حذر خبراء الطب والمواصلات في ألمانيا من عواقب السماح لمرضى تشمع الكبد، البالغ عددهم نحو مليون شخص في ألمانيا، بقيادة السيارات. وقال الخبراء إن السموم التي تتجمع في الكبد بسبب التشمع تؤثر في الأعصاب وتضعف نظر وتركيز المرضى.

برلين: تحدث يوزيف منتزل، من عيادة انغولشتادت الطبية، عن 2,5 مليون ألماني يعاني من أمراض الكبد، منهم نحو المليون يعانون من تشمع الكبد. وأضاف منتزل، المتخصص في أمراض الكبد، ان معظم المصابين بتشمع الكبد يبلغون خلال سنوات قليلة مرحلة "الاعتلال الدماغي" (انسيفالوباثي)، التي لا تعني سوى عجز الدماغ عن التنسيق بين الحواس وردود فعل اليدين والقدمين.

إلى ذلك، فإن قيادة السيارة من قبل المعانين من تشمع الكبد، بحسب رأي منتزل، تشكل خطورة على المرضى وعلى الآخرين على الطرقات، ولا بد حينها من وضع مفردات فحص جديد للتأكد من سلامة صحة المصابين بهذا المرض.

غير مؤهلين&

وأشار منتزل إلى دراسة ألمانية سابقة من معهد يوليش تثبت ان 60% من المصابين بتشمع الكبد غير الكحولي غير قادرين تماماً على قيادة سيارة، أو يجدون صعوبات بالغة في ذلك(20%). وترتفع هذه النسبة إلى 80% بين المعانين من تشمع الكبد الكحولي، وفضلاً عن الفحوصات العصبية والمختبرية، يمكن لشرطي المرور أحيانا التأكد من وجود أعراض الاعتلال الدماغي من خلال فحص المشي على خط مستقيم أو الربط بين الأعداد أو ربما الطلب من السائق المريض القيادة خلفه بدقة.

شملت الدراسة 51 مريضاً يعانون من تشمع الكبد بدرجات مختلفة، وتمت مراقبة قيادتهم للسيارة بواسطة الكاميرا، وبمرافقة معلم سياقة. وفعلاً ارتكب المصابون باعتلال الدماغ أخطاء خطيرة اثبتتها تحليلات أفلام الفيديو في الحال.

ويؤكد منتزل أن خطر الحوادث الأساسي عند مرضى تشمع الكبد ينجم عن تراكم السموم في الأعصاب، وهي حالة تجعل العين بصيرة والرجل قصيرة، لأن العين ترى اشارة المرور الحمراء، لكن استجابة القدم التي تضغط على الفرامل تأتي متأخرة. وتتشابه هذه الحالة مع بقية الحالات المسببة للحوادث، الناجمة عن تأخر استجابة الأطراف لنداءات الدماغ، والتي تمتد بين الثمالة، الإرهاق والنعاس والدوار الناجم عن تأثير الأدوية القوية.

اضطراب&

من ناحيته، أكد البروفيسور ديتريش هويسنغر، رئيس قسم الباطنية في عيادة جامعة دسلدورف، أن معظم المعانين من تشمع الكبد غير جديرين بقيادة السيارات. وقال هويسنغر إن تشمع الكبد يحدث اضطرابات في عملية الاستقلاب تنتج عنها مواد سامة تتراكم في نهايات الأعصاب وتؤدي إلى اضعاف استجابة أعضاء الجسم للمحفزات العصبية. وعبر الباحث عن قلقه من تأخر تشخيص حالة تشمع الكبد، لأن من الصعب تشخيص انعكاساتها على الأعصاب في البداية. إذ لا تظهر أعراض المرض، مثل الإرهاق والنعاس الدائم وضعف التركيز والذاكرة، إلا بعد تقدم الحالة.

وإذا كان الخبراء الألمان قد شخصوا علاقة تشمع الكبد بالقدرة على قيادة السيارات من خلال امتحان قيادة السيارة، فإن العلماء اليابانيون سبقوهم في الكشف عن ضعف قدرة المرضى على التفريق بين العلامات المرورية. وتوصلت الدراسة الألمانية كما عرفنا إلى أن 80% من مرضى تشمع الكبد الكحولي غير مؤهلين لقيادة السيارة، في حين توصلت دراسة يابانية مماثلة إلى أن 33% من هؤلاء المرضى غير مؤهلين للالتزام بتعليمات المرور.

فحص مروري&

والمشكلة هي أن وزارة النقل الألمانية لم تضع فحصاً معيناً للمصابين بتشمع الكبد حتى الآن، بحسب اعتراف الكسندر بروتان المتحدث الرسمي باسم الوزارة. وقال بروتان إن القضية تتعلق حتى الآن بمدى وعي المصاب واستعداده للاعتراف أمام سلطات المرور بمعاناته من المرض. كما أن قانون المهنة وقانون صيانة المعطيات الشخصية يمنعان الأطباء من كشف أمراض زوار عياداتهم.

ولهذا، فقد عمل أطباء دسلدورف المختصون بأمراض الكبد، مع خبراء معهد يوليش للأبحاث، ومع &دائرة المرور ببرلين، على وضع طريقة علمية للكشف عن سرعة استجابة اليدين والقدمين للإيعازات الصادرة عن الدماغ عند المعانين من تشمع الكبد. وقال هويسنغر إن الطريقة تعتمد ارسال موجات ضوئية متقطعة بتردد معين إلى العين تضمن تشخيص أي تلكؤ صغير للأطراف في الاستجابة لإيعازات الدماغ. ويجري بالطبع تسجيل الزمن الذي تستغرقه القدم في الاستجابة للإيعاز الصادر عن الضوء بواسطة الكومبيوتر. فيما يدأب العلماء حاليًا على وضع مقاييس حد أدنى وأعلى لزمن الاستجابة، ومن ثم تعميمها على سلطات المرور في نهاية هذا العام.
&