إيلاف من الرياض:&مرَّ أكثر من عام& ولا يزال الجدل بشأن توقيع الاتفاق النووي مع إيران والذي وصف وقتها بالتاريخي قائمًا، فطهران لم تنتقل&من محور الشر إلى الاندماج في المجتمع الدولي كما كان مؤملا،&بل زادت من سلوكها التهديدي&ومن التدخلات وإثارة الفتنة الطائفية في دول المنطقة العربية، إضافة إلى تزايد الشكوك حول التزاماتها بالاتفاق النووي ، لاسيما بعد تجاربها على الصواريخ الباليستية، فضلا عن ظهور أدلة جديدة& حول تورطها في دعم غير مباشر للمتطرفين من& تنظيم القاعدة وطالبان.

محللون ربطوا عدم تغيير سلوك طهران بعد الاتفاق بالكثير من المسببات من بينها الأرضية الهشة التي بني عليها الاتفاق النووي اذ كان الفصل واضحا بين سلوك طهران العدواني وبين البرنامج النووي ، حيث قال الباحث السياسي ياسر العامر&إن بنود الاتفاق النووي لم تتضمن او تتطرق إلى الدور الإقليمي لإيران على المستوى السياسي ولا على مستوى تطبيع العلاقات مع أي طرف، مشيرا في حديثه لـ"إيلاف" إلى&ان الخلل الرئيس في الاتفاق يكمن في أنه لم يتضمن القضايا الأخرى كحقوق الإنسان ودعم الميليشيات والتي دأبت الإدارات الأميركية السابقة في التشديد عليها.

ادارة اوباما

وقال العامر إن إدارة اوباما&فرقت بين إيران الداعمة للإرهاب وإيران النووية، ونسيت أن المحصلة واحدة، فهناك ثمة عنف في النهاية إن كان نوويًا أو بطريقة أخرى، والرأي القائل إن الأمن القومي الأميركي استفاد من هذا الاتفاق، رأي غير منطقي،& فهل المنطقة أكثر أمانا بعد توقيع الاتفاق النووي، للأسف الاتفاق أضعف دور واشنطن في مواجهة إيران& في ملفات كثيرة مرتبطة بحلفائها في المنطقة، مثل الملف السوري، ملف الإرهاب، ملف حزب الله، ملف التدخل في العراق و اليمن وشؤون الخليج& وهو ما سوف يؤثر بشكل غير مباشر على الأمن القومي الأميركي.

وأوضح العامر أن إدارة اوباما تقول إن الاتفاق سيعدل من سلوك إيران ويجعلها مقبولة&في محيطها وهو ما&سيقوي&حظوة الجناح المعتدل في النظام الإيراني ويقيد الجناح المتشدد، لكن كل هذا لم يحدث فإيران زادت من سلوكها العدواني،& فمنذ توقيع الاتفاق قُطعت علاقاتها من نصف الدول العربية&وحدثت إدانة لإيران في منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية، وصنف حزب الله بأنه منظمة إرهابية،& إضافة إلى أن إيران مستمرة في إرسال المزيد من القوات إلى العراق و سوريا والتدخل في الشؤون الإقليمية، وهذا كله لا ينسجم مع تطمينات إدارة أوباما لحلفائها الخليجيين في كامب ديفيد في مايو 2015، وفي قمة الرياض في إبريل 2016 .

رهانات خاطئة

من جهته، قال الأكاديمي والمحلل السياسي سلطان المهدي، إن أوباما يدفع ثمن رهاناته الخاطئة على تحسًن نظام طهران ، فسنة كاملة على الاتفاق لا عنوان لها سوى الإحباط والشك و التهديدات الإيرانية للسلم في المنطقة ، مشيرا في حديثه لـ"ايلاف" إذا كانت الولايات المتحدة فصلت بين إيران النووية وإيران الإرهابية’ فهل هي مطمئنة تمامًا على&عدم قدرة& إيران على صناعة قنبلة نووية ، فالاتفاق لم ينهِ برنامج إيران النووي بل جمّده و بحسب المحللين فان إيران على عتبة أن تصبح دولة نووية& بعد عشر سنوات وهي مدة الاتفاق، وأضاف " الاتفاق للأسف أسهم في جعل النظام الإيراني يشعر بأنه مطلق اليد ، بمعنى انه أصبح باستطاعته أن يفعل ما يشاء

وقال المهدي ان بعض المراقبين& يقولون إن تلكؤ الغرب في رفع العقوبات عن إيران هو احد أسباب التصعيد الإيراني، و هذا منافٍ للحقيقة فالاتفاق النووي الإيراني كان محدودًا وهو متعلق& بتخصيب اليورانيوم وتفكيك المنشآت النووية ، والعقوبات التي رفعت هي المتصلة بهذا الأمر ، وهذا لا يعني أن العقوبات كلها سترفع ،& وهذا لا يعني أن التجارة في الغرب ستكون عادية مع إيران، فالاتفاق النووي& لن يتطرق إلى الأمور الأخرى ، لذا ما زالت هناك عقوبات مفروضة على إيران ، بشأن الصواريخ الباليستية واختباراتها، وبشأن أيضًا غسيل الأموال، وكل هذه لن تُرفع حتى تغير إيران سلوكها، ونأمل أن يكون عام بعد الاتفاق لاختبارات حسن نوايا لاسيما انه مر عام دون تحقيق شيء للطرفين ، والكل ينتظر أي تغيير في السلوك الإيراني.

استثمار الاتفاق

وحول قدرة روحاني على استثمار الاتفاق ليعود رئيسًا لإيران، استبعد المهدي ذلك، موضحا ان الاتفاق لم يعط إيران ما كانت تريده وتتمناه لاسيما في المجال الاقتصادي و هذا الوضع أدى إلى استمرار عدم اندماج إيران في النظام المالي الدولي، وهناك تيار يستغل هذه الظروف ليضغط باتجاه عدم تحسين علاقات إيران مع المجتمع الدولي، عبر اتهامات بالتخوين& لكل مَن يتعامل مع الخارج، وبالتالي أصبح هناك زيادة في التشدد لدى جناح الصقور داخل إيران للمحافظة على مواقعهم احتياطا من حصول ما كان يراهن عليه أوباما من انفتاح واعتدال وتغيير في السياسة ضمن صراع الأجنحة، وبالتالي الحديث عن عودة روحاني للرئاسة قضية ليست باليسيرة.

تجدر الإشارة إلى ان معهد واشنطن أصدر تقريرا سلط الضوء فيه على السلوك الإيراني خلال عام كامل واهتدى إلى أن التهديدات الإيرانية للسلم زادت ولم تنقص وهو ما انعكس على تصويت الكونغرس على شراء المياه الثقيلة من إيران وحديث أعضاء في الكونغرس عن رغبتهم في تعزيز قانون العقوبات يسمح بتمديد الحظر على إيران إلى العام 2031، أيضًا إلغاء صفقة بيع طائرات بوينغ لإيران بقيمة 24 مليار دولار مع تحذير لشركة بوينغ أنها ستكون مسؤولة عن نتائج استخدام هذه الطائرات من قبل الحرس الثوري لنقل السلاح والجنود للقتال في سوريا أو العراق وغيرها، وهذا الحظر سيمتد إلى شركة آير باص الأوروبية فأجزاء بعض طائراتها تصنع في أميركا.