط ولكنه مستحيل. بسيط لأنه في غاية الوضوح، وهو الحوار السوري حول العملية السياسية بالتزامن مع محاربة الإرهاب والإرهابيين في سوريا، فمن دون قتال الإرهابيين لا يمكن التوصل إلى حل. وهي مستحيلة لأن الدول الداعمة للإرهابيين لا يريدون التوقف عن إمداد الإرهابيين بكل أنواع الدعم. فلو بدأنا بوقف دعم الإرهاب تزامنا مع ذهاب السوريين للحوار حول الدستور السوري وحول مستقبل الشعب والعملية السياسية &فسيكون الحل على مقربة وليس بعيد المنال.

تحدثت تقارير غربية كثيرة عن قرب سقوط داعش، فهل تعتقد أن ذلك صحيح، وهل اقتربت سيطرتكم على مدينة الرقة؟

نحن لسنا في سباق. بالنسبة لنا، الرقة على الدرجة&ذاتها من الأهمية التي عليها دمشق أو أية مدينة سورية أخرى. إن خطورة هؤلاء الإرهابيين ليست في الأراضي التي يسيطرون عليها، فحربنا معهم ليست تقليدية، بل في كم الفكر المتطرف الذي يفرضونه أو ينقلونه إلى سكان المناطق الواقعة تحت سيطرتهم. هنا مكمن الخطر. وبناء عليه، فالوصول إلى الرقة ليس أمرا صعبا من الناحية العسكرية، فهو مسألة وقت، ونحن في طريقنا إلى الرقة، ولكن في الحرب عليك أن تسأل نفسك: ماذا باستطاعة عدوك أن يفعل؟ وهو أمر مرتبط مباشرة بما تفعله تركيا، وخاصة إردوغان، في دعمه تلك الجماعات الإرهابية، لأن هذا هو ما يحصل منذ البداية. فلو نظرت إلى سوريا كحقل عسكري معزول فسيكون بإمكانك الوصول إلى تلك المناطق في غضون أشهر وربما أسابيع، ولكن عدم أخذ الدعم التركي الإرهابيين في الاعتبار من شأنه أن يقودك إلى الإجابة الخاطئة.

إلى أي مدى أنتم قلقون من الأخبار التي ترددت مؤخرا حول الاشتباكات بين الجيش السوري وبين حليفكم القديم حزب الله؟

اشتباكات بيننا وبين حزب الله؟ لا يوجد أي قتال بيننا، بل على العكس هم يقدمون الدعم الكامل للجيش السوري. هم لا يقاتلون الجيش السوري بل يقاتلون معه. فنحن معاـ وبغطاء جوي روسي نحارب كل أنواع الإرهاب، سواء كانت داعش أم النصرة أو أية جماعات مرتبطة بالقاعدة.

ولكن هناك تقارير من جهات مختلفة تتحدث عن وجود مثل هكذا اشتباكات. هل تشكك في مصداقية هذه التقارير؟

هذا ليس صحيحا. هذه التقارير لا تتحدث عن اشتباكات بل اختلافات في وجهات النظر. فلو أخذت الاجتماع الذي حصل مؤخرا في طهران بين وزير الدفاع الإيراني مع نظيريه الروسي والسوري، فهذا يعني أن هناك تنسيقا جيدا بين هذه الأطراف في مواجهة الإرهاب.

بصراحة، هل تصنفون كل مجموعات المعارضة على أنها جماعات إرهابية؟

بالطبع لا. فعندما تتحدث عن جماعات معارضة تتبنى الوسائل السياسية، فهم ليسوا إرهابيين. ولكن أولئك الذين يحملون السلاح ويروعون الأهالي ويهاجمونهم ويهاجمون المرافق والممتلكات العامة فهم إرهابيون. وعندما تتحدث المعارضة فيجب أن تكون هذه المعارضة سورية وليست معارضة تعمل بالوكالة لحساب دول أخرى. يجب أن تكون معارضة سورية جذورها في سوريا، تماما كما هي الحال في بلدك أستراليا.

قلتم إن وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مؤخرا قد منح الشعب السوري بصيصا من الأمل. أين أصبح هذا الأمل بعد خمسة أشهر من ذلك؟

نعم، فاتفاقية وقف إطلاق النار لا يزال معمولا بها، ولكن علينا ألا ننسى أن الإرهابيين ينتهكونها بشكل يومي. ولدى قواتنا المسلحة الحق في الرد على كل هذه الانتهاكات حال وقوعها. بإمكانك إذاً القول إن وقف إطلاق النار لا يزال صامدًا في أغلبية المناطق وليس كلها.

هناك عدة روايات لبدايات الأزمة السورية. بعضهم يقول إنها بدأت بكتابات معادية للنظام على الجدران قام بها أطفال في درعا وتم قمعها بقوة من قبل قوات الأمن. أنا أعرف أنك ترفض هذه الرواية، فكيف برأيك بدأت الأزمة؟

هناك خليط من عدة أمور. البعض تظاهر طلبا للإصلاحات. لا يمكن إنكار ذلك ولا يمكن القول إن كل المحتجين إرهابيون ومرتزقة. ولكن غالبية المتظاهرين، وأنا لا أتحدث هنا عن المخلصين منهم، كانت قطر تدفع لهم للتظاهر وللقيام بثورة مسلحة. هكذا بدأت في الحقيقة. إن الرواية التي تزعم أن قواتنا هاجمت الأطفال هي رواية كاذبة وهذا لم يحصل أبدا. لا شك وأن هناك أخطاء ترتكب أثناء التطبيق على الأرض، كما حصل في الولايات المتحدة &العام الماضي. ولكن هذا ليس سببا ليقوم الناس بحمل السلاح واللجوء إلى القوة وقتل رجال الشرطة والجيش وغيرهم.

أنت تقول إنه كانت لدى البعض أسباب مشروعة للمطالبة بإصلاحات. هل كان ذلك نتيجة للقبضة الحديدية لحكومتكم؟

كلا. لقد بدأنا الإصلاحات في سوريا منذ العام 2000. البعض يقول كانت إصلاحات بطيئة والآخر يقول كانت سريعة. في النهاية هذا أمر نسبي، ولكننا كنا نتقدم في هذا الاتجاه. الدليل على أن الأزمة السورية لم تكن ثورة مطالبة بإصلاحات، فلقد قمنا بتلبية كل مطالب الإصلاحات منذ بداية الأزمة ولكن لا شيء تغير. غيرنا الدستور، وغيرنا القوانين التي احتجوا عليها وغيرنا أشياء كثيرة ولكن لم تتوقف الأزمة. هذه الأزمة كانت بسبب تدفق الأموال من قطر. ومعظم الذين طالبوا بإصلاحات في أوائل الأزمة توقفوا اليوم عن الاحتجاج وعن معارضة الحكومة بل ويتعاونون معها. قد يختلفون مع الخط السياسي لهذه الحكومة وهذا حقهم وهو أمر طبيعي ولكنهم لا يعملون ضد الحكومة أو ضد مؤسسات الدولة وهم بذلك يميزون أنفسهم من&الذين يدعمون الإرهابيين.

روسيا، أحد أبرز داعميك، تطالب السوريين بالعودة إلى المفاوضات. هل تعتقد أن هذه فكرة جيدة؟

بالطبع، نحن ندعم أية محادثات مع أي طرف سوري. ولكن الواقع يقول إن هذه المحادثات لم تبدأ بعد. لا يوجد محادثات سورية- سورية حاليا وكل محادثاتنا كانت مع المفوض الأممي- السيد دي مستورا. إذاً فنحن ندعم المحادثات من حيث المبدأ ولكن علينا الاتفاق على آلية محددة وهو ما ليس موجودا بعد. علينا البدء بالمحادثات ولكن بعد التوصل للمبادئ الأساسية حتى تكون المفاوضات مثمرة.

ما هو سبب بقاء أقرب حليفيك&روسيا وإيران على ولائهما لك؟ هذه المسألة تثير اهتمام كثير من المتابعين حول العالم.

السبب وراء ذلك أن ولاءهما ليس لشخص الرئيس. القول إن روسيا وإيران تدعمان الأسد هو إحدى النقاط التي يسيء فهمها الغرب عموما، وهي ربما جزء من البروباغاندا الغربية. هذا غير صحيح. المسألة تتعلق بالوضع ككل، فالفوضى في سوريا ستؤثر في الإقليم كله. ستؤثر في دول الجوار وستؤثر في إيران بل وستؤثر في أوروبا. روسيا وإيران بدفاعهما عن سوريا فهما تدافعان عن استقرار المنطقة وعن استقرارهما ومصالحهما. أضف إلى ذلك أنهما يدافعان عن مبدأ حق &الشعب السوري في حماية نفسه. ولو دعما رئيسا لا يريده شعبه لما كنت جالسا اليوم أمامك بعد خمسة أعوام من الأزمة لمجرد دعم إيران وروسيا لي. أكرر أن الأمر ليس شخص الرئيس بل الصورة الكاملة.

هل هناك حوارات مباشرة أو غير مباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية؟

لا يوجد أبدا حوارات مباشرة، ولكن هناك قنوات حوار غير مباشرة بيننا. أما إذا سألتهم فسينكرون، ونحن سننكر أيضا، ولكن في الواقع هناك قنوات خلفية للاتصال.

ما هي هذه القنوات؟

قد يسافر رجال أعمال سوريون إلى أوروبا ويلتقون أميركيين لإيصال رسالة معينة. ولكن أكرر لا توجد أمور ذات أهمية كبيرة نتحدث حولها مع الإدارة الأميركية لأننا لا نعتقد أنها جادة في التوصل إلى حل في سوريا.

مؤخرا تحدثت تقارير عن قيام نحو خمسين دبلوماسيا أميركيا بمطالبة الإدارة الأميركية بقصف حقيقي وفعال ضد نظامك في سوريا. هل تعتبر ذلك مدعاة للقلق، وهل ترى ذلك مؤشرا على توجه أكثر تشددا في الولايات المتحدة إزاء الأزمة السورية؟

لا جديد في ذلك، فهذه الأمور موجودة في كل الإدارات الأميركية السابقة ولا نقيم لها وزنا. المهم ليس هو هذه المذكرة بل ما يجري على الأرض من سياسة وأفعال الإدارة الأميركية. الفرق بين إدارة أوباما وسابقتها أن بوش كان يرسل الجنود بينما أوباما يرسل المرتزقة. لذلك فهي السياسة&ذاتها ولكن بطرق عسكرية مختلفة. هذه المذكرة تطالب بحرب وما يجري في سوريا هو حرب.

على ذكر إدارة بوش، البعض يقول إن أحد أسباب بقائك رئيسا حتى الآن هو إحجام إدارة أوباما في خوض حرب جديدة في الشرق الأوسط. هل ترفض هذه العبارة بناء على ما قلته قبل قليل؟

معروف عن الأميركيين منذ الخمسينات أنهم يصنعون المشاكل بينما لم يحلوا أية مشكلة. هذا ما حصل في العراق، فقد غزا بوش العراق واحتله في غضون أسابيع، ولكن ماذا بعد؟ المسألة ليست في الاحتلال، فأميركا قوة عظمى ونحن لسنا كذلك. إذاً المسألة ليست في احتلال أميركا سوريا، بل في ما يريدون تحقيقه بعد الاحتلال. لقد فشلوا في ليبيا والعراق واليمن وسوريا وفي كل مكان، ولم يحققوا شيئا سوى الفوضى. فلو كانوا يريدون خلق المزيد من الفوضى فهم قادرون على ذلك ولكن هل بمقدورهم حل المشكلة؟ الإجابة "لا" بالطبع.

هل لديك مرشح مفضل في الانتخابات الأميركية المقبلة؟

في الحقيقة، لا. نحن لا نراهن على أي مرشح رئاسة أميركي لأنهم عادة ما يقولون شيئا أثناء الحملات الانتخابية ثم يفعلون شيئا آخر، أوباما خير مثال على ذلك. لا نريد أن نراهن على أحد وسننتظر السياسات التي سيتبناها أي من المرشحين.

هل ترى في المستقبل القريب أفق تعاون بين سوريا من جهة والولايات المتحدة والغرب من جهة أخرى؟

لا مشكلة لدينا مع الولايات المتحدة فهم ليسوا أعداءنا ولا يحتلون أراضينا. هناك خلافات بيننا تعود إلى حقبة السبعينات وما قبل ذلك. ولكننا مع ذلك قمنا بالتعاون مع الولايات المتحدة في مراحل وظروف وأحداث مختلفة. ولذلك فنحن لسنا ضد مبدأ التعاون مع الولايات المتحدة طالما صب ذلك في إطار محادثات ومفاوضات المصالح المشتركة للبلدين، وليس لمصلحتهم على حساب مصلحتنا.

لقد أمضيت وقتا في بريطانيا. هل ترى أن هناك تداعيات لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على الأزمة السورية؟

ليس بمقدوري التعليق على ذلك لأنه شأن بريطاني وليس سورياً، وأنا لست بريطانياً ولا أوروبياً، ولكن ما أقوله إن لهذه النتيجة المفاجئة عدة مكونات منها ما هو داخلي اقتصادي ومنها ما هو خارجي كتنامي القلق من الإرهاب والأمور الأمنية واللاجئين وما شابه. ولكن هذا قد يكون مؤشرا لنا أن هؤلاء المسؤولين الذين كانوا يشيرون علي بكيفية التعاطي مع الأزمة السورية، وأنه يجب علي التنحي، وأنني معزول عن الواقع، أنهم أنفسهم معزولون عن الواقع، وإلا لما كانوا قد دفعوا باتجاه تنظيم هذا الاستفتاء. أعتقد كذلك أن هذا مؤشر على أن الناس سئمت من الطبقة السياسية في بريطانيا وبحاجة لطبقة جديدة. أما إذا كانت قضايا الأمن واللاجئين مرتبطة بالأزمة في سوريا، فقد يكون ذلك سببا لتعاط أوروبي إيجابي ومختلف معنا. ولكن ليست لدي الكثير من الآمال لأننا لا نعرف من سيأتي بعد كاميرون.

هل ترحبون بالتدخل الأجنبي لو كان وراءه أهداف مشتركة مع الحكومة السورية؟

نحن نرحب بأية جهود لمحاربة الإرهاب في سوريا، ولكن بشرطين: الأول أن تكون هذه الجهود حقيقية وليس كما شاهدنا في شمال سوريا حيث فشلت ستون دولة في منع داعش من التمدد. في المقابل حقق التدخل الروسي عندما بدأ أواخر العام الماضي نتائج &على الأرض وأدى إلى انحسار داعش. وثانيا يجب أن تكون هذه الجهود بالتنسيق مع الحكومة الشرعية في سوريا وأنهم قادمون لمحاربة الإرهاب في سوريا وليس فقط من أجل محاربة الإرهاب والمتواجد في أماكن كثيرة حول العالم. سوريا دولة ذات سيادة ولديها حكومة شرعية، وبالتالي نحن نرحب بالجهود الدولية لمحاربة الإرهاب في سوريا تحت هذين الشرطين.

لقد قتل عدد من الأستراليين في القتال إما إلى جانب ميليشيات الأكراد في سوريا أو إلى جانب داعش. هل لديك رسالة ترغب في توجيهها لهؤلاء الشباب الذين دفعهم غضبهم لما يجري في سوريا للسفر من أسترليا والالتحاق بالحرب في سوريا؟

أكرر إجابتي السابقة. إذا كان هناك أجانب يأتون بدون إذن من الحكومة السورية فإن ذلك أمر غير شرعي سواء أرادوا محاربة الإرهابيين أو أية جهة أخرى. ونستطيع القول إنه غير شرعي.

رئيس الوزراء الأسترالي أشار إليك بالطاغية القاتل وقال إنكم مسؤولون عن قتل آلاف المدنيين الأبرياء. زعيم المعارضة الأسترالية وصفكم بالجزار.إلا أن الموقف الرسمي الأسترالي هو العمل معكم للتوصل إلى اتفاق سلام. كيف توافق بين هذين الموقفين المختلفين جدا؟

هذه في الواقع هي المعايير المزدوجة للغرب بشكل عام. هم يهاجموننا سياسيا ومن ثم يرسلون لنا مسؤوليهم للتعاطي معنا من تحت الطاولة وخصوصا الأمنيين منهم وبما فيهم حكومتكم. جميعهم يفعلون هذا ولكن من دون إزعاج الولايات المتحدة. فالمسؤولون الغربيون يكررون فقط ما تريده الولايات المتحدة قوله. هذا هو الواقع. أعتقد إذاً القول إن هذه التصريحات منفصلة عن واقعنا لأننا كحكومة وجيش ومؤسسات ورئيس نحارب الإرهاب. أما إذا أردت تسمية محاربة الإرهاب إجراما، فتلك مسألة أخرى.

لقد وافقت أستراليا على استقبال 12 ألف لاجئ سوري إضافي وقد وصل بعضهم بالفعل. هل لديكم رسالة للسوريين في أستراليا وغيرها من دول العالم والذين ما زالوا يقولون إنهم يحبون سوريا ويرغبون في العودة إليها؟

هذه نقطة مهمة. معظم اللاجئين السوريين يرغبون في العودة، وبالتالي فإن أي بلد قبلت دخولهم إلى أراضيها فهو أمر نرحب به باعتباره عملا إنسانيا. لكن هناك أمر أكثر إنسانية وأقل كلفة يمكنهم القيام به وهو مساعدة هؤلاء الأشخاص على البقاء في بلدهم ومساعدة الذين غادروا على العودة وذلك بالمساعدة بتحقيق الاستقرار في سوريا وعدم توفير أي دعم للإرهابيين. هذا ما يحتاجه اللاجئ السوري. يريد من الحكومات الغربية أن تتخذ قرارات حاسمة ضد ما تفعله بعض الدول لدعم الإرهابيين في سوريا &من أجل الإطاحة بالحكومة وحسب. ولولا ذلك لما غادر هؤلاء السوريون بلادهم. غالبيتهم لم يفعلوا ذلك لأنهم مع أو ضد الحكومة في سوريا بل بسبب صعوبة البقاء في سوريا هذه الأيام.

هل تأمل أن يعود هؤلاء الأشخاص إلى سوريا وهل ستسهل عودتهم؟

بكل تأكيد. لأن رحيل هؤلاء الأشخاص يعني خسارة مواردنا البشرية. كيف يمكن أن تبني بلدا دون موارد بشرية؟ معظم اللاجئين متعلمون ومدربون بشكل جيد ولديهم أعمال في سوريا في مختلف المجالات. أنت تخسر كل هؤلاء ونحن بالطبع بحاجة لهم.

تقول اللجنة الدولية للعدالة والمساءلة إن هناك آلاف الوثائق الحكومية التي تثبت أن حكومتكم أقرت اللجوء إلى التعذيب والقتل في حق المعارضين وعلى نطاق واسع. كيف تقول إنه لم يتم ارتكاب أية جرائم إزاء كل هذه الوثائق؟ أشير أيضا إلى مؤسسات حقوقية مستقلة تنتقد الاستهداف المتعمد للمستشفيات. هل تقرون بأن بعض الأخطاء قد ارتكبت في استهدافكم بعض المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة؟

أنت تتحدث عن أمرين مختلفين. الأول يتعلق بالتقارير، والتقرير الأهم من بينها تم تمويله من قطر من أجل تشويه سمعة الحكومة السورية وليس لديهم أي دليل على من التقط تلك الصور ولا إلى هوية الضحايا الذين يظهرون في تلك الصور. تستطيع اليوم أن تزور أي شيء باستخدام الحاسوب وبالتالي فهذه التقارير لا تتمتع بالمصداقية. الحديث عن مهاجمة المستشفيات والمدنيين، والسؤال البسيط هنا: لماذا نفعل ذلك؟ الأزمة في سوريا بدأت برمتها عندما أراد الإرهابيون كسب تعاطف السوريين ومن دون شك مهاجمة المستشفيات يصب في مصلحة الإرهابيين. وإذا وضعنا المبادئ والقيم جانبا وتحدثنا عن المصالح فقط، فإنه لا مصلحة لأية حكومة بقتل مدنيين أو مهاجمة المستشفيات. وعموما فإن هاجمت مستشفى فبإمكانك استخدام مبنى آخر وتحويله إلى مستشفى. هذه ادعاءات وافتراءات تفتقر إلى المصداقية. نحن لا نزال نرسل اللقاحات إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الإرهابيين. فكيف أرسل اللقاحات ثم أهاجم المستشفيات؟ هذا تناقض.

ما هي رؤيتكم لسوريا وكيف ترون الأمور بعد سنتين أو ثلاث سنوات؟

هل تعني سنتين بعد الأزمة؟ أعتقد أن أول ما نريد أن نراه هو عودة سوريا مستقرة كما كانت من قبل لأنها كانت أحد أكثر بلدان العالم استقرارًا وليس في منطقتنا وحسب. إذا تحقق الاستقرار فيمكن أن يكون لنا آمال آخرى ولكن ليس من دونه. بمعنى أنك إذا حققت الاستقرار فسيكون عليك بعدها التعامل مع الجيل الجديد الذي عايش القتل ورأى التطرف أو تعلمه أو تمت تعبئته عقائديا من قبل المجموعات المرتبطة بالقاعدة وما إلى ذلك. هذا تحد آخر. والتحدي الثالث يكون في استعادة تلك الموارد البشرية والتي تحولت إلى لاجئين من أجل إعادة بناء سوريا. أما إعادة بناء المباني والبنى التحتية فهو أمر سهل جدا ونحن كسوريين قادرون على ذلك. أما التحدي فيتعلق بالجيل الجديد

برأيك، كيف سيحكم التاريخ على فترة رئاستكم لسوريا؟

أمنيتي أن يقول التاريخ إنني الشخص الذي أنقذ بلاده من الإرهابيين ومن التدخل الأجنبي. هذا ما أتمناه وكل ما دون ذلك سيترك لحكم الشعب السوري. لكن هذه هي أمنيتي الوحيدة.