يعتقد 75% من الألمان ان بلادهم دشنت عصر الطب الرقمي منذ عشر سنوات، وان التطبيقات الطبية على السمارتفون ستشمل البشرية كافة خلال عشر سنوات من الآن.

برلين: دخل "الطب اللاسلكي" (الرقمي) مرحلة جديدة من خلال الثورة التقنية الكبيرة في صناعة الأجهزة، وتطور التقنية النانوية، وإنتاج المواد "الذكية" الجديدة. وتشير الدلائل كافة إلى أن أجهزة التشخيص في الطب الرقمي تنتقل بسرعة من المستشفى إلى عيادة الطبيب ومن ثم إلى غرفة المريض.

وتظهر دراسة أجرتها شركة التأمين الصحية الألمانية للتقنيين، التي تؤمن نحو10 ملايين ألماني صحياً، ان "التيليميديسن" قطع أشواطاً كبيرة في العقد الأخير. ويرى 86% ممن شملتهم الدراسة ان الطب الرقمي سيفرض نفسه على حياة البشرية قريباً، لكنهم عبروا أيضاً عن مخاوفهم من عدم وجود ضوابط لهذه العملية، كما يخشون من تسرب معطياتهم الشخصية على الانترنت اثناء استخدام الطب الرقمي.

وذكر ينز باس، من شركة التأمين، ان الحديث لا يجري الآن عن كيفية التعامل مع طب التيليميديسن، لأن البشرية تخطت هذا المرحلة، الحديث يدور الآن حول كيفية تطبيقها بأسلم طريقة لشركات التأمين والمرضى على حد سواء. وأكد ان الهدف من الدراسة هو تحسين الوضع الصحي للمواطن من خلال تقنيات الطب الرقمي المتاحة. وأجريت الدراسة بمناسبة مرور 125 سنة على تأسيس الشركة، التي تريد اثبات انها لم تتخلف عن العلم، وانها لن تتردد في ركوب موجته الرقمية في المجال الطبي.

سيشمل الجميع

يحمل أكثر من 90% من الشباب الألمان جهاز سمارتفون، وترتفع هذه النسبة إلى 50% بين الفئة العمرية50-70 سنة، وهذا يعني ان الطب الرقمي يمكن أن يشمل غالبية الألمان الآن. فكل شيء يتم عبر السمارتفون، ولايحتاج المريض المسن، أو الشاب، سوى إلى هاردوير (جهاز) ينقل البيانات الطبية عبر السمارتفون إلى الطبيب أو المستشفى.

ويرى 92% ممن شملهم استفتاء الشركة ان التيليميدسن، بما في ذلك التشخيص ووصف العقاقير، سيفرض نفسه على الجميع خلال فترة 10سنوات. وترى نسبة 86% ان نسبة عالية من البشر ستستخدم تطبيقات طبية على هواتفها الجوالة في التشخيص والرقابة الصحية أيضاً. إضافة إلى نسبة 75% ترى ان العلاج عبر التيليميدسن ممكن خلال عقد من السنين. وتشهد البشرية اليوم إجراء عمليات جراحية تصور بالسمارتفون عبر آلاف الكيلومترات.

وإذ تعبر هذه النسب عن واقعية في التقدير، إلا أن من شملهم الاستفتاء كانوا واعين أيضًا "للأعراض الجانبية" للطب الرقمي. إذ قالت نسبة الثلث انها تخشى من تسرب المعطيات الشخصية عنها في الشبكة العنكبوتية، كما قالت نسبة 25% أنها لن تركب موجة الطب الرقمي ما لم تضع الحكومات، وليس شركات التأمين الصحي، تعليمات وقوانين مباشرة تنظم العملية وتحفظ أسرار المرضى.

المعطيات الشخصية&

ولم تتفاجأ شركة تأمين التقنيين حينما عبّر ثلث المؤمنين فيها عن رغبتهم في كتم المعلومات الصحية الخاصة بهم عن شركة التأمين نفسها. إلا ان الخوف من تبعات المرض دفعت نسبة 63% ممن شملهم الاستطلاع، للقول انهم يسمحون بتسرب البيانات الشخصية في الانترنت لو ان التشخيص يخص مرضاً خطيراً.

وترى شركة التأمين الصحي حلاً لمشكلة البيانات الشخصية، تتمثل بفتح "ملفات صحية إلكترونية" مؤمنة جيداً ضد المتلاعبين لكل مريض. وبعد أن سادت الآن بطاقة التأمين الإلكترونية، من الممكن تصميم "وصفات طبية إلكترونية" يصعب اختراقها. ولا بأس أن تفرض وزارة الصحة الألمانية شرطًا على شركات التأمين يلزمها بفتح مثل هذه الملفات. وهي ملفات آمنة يسمح للمريض نفسه بتقرير ما يريد كشفه وما لا يريد كشفه منها على الانترنت.

وعلق كارستن نويمان، من معهد الاقتصاد الصحي الألماني، على الدراسة بالقول إن "الملف السري" على الانترنت لا يكفي لحفظ البيانات الشخصية، لأن معظم التطبيقات الطبية تجري عبر السمارتفون. ولا بد حينها من عقود خاصة تلزم منتجي هذه التطبيقات بتوفير الحماية للبيانات الشخصية.&

وكمثل، فإن شركة "سونور ميد" الألمانية انتجت تطبيقاً خاصة لعلاج طنين الأذن عبر السمارتفون باسم "تينيتي تراك". لكن وزارة الصحة الزمت الشركة الهامبورغية بتوقيع عقد مع المريض يلزمها بتأمين عدم تعرض التطبيق للسرقة أو العبث أو الاستغلال للاطلاع على المعطيات الشخصية لمستخدم السمارتفون.

نعل ذكي

نماذج من التطبيقات الطبية الحديثة عرضت في مؤتمر اتحاد شركات الصناعة والإلكترونية الألمانية في آخن (غرب) قبل أيام. وبين المنتجات التي عرضتها الشركات نعل حذاء ذكي ينظم الحركة الجسدية للإنسان، صدرية انقاذ مزودة بجهاز لتحديد المواقع، جهاز جديد لقياس ضغط الدم وتنظيمه ونظام جديد لمعالجة المعانين من صرير الاسنان ليلاً أثناء النوم. وغني عن القول إن كل هذه المنتجات تستخدم السمارتفون كي تخبر الطبيب أو المستشفى عن الوصع الصحي لمستخدمها.

وذكر البروفيسور هاينز جورج شولز من شركة "سيندسور" في المؤتمر أن الوقاية هي خير علاج لجلطات القلب. ووصف شولز هذه الوقاية على أنها مشي الإنسان لـ 2000 خطوة إضافية على المعدل اليومي الذي يمشيه. ويمكن لهذه المسافة أن تضمن للإنسان، وخصوصاً من تعدى عمره الخمسين، أن يفقد شيئاً من وزنه وأن يحمي قلبه من الجلطات. ولهذا فقد صنعت شركة "سيندسور" نعلاً ذكياً يحصي خطوات الإنسان، ينسق حركة عضلات قدميه وساقيه، ويقيس النبض والضغط بواسطة مجسات بيولوجية وفيزيائية، وينقلها عبر الهاتف الجوال إلى الطبيب أو المستشفى. وقال شولز بوجود عدة موديلات من هذا النعل، خصص بعضها لتدريب الرياضيين أيضاً، ويمكن تحميل البرامج إليها من الانترنت بواسطة كومبيوتر.

وللمعانين من الربو وأمراض القصبات المزمنة، عرضت شركة "سيندسور" جهازاً يجمع بين التشخيص والعلاج والتقنية اللاسلكية. وهو جهاز من اختراع البروفيسور هانز جورج جروبر من جامعة ميونخ التقنية ويمكن أن يعين اكثر من 10% من الألمان ممن يعانون&أمراض الرئة المزمنة مثل الربو. والجهاز عبارة عن نظام يجمع جهاز استنشاق الدواء، تقنية قياس كفاءة الرئتين وجهاز الهاتف النقال لكي ينقل المعطيات مباشرة إلى المستشفى.

عضّاضة إلكترونية

ونظام "حارس النوم" هو طريقة لمساعدة المعانين من حالة صرير الأسنان عند النوم. فصرير الاسنان يؤدي إلى تعرية طبقة ميناء الاسنان، ويصيب عضلات الفكين والوجه بالتعب، يسبب الصداع ويقلق النوم. ويعود الفضل في حارس النوم إلى شريحة إلكتروية مرنة اسمها "بيو بايتBioBite"، تحتوي جهاز استشعار حساساً ضد الضغط (العض) ويخبر المريض والطبيب عبر السمارتفون عن حالة صرير الاسنان وضرورة الاستيقاظ لوقفها.

وتجري حالياً تجربة "العضّاضة الإلكترونية" بيو بايت في بعض عيادات طب الأسنان في بافاريا (جنوب). ويعمل بيرنهارد فولف وفريق عمله لتطوير التقنية بغية استخدامها مستقبلاً للكشف عن السكر في الدم من خلال العينات التي تقيسها بيو بايت بواسطة تقنية استشعار بيولوجية.

وصدرية الانقاذ الذكية من شركة "نوت ياكة" مزودة بنظام إلكتروني يكشف موقع الشخص (الغريق مثلًا) في البحر. كما أنها تتيح لملابسه فرصة إرسال الرسائل الإلكترونية وإخبار العالم الخارجي عن الوضع الصحي للغريق من خلال أجهزة الاستشعار التي تقيس الضغط والنبض. والصدرية مزودة بشاشة مرنة مضادة للماء وهاتف نقال مخبأ داخلها يتولى نقل المعطيات لاسلكيًا.
&