إيلاف من نيويورك: لم يسبق لأي إدارة في البيت الأبيض ان شهدت هذا الكم الهائل من الاستقالات والاقالات في غضون فترة زمنية قصيرة.

وحدها إدارة الرئيس دونالد ترمب، فعلت فعلها في هذا السياق، وتصدرت اللوائح دون أي منافسة، ورغم ان الرئيس لم يكمل شهره التاسع في البيت الأبيض، غير ان مسؤولين كباراً رحلوا عن ادارته بإرادتهم أو بإرادة الآخرين.

ولعل إدارة الرئيس ترمب تعكس الى حد كبير حملته الانتخابية التي لم تعرف الإستقرار، فالمرشح الجمهوري يومها كان على الدوام يجري سلسلة تغييرات خصوصًا في منصب مدير الحملة الذي شغله بداية كوري ليفاندوفسكي ثم بول مانافورت لتعم الفوضى بعد ذلك ويأخذ ستيفن بانون وكيليان كونواي حصتهما في إدارة الحملة.

ماضي الحملة يخيم على البيت الابيض

ولعل ماضي الحملة لا يزال يحضر بقوة في البيت الأبيض من حيث التغييرات التي لن تتوقف عند خروج توم برايس من وزارة الصحة، فخروج الوزير الذي حمل دافعي الضرائب نفقات استخدام طائرة خاصة في تنقلاته هو حلقة من سلسلة طويلة لن تكتب لها نهاية قريبة.

ومع استقالة برايس قبل نهاية الأسبوع، فإن الأيام القادمة ستنتظر الخارج الجديد من البيت الأبيض، ولعل اللائحة تزدحم بالمرشحين من أصحاب الوزن الثقيل في الإدارة، وعلى رأس هؤلاء يأتي جاريد كوشنر صهر الرئيس المدلل.

جاريد أبرز المرشحين

زوج ايفانكا ترمب ولكونه الرجل القريب من الرئيس، فإن الأضواء تُسلط عليه من كل جانب، فأي حركة كبيرة او صغيرة يقوم بها يُسارع الاعلام للاضاءة عليها، وبعدما سماه ترمب كمبعوث شخصي له لعملية السلام في الشرق الأوسط، نقلت صحيفة محلية في كولورادوا خبرًا تم تناوله وفحواه، ان جاريد كوشنر الذي امضى عطلة للتزلج في جبال كولورادوا ابلغ احد المقربين منه انه مهتم بالملف الذي اولاه إياه ترمب، وانه بدأ فعلا يبحث عن مخارج لعملية السلام، ولهذه الغاية قام اثناء تنقله في مصعد التزلج الى البحث على محرك غوغل عن الدول الموجودة في الشرق الأوسط حيث وجد اليمن والأردن.

أبرز محطات الفشل

ويواجه جاريد كوشنر ضغوطًا كبيرة، فهو جزء مهم من التحقيق الروسي، كما انه يتحمل مسؤولية كبيرة في النكسة التي مني بها ترمب عقب خسارة لوثر سترينج في انتخابات الاباما التمهيدية لعضوية مجلس الشيوخ، وفضلاً عن ذلك فإن قاعدة الرئيس الشعبية تمقت الصهر واعلامها يضعه في صف الديمقراطيين وجماعات المال الذين يريدون تخريب شعارات حملة المرشح الجمهوري، وفشل في تحقيق أي تقدم في ملف عملية السلام الذي اوكله إياه ترمب، وفوق ذلك كله جاءت قضية استخدامه لبريد خاص في المراسلات الرسمية لتشد الخناق اكثر عليه، فبات مستقبله في البيت الأبيض بخطر كبير.

كوهن مرشح ايضًا

 مهندس اقتصاد إدارة ترمب، غاري كوهن يواجه هو الاخر سيلاً من الانتقادات خصوصا في قضية الإصلاح الضريبي، والنظريات التي اطلقها مؤخرًا في هذا السياق، والجدير بالذكر ان كوشنر قام بتقديم كوهن الى ترمب بعد الانتخابات.

تيلرسون غير سعيد

وزير خارجية ترمب غير سعيد في منصبه، فالرجل الآتي من عالم الاعمال وإدارة اكسون موبيل وجد نفسه فجأة في حقول تعج بالالغام السياسية، ولا يكاد يحاول تفكيك لغم حتى تدوي صفارات الأنظار في مكان آخر من ايران الى قطر وكوريا الشمالية وفنزويلا وصولا إلى ما لا نهاية.

برايس الآخر

وبالتزامن مع غضب ترمب على توم برايس بسبب استخدامه الطائرة الخاصة وتحميل دافعي الضرائب نفقات تكاليفها، كُشف النقاب عن قضية ممماثلة بطلها ديفيد شولكين وزير شؤون المحاربين الذي استغل زيارة حكومية الى بريطانيا للقيام بمشاهدة مباريات التنس في ويمبلدون، والتسوق وزيارة الأماكن السياحية على حساب دافعي الضرائب انفسهم، ويواجه شولكين انتقادات وسائل الاعلام التي وضعته في مصاف برايس.

مستقبل مجهول

جيف سيشنز، وزير العدل الذي أراد اكثر من مرة تقديم استقالته لكنه تراجع بسبب ضغوطات حلفائه، لا يزال مستقبله في الإدارة مجهولاً، ولعل انتخابات ولايته الاباما اما قد تساهم في تثبيت موقعه ويدرك ترمب مدى حاجته الى وزير عدله المحافظ، او تخرجه رسميًا من الإدارة، ذلك ان ستيفن بانون خصم ترمب في انتخابات الولاية استخدم اسمه كثيرًا في حملات التسويق الانتخابية للقاضي روي مور.

ارتياح ماكماستر وقلق باول

وحده مستشار الامن القومي، هيربرت ماكماستر يمكنه تنفس الصعداء وسط هذه الكوكبة، فالجنرال الذي واجه اعتى الضغوطات منذ شهرين بات اليوم يستند إلى قوتين كبيرتين، وزير الدفاع جيمس ماتيس، ورئيس اركان موظفي البيت الأبيض جون كيلي، لكن الموقف المريح نسبيًا لماكماستر لا ينعكس على نائبته دينا حبيب باول التي افرد لها موقع بريتبارت منذ أيام صفحة رئيسية لمشاركتها في حفل بنيويورك الى جانب السياسية الفلسطينية حنان عشراوي منذ عدة أعوام.