نصر المجالي: لم يفجر أي بلد في العالم، وخاصة في الأربعين عاماً الأخيرة، تساؤلات واستفهامات واستنكارات مثلما فعلته إيران وكوريا الشمالية، وخصوصًا في مجال استعراض الانجازات العسكرية الفتاكة وخصوصًا منها "الباليستية".&

وينشغل العالم ووسائل إعلامه بما دأبت إيران على إنجازه والإعلان عنه منذ الثورة الإسلامية العام 1979 إلى اللحظة من أسلحة فتاكة وتقنيات عسكرية متطورة قادرة على مجابهة دول العالم مجتمعة، إضافة الى صواريخ بالستية وصلت إلى الفضاء، فضلاً عن طائرات شبحية من الجيل الخامس ومدمرات وغواصات... إلخ.&

وكلما وجدت إيران نفسها محاصرة من دول العالم، تجد ضالتها في الإعلان عن منجز عسكري جديد يخيف العالم، ويعزز "معنويات" شعبها في الداخل، في محاولة للقفز على كل الحقائق الحية التي يعاني منها الشعب الإيراني في الكبت وانتهاك الحريات والأزمات الاقتصادية بسبب العقوبات الاقتصادية المستمرة الناجمة عن أفعال نظامها الحاكم عبر عقود.&

رصد استخباري

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه في دوائر الرصد الاستخباري أو عبر المحللين السياسيين والإعلاميين والعسكريين، هو هل كل هذه المنجزات الإيرانية وخصوصًا "الصواريخ الباليستية الاستراتيجية" التي تعلن عن تجاربها بين حين وآخر حقيقية أم استعراضية ؟.&

ومثل هذا السؤال، طرحته (إيلاف) لقرّائها في استفتاء الأسبوع الماضي، ويبدو أن النتائج جاءت متوافقة إلى حد بعيد مع ما يقال بأن ما تعلن عنه الجمهورية الإسلامية ليس إلا "استعراضاً"، ولا تأثير استراتيجيًا له في مسائل الهجوم أو حتى الدفاع عن النفس، فضلاً عن "حالة الإدمان الإيرانية" على خلق الأعداء الوهميين حولها في إطار مسعاها لتشكيل حلمها أن تكون "بعبعاً" يخيف الجوار في شكل خاص.&

في الإجابة على استفتاء (إيلاف)، قالت ما نسبته 23 % (355 قارئًا) إن منظومات إيران الصاروخية الباليستية (حقيقية)، بينما رأت ما نسبته 77 % (1205) أنها (استعراضية).&

فضائح

وإلى ذلك، فإنه عبر السنين كان تم الكشف عن فضائح حول منجزات إيران العسكرية، وعلى سبيل المثال "فضيحة الطائرة الشبحية قاهر 313 التي اتضح أنها مجرد هيكل لا يملك حتى محركًا"، وكذلك "فضيحة المدفع عيار 90 ملم والدبابة التي تم نصبه عليها، وهي دبابة أميركية قديمة تعود للحرب العالمية الثانية".

وتقول تقارير استراتيجية إن أكثر ما يثير الاستغراب هو عرض الإيرانيين فيديوهات لبعض أسلحتهم على الرغم من الفشل الحقيقي لها في العمل في محاولة لاستغباء الناس، وأكبر مثال هو من مناوراتهم الأخيرة حيث عرضوا شريط فيديو لصاروخ باليستي يطلق من تحت الماء، ويظهر بوضوح فشله بعد اطلاقه في حين يعرضه الإيرانيون على أنه سلاح استراتيجي جديد.

كذلك عرضت ايران في وقت سابق لصور رأس صاروخ (خليج فارسي) المشتق من صاروخ (فاتح 110)، وفيها يظهر للعيان أن غطاء الرأس الباحث ليس سوى قطعة بلاستيكية غير مركبة باتقان.

الحذر واجب

وإلى ذلك، فإنه استنادًا الى مقولة "الحذر واجب"، فإنه على الرغم من كل ذلك و(الاستعراض) الذي تمارسه إيران، فإن الصواريخ الباليستية "الاستراتيجية" لـ «الحرس الثوري الإسلامي» تشكل بالنسبة لها الدعامة الأساسية لعقيدة الدفاع الإيرانية.&

ويقول محللون استراتيجيون إن القادة العسكريين الإيرانيين يحاولون التأثير على حسابات العدو من خلال تنوع الترسانة ونطاقها ومعدل الفتك الخاص بها ودقتها وقابليتها على الصمود.&

ويستند هؤلاء الى تأكيدات المرشد الأعلى الإيراني و"الحرس الثوري" والقيادات الإيرانية الدائمة أنهم لن يترددوا أبداً عن السعي لتحقيق الهيمنة الإقليمية، والسيطرة على تسعير النفط، أو مواجهة مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا، أو محاربة إسرائيل، أو تعزيز دور طهران القيادي في العالم الإسلامي، وأنهم لن يترددوا عن استخدام ترسانة الصواريخ عند الضرورة في كل من هذه الحالات.

&