دمشق: حققت قوات النظام السوري تقدماً السبت على حساب الفصائل الجهادية والمقاتلة في محافظة ادلب في شمال غرب البلاد، بسيطرتها على عدد من البلدات والقرى، تزامناً مع استمرار حركة نزوح السكان من المنطقة.

على جبهة أخرى قرب دمشق، صعدت قوات النظام قصفها للغوطة الشرقية المحاصرة، غداة هجوم شنته فصائل جهادية واسلامية في المنطقة، ما تسبب السبت بمقتل 14 مدنياً على الأقل، وفق حصيلة جديدة للمرصد السوري لحقوق الانسان.

في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، أفاد المرصد بـ"اشتباكات طاحنة" مستمرة منذ فجر السبت بين قوات النظام من جهة وهيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل مقاتلة من جهة اخرى.

وتدور منذ الاثنين معارك عنيفة بين الطرفين في المنطقة الحدودية بين محافظتي ادلب وحماة (وسط)، إثر هجوم واسع بدأته قوات النظام وتمكنت خلاله من التقدم داخل الحدود الادارية لمحافظة ادلب.

وتمكنت قوات النظام السبت وفق المرصد "من تحقيق تقدم جديد والسيطرة على عدد من البلدات والقرى في اطار هجومها الهادف للسيطرة على ريف ادلب الجنوبي الشرقي وتأمين طريق استراتيجي" محاذ له يربط مدينة حلب، ثاني أكبر مدن سوريا، بدمشق.

وتتركز المعارك التي يرافقها قصف سوري وروسي عنيف، في القرى والبلدات الواقعة في ريف حماة الشمالي الشرقي والمنطقة المحاذية لها في ريف ادلب الجنوبي الشرقي.

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" عن مصدر عسكري أن وحدات الجيش استعادت السيطرة على خمس بلدات وقرى وعلى عدد من التلال المجاورة في ريف حماة الشمالي الشرقي.

ودفعت المعارك المستمرة منذ نحو أسبوع مئات العائلات الى النزوح من مناطق الاشتباك وتلك المحاذية لها.

الأولاد يرتعبون

وشاهد مراسل فرانس برس السبت عشرات السيارات والشاحنات محملة بالمدنيين وحاجياتهم في طريقها من مناطق الاشتباك ومحيطها باتجاه الريف الشمالي ومدينة ادلب، في وقت نصب بعض النازحين خيماً في مناطق جرداء قريبة من مدينة معرة النعمان.

وقال أبو أحمد (65 عاماً) النازح من بلدة سنجار في ريف إدلب لفرانس برس "لا أعرف كيف أصف شعوري، بعد هذا العمر نترك أرضنا وبيتنا والماشية ونغادر من دون أن نعرف الى أين سنتجه".

وأوضح الرجل أثناء جلوسه قرب شاحنة صغيرة تقله وأفراد أسرته مع حاجياتهم "تعرضنا للقصف أكثر من مرة والجيش يأخذ كل يوم مناطق جديدة، لذلك لم نتمكن من البقاء فالأطفال يخافون من أصوات القصف".

ومع اقتراب المعارك، قرر أبو خالد، شاب في الثلاثينات، النزوح مع أسرته الى شمال مدينة معرة النعمان، حيث نصب خيمة في أرض قاحلة.

وقال لفرانس برس "بعدما اقترب الجيش منا وتعرضنا لقصف الطيران والقذائف، نزحنا الى ريف المعرة الشمالي موقتاً حتى نرتب وضعنا".

وتحدث عن حالة الذعر التي تعتري أطفاله موضحاً "أكثر ما دفعنا الى النزوح هم الاولاد الذين (...) يرتعبون كثيراً عند سماع دوي القصف والغارات".

وخرجت محافظة ادلب الحدودية مع تركيا عن سيطرة القوات الحكومية منذ 2015. وتسيطر هيئة تحرير الشام منذ أشهر على الجزء الأكبر من المحافظة، فيما يقتصر وجود الفصائل المقاتلة على مناطق أخرى محدودة فيها.

وشكلت إدلب خلال العامين الماضيين وجهة لمقاتلين معارضين ومدنيين تم اجلاؤهم من مناطق عدة في سوريا قبل أن تستعيد القوات الحكومية السيطرة عليها.

وتوقع محللون أن تشكل إدلب الهدف المقبل لقوات النظام وحليفته روسيا بعد الانتهاء من المعارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

قتلى في الغوطة

وتشكل محافظة ادلب مع أجزاء من محافظات محاذية لها إحدى مناطق اتفاق خفض التوتر الذي تم التوصل اليه في أيار/مايو في أستانا برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة. وبدأ سريان الاتفاق عملياً في ادلب في سبتمبر.

على جبهة أخرى قرب دمشق، كثفت قوات النظام السوري السبت قصفها المدفعي وغاراتها على مناطق عدة في الغوطة الشرقية المحاصرة والمشمولة أيضاً باتفاق خفض التوتر، ما ادى الى ارتفاع حصيلة القتلى الى 14 مدنياً، بينهم طفلان، بعد حصيلة أولية أفادت بمقتل سبعة مدنيين.

وقتل ستة من الضحايا جراء قصف مدفعي على بلدات أوتايا وكفربطنا والنشابية ومسرابا، فيما قتل الثمانية الآخرون جراء غارات جوية استهدفت مدينة حرستا.

وبين القتلى في حرستا ممرض قضى أثناء عمله على اسعاف مصابين جراء غارات سابقة على المدينة، بحسب المرصد.

ورجح المرصد ان ترتفع حصيلة القتلى لوجود 43 جريحا على الأقل.

ويأتي تصعيد القصف من قوات النظام، غداة شن جبهة تحرير الشام وفصائل اسلامية هجوماً على مواقع تحت سيطرة قوات النظام عند أطراف مدينة حرستا. 

وتحاصر قوات النظام الغوطة الشرقية بشكل محكم منذ العام 2013، ما تسبب بنقص خطير في المواد الغذائية والأدوية في المنطقة التي يقطنها نحو 400 ألف شخص. 

وتم اجلاء 29 مريضاً بحالة حرجة من المنطقة على دفعات خلال الاسبوع الحالي مقابل افراج الفصائل المقاتلة عن عدد مماثل من الأسرى كانوا محتجزين لديها، بموجب اتفاق مع قوات النظام.

وتشهد سوريا نزاعا دامياً تسبب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل أكثر من 340 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها.