تسارع النمو الاقتصادي في الفترة التي سبقت استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي، وفي الربع الثاني، حيث شهد قطاع الخدمات نمواً قوياً لا سيما البيع بالتجزئة.

لندن: نما الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.6% في ثلاثة أشهر حتى نهاية يونيو، حيث أن النمو الاقتصادي قد تسارع في الفترة التي سبقت استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي، وفي الربع الثاني، فاقت سرعة نمو الناتج المحلي الإجمالي التوقعات فتخطّت نسبة الـ 0.4% المسجّلة في الربع الأول من العام، وفقاً للمكتب الوطني للإحصاء، قبل استفتاء الخروج من الاتحاد الاوروبي ، وفي الربع الثاني، ولكن، حتى الآن شهد أبريل النمو الأكبر ثم سجّل شهرا مايو ويونيو تراجعاً ملحوظاً، وقد نما الاقتصاد بنسبة 2.2% سنوياً. وما عزّز هذا الانتعاش في النشاط الاقتصادي، هو التحسن الأكبر في الإنتاج الصناعي منذ العام 1999 خصوصاً في مصانع السيارات وشركات الأدوية.

موقع القوة

وأشار كبير الاقتصاديين في المكتب الوطني للإحصاء جو غريس إلى أنّه بالإضافة إلى الأرباح الصناعية، فقد شهد قطاع الخدمات نمواً قوياً لا سيما البيع بالتجزئة، وأضاف "يبدو أنّ أي اضطرابات وقعت قبل الاستفتاء لها آثار محدودة. فقد ذكر عدد قليل من المشاركين في استطلاعات الرأي التي قام بها المكتب أنّ اضطرابات مماثلة تؤثر سلباً في أعمالهم، أما خبراء الاقتصاد، بمن فيهم العاملون في مصرف إنكلترا، فقد قدّروا أن تبلغ نسبة النمو في الربع الثاني من السنة 0.5% تقريباً.

وقال وزير المالية البريطانية فيليب هاموند إنّ الأرقام التي تخطّت التوقعات أثبتت متانة أسس الاقتصاد البريطاني. وأضاف "من الواضح أننا ندخل في مفاوضات مغادرة الاتحاد الأوروبي من موقع قوة إقتصادية ". لكنّه صرّح قائلاً للمحرر الاقتصادي في الـ بي بي سي كمال أحمد إنّه "من المبكر جداً أن نحدّد كيفية استجابة الاقتصاد لنتيجة الاستفتاء.

وأفاد وزير الخزانة في حكومة الظل جون ماكدونيل أنّ الأرقام مرتبطة بشكل ضعيف بموقع العمال الاقتصادي. واليوم، تُظهر أرقام الناتج المحلي الإجمالي تناقضاً صارخاً مع الأخبار المحبطة حول الأجور الحقيقية التي تبقى أقلّ بـ 10% من المستوى المحقق في العام 2007. إنّ فشل سياسة التقشف التي اعتمدها حزب التوري كانت نتيجته عقداً ضائعاً من العائدات، واختبار الأسر العادية التراجع الأسوأ في مستويات المعيشة في هذا العصر”، في هذا الربع، نما الإنتاج الصناعي، بما فيه التصنيع، بنسبة 2.1%. أما قطاع الخدمات الذي يحتل الجزء الأكبر من الاقتصاد البريطاني فقد نما بنسبة 0.5% بينما تراجع قطاع البناء بنسبة 0.4% والزراعة بنسبة 1%.

وفي أبريل، قفز الانتاج الصناعي بنسبة 2.1% بالمقارنة مع الشهر نفسه من السنة الماضية، لكنّه هبط بنسبة 0.5% في مايو ليرتفع مجدداً في شهر يونيو بنسبة 0.2% فقط، وانطلق قطاع الخدمات بقوة في بداية الربع الثاني من السنة، حيث ارتفع بنسبة 0.6% في أبريل قبل أن ينخفض بنسبة 0.1% في مايو ثم يرتفع بنسبة 0.1% في يونيو.

تحليلات وتوقعات

وفي تحليله للوضع الاقتصادي في بريطانيا، لفت كمال أحمد، المحرر الاقتصادي في الـ بي بي سي، إلى أنّ النظر إلى الماضي لا يساعدنا دوماً على توقّع ما ينتظرنا في المستقبل، إذاً فأرقام النمو الاقتصادي التي شهدها الربع الثاني من السنة هي مجرد تحقق سريع من الطريق التي اجتزناها وليس لقطة جديدة للمكان والزمان الحاليين. واعتبر أنّ هذا مجرد تقييم أولي للوضع، وأنّ بيانات نهاية الربع الثاني من السنة لن تصبح أكيدة إلا بعد نشر "المراجعة" في الأسابيع القليلة المقبلة، فالأرقام التي بين أيدينا لا تحتوي الكثير من المعلومات حول ما حدث للاقتصاد في مرحلة ما بعد الاستفتاء.

وبالطبع، فإنّ بعض التوقعات متشائمة. فالمعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية يرى أنّ الاقتصاد متجه نحو تراجع ملحوظ في النصف الثاني من السنة. كما أنّ استطلاعات للرأي أجريت الأسبوع الماضي، بيّنت أنّ قطاع البيع بالتجزئة يعاني بعد الاستفتاء، حيث تراجع في يوليو بوتيرة أسرع من أي وقت مضى في السنوات الأربع الماضية. وبحسب مؤشرات مديري المشتريات (PMIs)، إنّ النشاط الاقتصادي هبط بشكل حاد بعد الاستفتاء.

لكنّ المحللين حذروا من استخدام أرقام الربع الثاني كمقياس لتأثير نتائج البركسيت، إذ إنّها لا تتضمّن إلا تقديرات أسبوع واحد بعد الاستفتاء. وبالنسبة إلى غرفة التجارة البريطانية (BCC)، "فمن المبكر استخلاص نتائج أكيدة حول الآفاق المستقبلية لنمو بريطانيا، وتجدر الإشارة إلى أنّ نسبة مساهمة قطاع التصنيع مشجّعة، لكنّ الاقتصاد البريطاني يعتمد على قطاع الخدمات لتحقيق النمو"، أما بن بروتل وهو خبير اقتصادي مهم في هارجريفز لانسداون، فقال إنّ "أرقام الناتج المحلي الإجمالي لا تؤخذ كدليل على الجو الحالي، ولكن ما تظهره هو غياب المخاوف قبل استفتاء خروج بريطانيا، ما يعني أنّه في حال أصبح انحسار التوقعات واقعاً ملموساً سنكون أقلّه ننطلق من موقع قوة نسبية."

اعدت "إيلاف" هذه المادة عن صحيفة بي بي سي البريطانية

المادة الأصل هنا