أين تتم محاكمة نادر عساف المتهم بقتل الفليبينية في الكويت؟ هل تؤثر هذه القضية في العلاقات اللبنانية-الفليبينية؟ ما الوضع القانوني للعاملات الأجنبيات في لبنان وبعض الدول العربية؟ هذا بعض الإجابات.

إيلاف من بيروت: بعد توقيف اللبناني نادر عصام عساف المشتبه به مع زوجته السورية منى حسون بقتل الفليبينية جوانا ديمابيليس، التي عثر عليها قبل 18 يومًا جثة في ثلاجة داخل شقة كان الثنائي يستأجرانها في الكويت، وتركاها قبل نحو عام وأربعة أشهر، تطرح أسئلة كثيرة في هذا الخصوص، ومنها: ما الإجراءات القانونية المتبعة في هذا المجال؟ هل يُسلم عساف إلى الكويت أم يحاكم في لبنان؟ وهل تطالب السلطات الفليبينية بتسلمه ليحاكم في مانيلا؟ هل هناك أي تأثير لهذه القضية في العلاقات بين لبنان والفليبيبن وفي استقدام العاملات الفليبينيات إلى لبنان؟

سألت "إيلاف" الدكتور سليم صايغ، الخبير في القانون الدولي، هذه الأسئلة فقال: "في حال وجود اتفاق تبادل مطلوبين بين الكويت ولبنان، يتم تسليم الجاني لمحاكمته في الكويت. هناك ما يسمى الصلاحية المكانية بين البلدان، وأين ترتكب الجريمة، ومن خلال هذه الصلاحية يمكن محاكمة الجاني في بلده الأم، ولبنان يستطيع أن يطلب محاكمته في لبنان، وفي حال لم يكن الجاني يملك الجنسية الكويتية، فهو حكمًا سيحاكم في لبنان، لكن في كل الحالات لا يُحاكم مرتين".

جريمة فردية

ماذا عن مطالبة السلطات الفليبينية بمحاكمة الجاني في مانيلا؟ يرى الصايغ أن الجريمة حصلت على الأراضي الكويتية، والمحاكمة تتم في لبنان أو في الكويت، "والأمر منوط بجنسية الجاني، ومكان وقوع الجريمة، لا بجنسية المجني عليها، وبإمكان الفليبين تعيين محام بواسطة قنصليتها في بيروت للإستحصال على كافة حقوق المجني عليها".

مقتل الفلبينية في الكويت لن يؤثر على علاقة لبنان بالفليبين

بحسب صايغ، تبقى هذه الحادثة في إطارها الفردي، ولا تأثير لها في العلاقات اللبنانية-الفليبينية، والدولة اللبنانية غير مرتبطة بها، "وفي حال حصول انتهاك على الأراضي اللبنانية وتكرر هذا الأمر مرات عدة، وأصبحت منهجية، فقد يؤثر الأمر، بحكم أن لبنان لا يتابع الأمور لحفظ حقوق العاملات الأجنبيات فيه، وهناك حوار دائم بين لبنان والسفارة الفليبينية لتتم الأمور بحسب الأصول، حيث تكون هناك واجبات على المستخدم وحقوق للعامل".

يتابع صايغ: "يبقى الرأي العام في الفليبين هو المؤثر أيضًا من خلال الضغط على حكومته، لكن يجب ألا ننسى وجود مئات الآلاف من العاملين من الفليبيين خارج بلدهم، ويبقى الخوف إذا أخذ الموضوع أكبر من حجمه، وتجاوز بعده القانوني، لكن ليس من مصلحة الفليبين توسيع هذه القضية، بل يفضل أن تبقى ضمن إطارها الفردي".

حقوق العمالة الأجنبية 

من جهة أخرى، تطرح هذه القضية مسألة وضع العاملات الأجنبيات في لبنان والبلدان العربية ومدى حماية القانون اللبناني لحقوقهن.

يؤكد الخبير القانوني فيليب زيادة لـ "إيلاف" أن العائلات اللبنانية توظف أكثر من 200 ألف عاملة منزل مهاجرة، "يأتين في الدرجة الأولى من سريلانكا وأثيوبيا والفليبين والنيبال، وتهاجر هؤلاء النساء في العادة بموجب عقود عمل قصيرة الأجل، ويتم إجبارهن على العيش في منزل رب العمل كشرط لتأشيرة عملهن، ويرسلن معظم ما يكسبنه إلى أسرهن في بلادهن".

يشير زيادة إلى أن القضاء اللبناني قادر على حماية الحقوق الأساسية للعاملات، "ومع ذلك، فحتى اليوم لم يتم الوفاء بهذه الواجبات، ولا يزال النظام القضائي، وإن كانت هناك بعض الاستثناءات، غير متجاوب، ولا يقتصر مثل هذه المشكلات على عاملات المنازل المهاجرات، إذ يعاني الكثير من اللبنانيين أيضًا من الاعتقال الاحتياطي السابق للمحاكمة فترة طويلة، والمحاكمات المطولة، واكتظاظ المحاكم، ومع ذلك، تواجه عاملات المنازل المهاجرات عقبات معينة في الاستفادة من نظام العدالة".

يخفن الشكوى

بحسب زيادة، ثمة عوامل تدفع عاملات المنازل المهاجرات إلى الشكاوى ضد أرباب العمل، أو إلى قبول تسوية بشروط غير ملائمة، "كالافتقار إلى الدعم القضائي، والخوف من الاتهامات المضادة والاعتقال، وسياسة التأشيرات التقييدية التي تجعل من الصعب على عاملات المنازل المهاجرات البقاء في لبنان خلال فترة الدعاوى التي يمكن أن تستغرق أشهراً وسنوات، والحاجة إلى كسب المال لإعالة أسرهن، ورغبة العاملات اللواتي تعرضن للإساءة بالعودة إلى ديارهن سريعًا".

ويلفت إلى المدعين العامين لا يشرعون بالملاحقة القضائية إلا في حالات العنف الجسدي الجسيم المدعوم بتقارير طبية شاملة، وبذلك، الصفع والعنف اللغوي والتهديد الدائم غير مشمولين.

أما في الدول العربية، فالأردن عدّل قانون العمل لديه ليشمل عاملات المنازل، ضامنًا حمايتهن وفارضًا حصولهن على أجورهن الشهرية في حساباتهن المصرفية، وتمتعهن بيوم راحة أسبوعي، وبإجازة مرضية سنوية مدفوعة الأجر، وبتحديد ساعات العمل اليومي بعشر ساعات. كما أمرت البحرين بألا تمتد الفترة بين جلسات المحكمة أكثر من أسبوعين، لذا يتم فصل معظم القضايا في نحو ثلاثة أشهر، إذا لم تكن هناك طعون. يقول زيادة: "على السلطات اللبنانية القيام بعدد من الإصلاحات المحدّدة لضمان حقوق أكبر للعاملات في المنازل من المهاجرات".

مناشدات عمالية

إلا أن الوضع بين الكويت والفلبين مختلف، إذ طالب مئات من العمال الفلبينيين وزارة العمل والعمالة الفلبينية بإعادة النظر في قرار حظر إرسالهم إلى الكويت، الذي اتخذته بعيد الجريمة والذي دخل اسبوعه الخامس، تفاديًا لفقدانهم وظائفهم، محذرين من انعكاسات سلبية على علاقة مانيلا بدول مجلس التعاون الخليجي، وفق ما ورد في "السياسة" الكويتية. 

وناشد نحو 300 عامل وزير العمل والعمالة الفلبيني سيلفستر بيلو خلال اجتماعه معهم في مانيلا السعي إلى رفع الحظر، مؤكدين أنهم عمال مهرة، وأن قوانين العمل الكويتية تنطبق عليهم، وإن لم يلتحقوا بوظائفهم في الكويت فسيجدون صعوبة في توفير لقمة عيش لأسرهم. وبحسب "السياسة" نقلت صحف فلبينية عن مستشار التوظيف إيمانويل جيسلاني قوله إن العمال الفلبينيين المهرة الذين صدرت تأشيراتهم للتوجه إلى الكويت ولم يتمكنوا من الالتحاق بوظائف بعد قرار الحظر يوجهون نداءً عاجلاً إلى وزارة العمل للسماح لهم بالتوجه إلى الكويت.

ونبه جيسلاني إلى الآتي: "إذا استمر مأزق حظر إرسال العمال إلى الكويت إلى الشهر المقبل، فإن وكالات التوظيف تخشى أن تنتهي التأشيرات وغيرها من الوثائق المحددة زمنيًا، مثل الشهادة الطبية. وعندما يحدث ذلك، ربما يضطر العمال إلى البدء من الصفر للعمل في الخارج".

كما عبرت وكالات التوظيف عن خشيتها من أن تتأثر العلاقات الودية للفليبين بدول الخليج التي تستضيف 2.2 مليون فلبيني، وتبلغ التحويلات السنوية الإجمالية من العمال الفلبينيين هناك 28 مليار دولار..